صمت مغربي إزاء أنباء عن {شرط} يضعه الملك محمد السادس لزيارة إسرائيل

الرئيس الأميركي المنتخب يعوّل على الرباط للدفع بمفاوضات السلام

العاهل المغربي مستقبلاً الوفدين الإسرائيلي والأميركي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي (أ.ف.ب)
العاهل المغربي مستقبلاً الوفدين الإسرائيلي والأميركي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي (أ.ف.ب)
TT

صمت مغربي إزاء أنباء عن {شرط} يضعه الملك محمد السادس لزيارة إسرائيل

العاهل المغربي مستقبلاً الوفدين الإسرائيلي والأميركي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي (أ.ف.ب)
العاهل المغربي مستقبلاً الوفدين الإسرائيلي والأميركي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي (أ.ف.ب)

التزمت الرباط الصمت إزاء ما تداولته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية، بشأن وضع العاهل المغربي الملك محمد السادس، شرطاً للموافقة على دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لزيارة إسرائيل.
غير أن مصدراً دبلوماسياً مغربياً مطلعاً في الرباط، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن شرط ملك المغرب، هو تحصيل حاصل، مشيراً إلى أن الملك محمد السادس حينما تباحث مع الرئيس ترمب، هاتفياً، يوم 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بشأن الوضع في منطقة الشرق الأوسط، ذكر بالمواقف الثابتة والمتوازنة للمملكة المغربية من القضية الفلسطينية، ودعمها حلاً قائماً على دولتين تتعايشان في أمن وسلام، وبالتالي فإن المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، تبقى هي السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل للصراع.
وأضاف المصدر، أن «ملك المغرب، لا يمكنه الذهاب إلى إسرائيل، ما لم يكن متيقناً، من أن زيارته ستحقق اختراقاً دبلوماسياً يوطد دعائم السلام في منطقة الشرق الأوسط يحفظ حقوق الفلسطينيين». هذا من دون نسيان رغبة العاهل المغربي، يضيف المصدر ذاته، في الحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس، واحترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث بها، وحماية الطابع الإسلامي للقدس والمسجد الأقصى، وذلك تماشياً مع «نداء القدس» الذي وقعه الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس، وبابا الفاتيكان، خلال الزيارة التاريخية التي قام بها البابا للرباط في 30 مارس (آذار) 2019.
وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، قد نشرت أمس، أن ملك المغرب، اشترط مقابل الموافقة على زيارة إسرائيل، تجديد المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وأشارت الصحيفة، إلى أن التدخل الشخصي لملك المغرب، يهدف إلى «التشديد على مكانته أمام الإدارة الأميركية الجديدة، وضمان أنها لن تتراجع عن الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، الذي أعلن عنه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب، في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي».
في سياق متصل، قالت مصادر متطابقة على صلة بالحزب الديمقراطي، في واشنطن، لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس المنتخب جو بايدن، رحب بحرارة بالاختراق الدبلوماسي الذي جرى تحقيقه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لجهة قيام المغرب بإعادة علاقته الدبلوماسية مع إسرائيل، واعتراف واشنطن بالسيادة الكاملة للمغرب على الصحراء.
وأضافت المصادر، أن إدارة الرئيس بايدن المنتظرة، تعتبر المغرب حليفاً أساسياً يعول عليه في منطقة شمال أفريقيا، وبالتالي فإنها تستبعد أي تراجع في مواقف واشنطن بشأن الاعتراف بمغربية الصحراء. تجدر الإشارة إلى أن السفير الأميركي لدى الرباط، ديفيد فيشر، المنتهية مهامه يوم 20 من الشهر الجاري، قال رداً على سؤال حول الموقف المحتمل لإدارة الرئيس المنتخب بايدن بشأن الصحراء، إنه «مقتنع بأننا سنكون جميعاً راضين»، مشيراً إلى أن مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة والمغرب سيكون في أيدٍ أمينة. وذكرت المصادر الديمقراطية الأميركية، أن الرئيس بايدن، يعول على دور المغرب لجهة تقريب وجهات النظر بين الإسرائيليين والفلسطينيين والدفع بالمفاوضات بينهما إلى الأمام.
ويسود اعتقاد في واشنطن، بأن ملف الصحراء لا يشكل أولوية لإدارة الرئيس بايدن في المرحلة الراهنة، ما دامت الأمور أخذت مسارها الطبيعي في إطار مقترح «الحكم الذاتي المغربي». ويرى مراقبون، أن أولويات الأمن القومي الأميركي في عهد بايدن، ستركز على الصين وإيران وكوريا الشمالية وتهديدات حزب الله والوضع في الشرق الأوسط، إلى جانب موضوعي الطاقة والمناخ وقضايا أخرى.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».