روسيا ترفض تحويل سوريا إلى «ساحة صراع» بين إسرائيل وإيران

صورة وزعتها وزارة الخارجية الروسية للوزير سيرغي لافروف خلال مؤتمره الصحافي في موسكو أمس (رويترز)
صورة وزعتها وزارة الخارجية الروسية للوزير سيرغي لافروف خلال مؤتمره الصحافي في موسكو أمس (رويترز)
TT

روسيا ترفض تحويل سوريا إلى «ساحة صراع» بين إسرائيل وإيران

صورة وزعتها وزارة الخارجية الروسية للوزير سيرغي لافروف خلال مؤتمره الصحافي في موسكو أمس (رويترز)
صورة وزعتها وزارة الخارجية الروسية للوزير سيرغي لافروف خلال مؤتمره الصحافي في موسكو أمس (رويترز)

أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده لن تخوض مواجهة مع الولايات المتحدة في سوريا، وشدد على أهمية مواصلة عمل قنوات التنسيق العسكرية لمنع وقوع احتكاكات. لكنه حمل في الوقت ذاته على التحركات الأميركية في هذا البلد، مشدداً على ضرورة عدم استهداف المواقع الحكومية السورية.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي موسع، أمس، إن بلاده تحافظ على «تنسيق وثيق» مع الجانب الإسرائيلي. وزاد أن موسكو ترفض استخدام الأراضي السورية ضد إسرائيل، داعياً إلى عدم تحويل سوريا إلى ساحة صراع بين الأطراف الإقليمية.
وقال وزير الخارجية الروسي إن كل الأطراف المعنية بالشأن السوري أعلنت التزامها بالقرار 2254 الذي يؤكد ضرورة احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها. وزاد أن واشنطن رغم ذلك، تواصل انتهاك القرار الدولي، من خلال سياسة العقوبات والضغوط التي تمارسها على الأطراف الإقليمية والدولية لعرقلة جهود تحسين الوضع الإنساني، مشيراً إلى تبني «قانون قيصر» وغيره من «رزم العقوبات والقيود المفروضة».
وأشار الوزير الروسي في هذا السياق إلى «الاحتلال الأميركي لمناطق شرق الفرات والسيطرة على الثروات النفطية السورية التي يقومون بسرقتها وبيعها واستخدام عائداتها للإنفاق على أطراف موالية لواشنطن». وزاد أن واشنطن في انتهاك للقرارات الدولية «تواصل دعم النزعات الانفصالية للمكوّن الكردي، وهذا أمر مقلق بالنسبة إلينا وبالنسبة إلى تركيا».
برغم كل ذلك، أوضح الوزير الروسي أن «لدينا اتصالات مع الولايات المتحدة عبر القنوات العسكرية، ليس لأننا نعترف بشرعية وجودها هناك في سوريا، ولكن ببساطة لأنها يجب أن تتصرف في إطار معين. لا يمكننا طردهم من هناك، نحن لن ننخرط في اشتباكات مسلحة معهم بالطبع، ولكن نظراً إلى وجودهم هناك، فإننا نجري حواراً معهم حول ما يسمى بعدم الاحتكاك، ومن بين الأمور الأخرى، نطالب بشدة بعدم جواز استخدام القوة ضد مواقع الدولة السورية».
وكشف لافروف أن بلاده اقترحت على إسرائيل إبلاغها بالتهديدات الأمنية الصادرة عن أراضي سوريا لتتكفل بمعالجتها حتى لا تكون سوريا ساحة للصراعات الإقليمية.
وخلال إجابته عن سؤال حول الغارات الإسرائيلية المتكررة على مواقع في سوريا، قال لافروف إن موسكو «لديها تنسيق قوي مع تل أبيب». وزاد أنّ الرئيس فلاديمير بوتين ناقش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أكثر من مرة الوضع حول سوريا، ومسألة الغارات التي تشكل انتهاكاً للقرار 2254. مضيفاً أن هناك بُعداً آخر مماثلاً لنفس الموضوع في لبنان، حيث يتم أيضاً انتهاك القرار الدولي الخاص بوقف النار في هذا البلد. وقال لافروف: «إذا كانت إسرائيل مضطرة، كما يقولون، للرد على تهديدات لأمنها تصدر من الأراضي السورية، فقد قلنا لزملائنا الإسرائيليين عدة مرات: إذا رصدتم مثل هذه التهديدات، فيرجى تزويدنا بالمعلومات المحددة حول ذلك ونحن سنتعامل معها».
وشدد لافروف على أن روسيا لا تريد «أن تستخدم الأراضي السورية ضد إسرائيل، أو أن تستخدم، كما يشاء كثيرون، ساحة للمواجهة الإيرانية ـ الإسرائيلية».
وهذه المرة الأولى التي يكشف فيها لافروف أن بلاده قدمت عرضاً للجانب الإسرائيلي بتبادل المعلومات حول التهديدات المحتملة على الدولة العبرية مع التعهد بأن موسكو ستتعامل مع هذه التهديدات. وكرر الوزير الروسي عبارته خلال المؤتمر الصحافي، ومن دون أن يشير مباشرة إلى الوجود الإيراني في سوريا، قائلاً: «إذا كانت لديكم حقائق تفيد بأن تهديداً لدولتكم ينطلق من جزء من الأراضي السورية، فأبلغونا فوراً بهذه الحقائق، وسنتخذ جميع الإجراءات لتحييد هذا التهديد»، موضحاً أن موسكو «لم تتلق حتى الآن رداً ملموساً على هذا الاقتراح، لكنها تواصل طرحه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».