مصر تجدد دعمها الكامل للسودان خلال الفترة الانتقالية

مباحثات موسعة لإنشاء منطقة صناعية مشتركة... وتطوير «مثلث الخرطوم»

TT

مصر تجدد دعمها الكامل للسودان خلال الفترة الانتقالية

جدّدت الحكومة المصرية تأكيدها على تقديم الدعم الكامل للسودان خلال الفترة الانتقالية. وعبّرت نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة المصرية، خلال زيارتها الخرطوم، أمس، عن ترحيب مجتمع الأعمال المصري بالدخول في شراكات مع نظيره السوداني، وفقاً للمشروعات الصناعية ومشروعات البنية التحتية التي يستهدفها السودان خلال الفترة المقبلة.
وتأتي زيارة الوزيرة المصرية على رأس وفد رفيع، في إطار مشاركة مصر كضيف شرف الدورة الـ38 لمعرض الخرطوم الدولي؛ حيث يشارك بالمعرض كثير من الشركات المصرية؛ بهدف المساهمة في تنمية العلاقات التجارية المشتركة بين مصر والسودان.
وخلال جلسة مباحثات موسعة، عقدتها الوزيرة جامع مع كل من مدني عباس مدني وزير الصناعة والتجارة، وهاشم محمد بن عوف وزير البنية التحتية والنقل السودانيين، في الخرطوم، قالت وزيرة التجارة والصناعة، إن المباحثات تناولت تطورات إنشاء المنطقة الصناعية المصرية بالسودان.
وكشفت عن الانتهاء من دراسة الجدوى الخاصة بالمنطقة، وجارٍ التنسيق مع الجانب السوداني لإدخال هذا الأمر حيز التنفيذ خلال المرحلة القريبة المقبلة، مؤكدة أن هذه المنطقة ستسهم في إقامة مشروعات صناعية مشتركة بين رجال القطاع الخاص في البلدين، وهو الأمر الذي يحقق مستهدفات حكومتي البلدين نحو التكامل الاقتصادي القائم على تحقيق المصلحة المشتركة للجانبين.
ودعت الجانب السوداني إلى عقد اجتماعات اللجنة التجارية المشتركة بالقاهرة لمناقشة الموضوعات الفنية المتعلقة بانسياب التجارة بين البلدين، منوهة بأن حجم التجارة بلغ العام الماضي 862 مليون دولار، منها 496 مليون دولار صادرات مصرية للسودان، و366 مليون دولار واردات؛ حيث تتضمن أهم بنود التبادل التجاري بين البلدين؛ الكيماويات والمنتجات المصنعة والآلات والمعدات والمواد الغذائية والمنسوجات ووسائل النقل والحيوانات الحية والمنتجات الزراعية. وأضافت أن اللقاء تناول بحث سبل قيام الجانب السوداني بتجديد التراخيص اللازمة للمركز التجاري المصري، والذي يسهم في توفير احتياجات السوق السودانية بأسعار أقل عن نظير استيراد تلك المنتجات من أسواق أخرى أعلى في التكلفة والوقت.
ولفتت جامع إلى ترحيب الوزارة بطلب الجانب السوداني بتدريب عدد من الكوادر السودانية العاملة في القطاعات الصناعية والصناعات الصغيرة والمتوسطة، مشيرة إلى أن مجالات التدريب المقترحة تشمل صناعة ودباغة الجلود والمصنوعات الجلدية فيما يتعلق بتطوير مختلف مراحل الدباغة والمصنوعات اليدوية ووصولاً للمنتج النهائي ونقل الخبرات في مجال تصميم المنتج والتطوير والابتكار للمنتجات الجلدية باستخدام برامج الكومبيوتر الحديثة والتصميم اليدوي.
وأضافت أن مجالات التدريب تتضمن أيضاً تطوير صناعة المنسوجات من خلال الاستغلال الأمثل للأقطان السودانية المتميزة وتوظيفها لإنتاج خيوط رفيعة وأقمشة ذات قيمة مضافة عالية وتطوير المنتج وتحسين الخواص الوظيفية للمنسوجات، مشيرة إلى أن هناك إمكانية لتعزيز التعاون بين الجانبين فيما يتعلق بتنمية قطاعي الألبان والصناعات الغذائية. وأشارت جامع إلى أن هناك إمكانية لتعزيز التعاون الصناعي بين البلدين في مجال الصناعات الدوائية، والذي من شأنه زيادة الصادرات المصرية للسودان من خلال توريد مدخلات الإنتاج الخاصة بصناعة الدواء.
ونقل بيان للوزيرة المصرية، عن عباس مدني وزير الصناعة السوداني، حرص بلاده على تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي مع مصر خاصة في المجال الصناعي؛ حيث يستهدف السودان خلال هذه المرحلة التركيز على إنتاج منتجات ذات قيمة مضافة عالية، وهو الأمر الذي يمكن تحقيقه عبر الشراكة بين القطاع الخاص المصري والسوداني.
وفيما يتعلق بتنمية العلاقات المشتركة بين مصر والسودان في مجالات البنية التحتية والنقل، أوضحت جامع أنها بحثت مع وزير البنية التحتية والنقل السوداني إمكانات مشاركة شركات القطاع الخاص المصرية بمشروع تطوير مثلث العاصمة السودانية، والذي يشمل مناطق الخرطوم وأم درمان وبحري، ويتضمن إعادة رصف الطرق وإنشاء عدة كباري وتجديد شبكات الصرف الصحي، مشيرة إلى إمكانية توفير الاحتياجات المطلوبة لتنفيذ تلك المشروعات من مصر، وهو ما سينعكس على زيادة الصادرات المصرية إلى السوق السودانية من بنود الخدمات إلى جانب فتح المجالات أمام الشركات المصرية لتنفيذ مشروعات إنشائية أخرى بالسودان.
وأضافت أن اللقاء تناول التعرف على مشروعات التنمية ذات الأولوية المتعلقة بإنفاذ متطلبات اتفاق سلام جوبا الموقع خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
بدوره، أكد هاشم محمد بن عوف وزير البنية التحتية والنقل، تطلع بلاده لتنفيذ مشروعات مشتركة مع مصر، خاصة في مجالات النقل النهري والبحري والبري والربط السككي بين السكك الحديدية في البلدين، فضلاً عن التعاون في مجالات صناعة السفن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».