سلمان بن عبد العزيز.. ملك الوفاء للإنسان والأرض

بقي وفيًّا للملك عبد الله وسائر ملوك وأمراء الدولة السعودية

الملك سلمان بن عبد العزيز مع الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز
الملك سلمان بن عبد العزيز مع الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز
TT

سلمان بن عبد العزيز.. ملك الوفاء للإنسان والأرض

الملك سلمان بن عبد العزيز مع الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز
الملك سلمان بن عبد العزيز مع الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز

يمثل إحدى الخصال الكثيرة التي يتمتع بها الملك سلمان بن عبد العزيز سابع ملوك الدولة الحديثة، ويجزم كل من عرفه وعايشه، أن هذه الخصال الحميدة موجودة في «جينات الملك»، وهي بعيدة عن التكلف والاصطناع، وحب الظهور، والمواراة، بل إن مجالسي الملك ومرافقيه ومراجعيه وزائري مجلسه، يرونه كل يوم وهو يهاتف هذا مواسيا، وذلك مهنئا، ويطمئن على أصدقاء، وأن روى قصة أعطى الناس حقها، خصوصا أنه يتمتع بذاكرة مميزة للأسماء والأماكن، بل إن هؤلاء لمسوا أن وفاء الملك سلمان يمتد حتى بعيدا عن أواصر القربة، ويصل لكل من عرفهم وعرفوه، فمن شدة وفائه وقربه للناس تجد أن كل من عرفه يعتقد أنه هو الأقرب للملك سلمان بن عبد العزيز.
وتجسدت خصلة الوفاء عند الملك سلمان في كثير من المواقف والقصص التي يصعب حصرها، وتحديد زمنها وأبطالها، لكن الأمر لم يكن خافيا على من عرف الملك سلمان أو عايشه أو عمل معه، أو حتى من تابع نشاطاته، أو حضر مناسبات مختلفة التي رعاها الملك عندما كان أميرا للرياض ووليا للعهد، ووزيرا للدفاع.
واختصر الملك سلمان هذا الهاجس الذي لازمه منذ صغره عندما قال لأحدهم في مجلسه ذات يوم: إن من تراهم حولي من الشباب هم من أخذوا أماكن آبائهم الذين توفاهم الله، فمن وفى لا أضيع وفاءه، وأبقى له على العهد مع أبنائه. وكان أفضل تعبير عن وفاء الملك سلمان للأقرباء ملازمته لإخوانه من الملوك والأمراء: خالد، وفهد، وسلطان، ونايف، وسطام، وعبد الله عندما تعرضوا لعوارض صحية، وكانت الأكثر لفتا للنظر وبرزت للعالم واعتبرت أسمى معاني الوفاء بل وقمته من الملك سلمان لأخيه الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد أن لزم معايديه وزيارته كل يوم واستقبال الزائرين الذين قدموا للاطمئنان على صحة الملك الراحل، وتلقي مكالماتهم ورسائلهم، حتى إعلان وفاته، حيث كان حاضرا في حمل الجنازة من قصر الراحل إلى المسجد ومن ثم الصلاة عليه ليحمله إلى قبره ومواراته الثرى.
وفعل الملك سلمان ذات الفعل مع شقيقه الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز وهما اللذان نشأت بينهما منذ صغرهما علاقة متميزة ولافتة، ديدنها المحبة الصادقة والاحترام المتبادل، من خلال مرافقة سلمان لشقيقه سلطان في رحلته العلاجية، ثم النقاهية، خارج السعودية، وفي 3 محطات هي: أميركا، وأوروبا، والمغرب، وقد طال أمد الرحلة وطال غياب سلمان عن أهله ووطنه وأبنائه، ومعشوقته الرياض، كل هذا دفع الأمير سلطان إلى القول: «سلمان هو الأمير»
وعندما رحل الأمير سطام بن عبد العزيز، أمير الرياض السابق، بعد أن ترك خلفه حكاية جديدة من «الوفاء السلماني» الذي تجلى في أجمل صورة حين أعلن الملك سلمان بن عبد العزيز، أنّ عزاء الأمير سطام بن عبد العزيز سيكون في قصره العامر في العاصمة الرياض طوال فترة العزاء، في رسالة مفادها أن العزاء للوطن في الفقيد الأمير سطام وأن وفاءه لأخيه، سيبقى طويلا إلى بعد وفاته.
وهنا يقول لـ«الشرق الأوسط» صالح الجاسر، وهو الذي رافق الملك سلمان أكثر من عقدين ونصف: «من يعرف الملك سلمان يعرف مدى حرصه على الوطن بكافة أطيافه وحرصه على الوفاء لأهله وأبناء وطنه وعشقه للتاريخ وتذوقه الشعر واطلاعه المستمر على كل الأحداث».
ويضيف الجاسر أن طوال مرافقته للملك سلمان حينما كان أميرا للرياض ووليا للعهد، لم يتغير نهجه ونظامه لتجده قريبا من الناس ومتواصلا معهم معزيا أو مهنئا وله زيارات منتظمة للمرضى في المستشفيات للاطمئنان على صحتهم.
ويضيف الجاسر أن الملك سلمان أعجز الوفاء، فهو الذي رافق إخوانه الملوك والأمراء الذين انتقلوا إلى رحمة الله، أو من هم على قيد الحياة، حتى وفاؤه وتقديره لمن يكبره سنا أو لأخواته من الأميرات؛ بات أمرا مألوفا لكل من يرافق الملك سلمان في تحركاته؛ فهو الذي رافق الملك خالد بن عبد العزيز في مرضه حتى وفاته، ورافق الملك فهد في مرضه أيضا حتى وفاته، ولازم الملك عبد الله في جناحه الطبي حتى إعلان وفاته، كما رافق الأمير سلطان بن عبد العزيز حتى وفاته، والأمير نايف والأمير سطام.
ويقول الدكتور سليمان أبا الخيل، وزير الشؤون الإسلامية، إن وفاء الملك سلمان لإخوانه من الملوك والأمراء شده وأسره كغيره من المواطنين، وهو الأمر الذي يؤكد مدى عمق اللحمة والرحمة والترابط بين الأسرة الحاكمة وولاة الأمر الذي يعتبره من أجمل النعم التي أنعم الله بها على البلاد، وأضاف بقوله: «نشهد الله على ما نقول بأن الملك سلمان يعد في هذا العصر رمزا من رموز العطاء والعمل الإنساني الذي لا يعرف الحدود».
والوفاء عند الملك سلمان بن عبد العزيز أمر لا يمكن المساومة فيه، وما زال أبناء الوطن يذكرون كلمته بعد تولي الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم: «إذا كان الأمر رأيا قلنا رأينا فيه، أما إذا كان حديث الملك أمرا فأمر الملك أمر ينفذ»، وما زال المواطنون يتذكرون خطاب الملك سلمان حينما كان أميرا لمنطقة الرياض وذلك في احتفال أهالي الرياض قال: «لقد أثبت التاريخ أن هذه الأسرة أسرة تكاتف وتعاون وتواد ومحبة، وكان يقول القائلون في أواخر عهد الملك عبد العزيز: ماذا سيحل بهذه البلاد وهذه الأسرة بعد عبد العزيز ثم بعد سعود ثم بعد فيصل ثم بعد خالد ثم بعد فهد؟ والحمد لله أي إنسان يرصد الأوضاع ويعرفها يجد والحمد لله أن إخوتكم والحمد لله ملتفون حولكم يدا بيد وأسرتكم جميعا وشعبكم والحمد لله».
والملك سلمان كان دائما ما يؤكد قيمة وأهمية الوفاء، وهو الأمر الذي تجلى في خطابه أمام الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز في حفل أهالي الرياض عام 2005 حينما قال مخاطبا الملك عبد الله «يا خادم الحرمين الشريفين.. عندما نتحدث عن الوفاء فسأكون شاهد عيان.. لقد كنتم وفيين جدا لأخيكم المرحوم الملك فهد، خصوصا في فترة مرضه، وهذا والحمد لله ما تعودناه من هذه الأسرة وهذا الشعب».
ووفاء وحب الملك سلمان بن عبد العزيز، يمتد لأرجاء الوطن بكافة شرائحه وأطيافه ومدنه، وهو العاشق والمغرم بهذا البلد، إذ يتعامل مع جميع أطياف المجتمع السعودي على مسافة واحدة دون تمييز بين مُتعلمٍ أو غير ذلك، ودون مراعاة لأي وصفٍ أو وضع اجتماعي أو طبقي، وحبه وحرصه على عمل الخير.
وتجاوز وفاء الملك سلمان بن عبد العزيز، مع الإنسان إلى الأرض والمكان، وتمثل ذلك في حديثه عن الرياض، وهي عشقه التي تولى إمارتها لأكثر من نصف قرن ومحبته لها مثل بقية مدن بلاده، حينما قال قبل 3 عقود عن معشوقته الرياض التي زفها عروسا للصحراء وقاد نهضتها وتحولها، حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن: «لا أتخيل نفسي بعيدا عن مدينة الرياض حتى لو لم أكن موجودا فيها، فالرياض بالنسبة لي الوطن والتاريخ الماضي والحاضر والمستقبل والأمل، منها قام والدي المغفور له الملك عبد العزيز بوثبته العملاقة الكبرى التي غيرت مجرى تاريخ الجزيرة العربية حينما وحّد شتات هذه الأقاليم التي لعب الجهل والتخلف والإقليمية أدوارا كبيرة في تمزيقها وتفريقها حتى جاء البطل، ليضع من هذه الأقاليم أعظم وأقوى وحدة في تاريخ العرب الحديث، فيها ولدت وترعرعت وتربيت على يد الملك العظيم الذي غرس في قلبي وقلوب أبنائه حب الوطن والتفاني من أجله، عشت زهرة الشباب وأنا أرى وألمس حكمة القائد وحسن أدائه وعلو مكانته محليا ودوليا حتى أثر ذلك في نفسي، وتعلمت من سيرته الكثير، تسلمت مسؤولية إمارتها منذ أكثر من ثلاثين عاما، وشهدت خطواتها خطوة خطوة، وتسلمت مسؤولية تطويرها، وخلال هذه المدة الطويلة تابعت سياسة التطوير، وكان لي شرف الوقوف على تنفيذها، وشهدت كل خطوة حضارية خطتها مدينة الرياض، ومن هنا يصعب علي أن أفكر أن أكون بعيدا عنها حتى لو كنت خارجها، عندما أكون خارج المدينة داخل المملكة أو خارجها فأنا أعيش معها ولها. وفي الحقيقة فأنا عندما أغيب عنها أظل أتخيلها، أعمالها، تصريف شؤونها، شوارعها، حدائقها، ملاعب الأطفال فيها، مدارسها، مستشفياتها، كل شؤونها، كل ركن أو زاوية فيها تعيش معي في تفكيري في قلبي في جوارحي، أحس أنني موجود في كل زاوية من زواياها، وأنني أتابع خطوة خطوة كل حركة فيها وكل مشروع، يدفعني الحب لها ولأهلها ولولاة الأمر فيها، فهي الرياض مدينتي وهي الرياض عاصمة المملكة الحبيبة. وكل قرية ومدينة في بلادي عزيزة وغالية، ولها في نفسي أسمى مكانة وأرفع موقع، إن مسؤولا بمثل مسؤوليتي لا يستطيع ولو للحظة أن يكون جسمانيا غائبا عنها، فهي تعيش معي وأعيش معها، وهي أمام عيني في كل لحظة، وإذا اضطرتني ظروفي إلى مغادرتها مدة تقصر أو تطول فأنا دائم التفكير فيها ولها كثير من الشوق، وأنا حريص على سرعة العودة لمتابعة شؤونها والإشراف على تطويرها عن قرب ومعالجة الأمور فيها».



«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
TT

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية، وحاجياتهم الحيوية الملموسة»، متهماً «التصورات المتطرفة» بالمراهنة على تطلعات آيديولوجية تبرر التضحية بطموحات الشعوب في سبيل مشروعات ترى التدمير إنجازاً والتنمية تهمة.

وأشار «اعتدال»، الذي يتّخذ من الرياض مقرّاً له، في تقرير نشر عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، الأربعاء، إلى عدد من الأسباب التي تدفع الفكر المتطرّف إلى مهاجمة الدول المستقرة، لافتاً إلى اعتبارات متطرّفة عدة مقابل ما يقدّمه الاستقرار للتنمية والأمن والمستقبل.

الأزمات «لحظات عابرة»

الدول المستقرّة، وفقاً للتقرير، تعدّ كل أزمة «لحظةً عابرة» ينبغي تجاوزها للعودة إلى مهامها الأساسية القائمة على العناية بجودة الحياة وضمان الأمن، بينما تُعدّ الأزمات «جزءاً من عقيدة التطرف بمختلف مشاربه»، وبيّن أن الاستقرار «محك واقعي لمدى صدق الوعود والعهود التي يطلقها المتطرفون عبر خطابهم الترويجي والاستقطابي»، وللاستدلال على أن «المتطرّفين» لا يملكون أي مشروع حقيقي غير الدعوة إلى التدمير والصراع، أوضح «اعتدال» أن خُلُو العالم من الأزمات، وشيوع الاستقرار بين الدول، «سيحرمهم لا محالة من الوضع المعلق الذي تخلقه الصراعات».

وضمن الأسباب التي تدفع الفكر المتطرف إلى مهاجمة الدول المستقرة، يرى التقرير أن «الاستقرار يُمَتَّنُ حالة الولاء بين المجتمعات وبين الدول»، عادّاً أن ذلك يحول دون «تنامي المشاعر السلبية والانفعالات المريضة والحاقدة بين الناس، مما يُعدّ حرماناً للمتطرفين من مادتهم الأساسية».

ويعتقد يوسف الرميح، وهو مستشار أمني سعودي، أن الفكر المتطرّف «يحاول استهداف الدول المستقرة والدول المضطربة على حدٍّ سواء».

دوافع واختلافات

ويرى الرميح أن «الدول المستقرة ليس لديها هامش للأفكار المضطربة، مما يدفع بالمتطرفين إلى محاولة الاصطياد في الماء العكر واختراق المجتمعات عبر استهداف مواطنين، خصوصاً الشباب، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات العامة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ بهدف خلخلة هذا النظام العام في المجتمع».

يذكر أن «اعتدال» يضطلع بمهام رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف، وحجب منافذه بمختلف أشكالها وتعطيل مصادر تغذيتها. وقد دُشّن من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وعدد من قادة الدول خلال في مايو (أيار) عام 2017 بالرياض.