روحاني يرمي كرة الخلاف النووي في ملعب بايدن

عناصر من مشاة «اللواء 65» للقوات الخاصة أو «القبعات الخضر» في ثاني أيام مناورات الجيش الإيراني قبالة خليج عمان (إ.ب.أ)
عناصر من مشاة «اللواء 65» للقوات الخاصة أو «القبعات الخضر» في ثاني أيام مناورات الجيش الإيراني قبالة خليج عمان (إ.ب.أ)
TT

روحاني يرمي كرة الخلاف النووي في ملعب بايدن

عناصر من مشاة «اللواء 65» للقوات الخاصة أو «القبعات الخضر» في ثاني أيام مناورات الجيش الإيراني قبالة خليج عمان (إ.ب.أ)
عناصر من مشاة «اللواء 65» للقوات الخاصة أو «القبعات الخضر» في ثاني أيام مناورات الجيش الإيراني قبالة خليج عمان (إ.ب.أ)

رمى الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، كرة الاتفاق النووي المشتعلة بتوترات متصاعدة بين طهران وواشنطن، في ملعب نظيره الأميركي الجديد جو بايدن، راهناً عودة طهران عن انتهاكاتها النووية، بالعودة إلى الاتفاق النووي والابتعاد عن عقوبات استراتيجية «الضغوط القصوى»، في وقت يريد فيه الفريق الجديد في البيت الأبيض اتفاقاً «أكثر ديمومة» يشمل برنامج طهران «الباليستي» ودورها الإقليمي المزعزع للاستقرار.
وتبادلت الحكومة الإيرانية والحكومة الأميركية الجديدة الرسائل حول شروط العودة للاتفاق النووي، في أقل من 24 ساعة على تنصيب جو بايدن خلفاً للرئيس السابق دونالد ترمب. وركزت المطالب الإيرانية على خفض «الضغوط القصوى» عبر رفع العقوبات، فيما يريد بايدن المضي قدماً في تنفيذ وعده بالعودة إلى الاتفاق إذا استأنفت طهران الالتزام الصارم به، تمهيداً لمحادثات أوسع بشأن أنشطة إيران النووية، وفي مجال الصواريخ الباليستية، ونشاطها الإقليمي. لكن إيران ترفض وقف برنامجها الصاروخي أو تغيير سياستها في المنطقة.
وقال روحاني في اجتماع لمجلس الوزراء بثه التلفزيون، قبل ساعات من تولي بايدن منصبه، إن «الكرة في ملعب الولايات المتحدة الآن. إذا عادت واشنطن إلى اتفاق إيران النووي لعام 2015، فإننا سنحترم أيضاً التزاماتنا تماماً بموجب الاتفاق». وتابع: «ما ننتظره من الإدارة الأميركية الجديدة هو العودة إلى العمل بالتزاماتها وفقاً للقانون، وأن تزيل خلال السنوات الأربع المقبلة إن استطاعت، جميع الصفحات السوداء التي خلفتها الإدارة السابقة خلال السنوات الأربع الماضية».
جاء ذلك بعد ساعات من كلمة أنتوني بلينكين، الذي اختاره بايدن وزيراً للخارجية، خلال جلسة المصادقة على تعيينه في مجلس الشيوخ أول من أمس، التي شدد فيها على أن الولايات المتحدة لن تتخذ قراراً سريعاً بشأن ما إذا كانت ستنضم مجدداً إلى الاتفاق، حسب «رويترز».
وأكد بلينكن أن الإدارة المقبلة مستعدة للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، شرط أن تفي طهران مجدداً بالتزاماتها. وقال إن بايدن «يعتقد أنه إذا عادت إيران للتقيد (بالاتفاق)، فنحن أيضاً سنتقيد به». ورأى أن الخروج من هذا الاتفاق؛ الذي أدانه باستمرار الحلفاء الأوروبيون لواشنطن، عزز التهديد النووي الإيراني وجعل طهران «أكثر خطورة». وأضاف: «لكننا سنلجأ إلى ذلك بوصفه نقطة انطلاق مع حلفائنا وشركائنا الذين سيكونون مجدداً إلى جانبنا، سعياً إلى اتفاق أقوى وأكثر ديمومة»، موضحاً أن ذلك يجب أن يشمل برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وكذلك «أنشطتها المزعزعة للاستقرار» في الشرق الأوسط.
وفيما يبدو رداً إيرانياً على بلينكن، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للتلفزيون الرسمي إن «الولايات المتحدة ودولاً غربية أخرى هي التي حولت منطقتنا إلى برميل بارود، وليس إيران»، حسب «رويترز».
وفي إشارة ضمنية لهذا الجانب، قال روحاني: «إذا كان هناك توقيع واحد في أميركا، فسيرون مقابله توقيعاً واحداً وليس أكثر»، وأضاف: «إذا أصدروا أمراً؛ فسنصدر أمراً».
من جانب آخر، قال روحاني: «انتهت مسيرة المستبد ترمب السياسية وحكمه المشؤوم اليوم، وسياسة (الضغوط القصوى) التي اتبعها مع إيران فشلت فشلاً تاماً... مات ترمب؛ لكن الاتفاق النووي لا يزال على قيد الحياة». وقال إن فترة حكمه «لم تثمر سوى الظلم والفساد وتسببت في المشكلات لشعبه والعالم».
أتى هجوم روحاني على خصومه في واشنطن غداة فرض عقوبات إيرانية على ترمب ووزراء ومستشارين عدة من إدارته شاركوا في حملته لممارسة «الضغط الأقصى». وتستهدف العقوبات خصوصاً وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الخزانة ستيفن منوتشين وكذلك وزير الدفاع مارك إسبر، والمديرة السابقة لـ«وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)» جينا هاسبل، ومستشار ترمب السابق لشؤون الأمن القومي جون بولتون، والمبعوث الأميركي الخاص لإيران برايان هوك، وخلفه إليوت أبرامز.
وتشمل هذه العقوبات منع السفر وتجميد أصول مالية لترمب ومسؤولين أميركيين آخرين مستهدفين، يُحتمل أن يكونوا يمتلكونها في إيران. واتُخذت هذه التدابير بموجب قانون صادر عام 2017 تحت عنوان «محاربة انتهاكات الحقوق الإنسانية ونزعة المغامرة والأعمال الإرهابية للولايات المتحدة في المنطقة»، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان أصدرته وزارة الخارجية الإيرانية.
وتصاعد التوتر بنسب متفاوتة وصلت إلى حافة الحرب، بين طهران وواشنطن، بعدما سحب ترمب بلاده من الاتفاق النووي، ودعا إلى اتفاق أشمل يتضمن «الصواريخ الباليستية» و«الدور الإقليمي»، فضلاً عن قيود مشددة.
وردت إيران على سياسة «الضغوط القصوى» التي انتهجها ترمب بخطة «الانسحاب التدريجي» من الاتفاق النووي، وبموجبها انتهكت قيوداً أساسية في الاتفاق النووي. وبعد اغتيال مسؤول رفيع في برنامجها النووي، هو نائب وزير الدفاع، محسن فخري زاده، بدأت طهران مرحلة ثانية من ثلم بنود الاتفاق النووي، ورفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة، وشرعت في بناء ملحقات جديدة تحت الأرض في منشأتي «نطنز» و«فردو»، وأبلغت الوكالة الدولية الأسبوع الماضي بأنها تنوي خفض مستوى التعاون مع الوكالة الدولية، معلنة تقدمها في أبحاث تعدين اليورانيوم.
وأول من أمس؛ قال الجنرال المتقاعد لويد أوستن، الذي اختاره بايدن لتولي وزارة الدفاع (بنتاغون)، إن إيران تمثل تهديداً للحلفاء في المنطقة وللقوات الأميركية المرابطة في الشرق الأوسط.
وقال أوستن خلال جلسة الاستماع في مجلس الشيوخ لمناقشة التصديق على تعيينه: «لا تزال إيران عنصراً مزعزعاً للاستقرار في المنطقة... تمثل تهديداً لشركائنا في المنطقة وللقوات التي ننشرها في المنطقة». وحذر من أنه «إذا حصلت إيران على قدرة نووية في أي وقت، فسيكون التعامل معها بشأن أي مشكلة في المنطقة أكثر صعوبة بسبب ذلك».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».