ارتياح في الجزائر بعد تبرئة 13 ناشطاً بالحراك

«ضحايا» قائد الجيش السابق ينتظرون مغادرة السجن

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

ارتياح في الجزائر بعد تبرئة 13 ناشطاً بالحراك

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

برّأت محكمة بغرب الجزائر، أمس، 13 ناشطاً بالحراك، من تهم مرتبطة بانتخابات الرئاسة التي جرت نهاية 2019، فيما أثار إلغاء النظر في سلامة التهمة الموجهة للواء المتقاعد ومرشح الرئاسة السابق، السجين علي غديري، جدلاً في الأوساط القانونية التي تعد حبسه الاحتياطي «أمراً مفروضاً بأوامر سياسية».
وعبّر نشطاء «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» بوهران، كبرى مدن غرب البلاد، عن ارتياحهم لإلغاء المحكمة المحلية التهمة عن نائب رئيس التنظيم قدور شويشة، وهو أيضاً أستاذ بالجامعة ونقابي. كما تم إبطال المتابعة بحق زوجته الصحافية جميلة لوكيل، وصحافي آخر. إضافة إلى عشرة نشطاء سياسيين، كلهم أساتذة بجامعة وهران والمعاهد التابعة لها.
وكانت النيابة قد التمست عقوبة السجن لمدة عام مع التنفيذ، ضد المناضلين السياسيين الـ13، أثناء المحاكمة التي جرت في 21 الشهر الماضي، وقد ردّوا على ثلاث تهم وهم في حالة متابعين غير موقوفين، وهي تهمة «التجمع غير المرخص»، و«محاولة عرقلة تجمع مرخص»، و«الإخلال بالنظام العام».
وتتمثل الوقائع في مظاهرة نظمها عدد كبير من المتظاهرين المنخرطين في الحراك (متوقف بسبب كورونا منذ قرابة عام)، خلال حملة انتخابات الرئاسة الماضية، أمام قاعة رياضية بوهران، التي احتضنت مهرجاناً دعائياً لمرشح «الرئاسية» بلعيد عبد العزيز. وقد عبّر المتظاهرون عن رفضهم تنظيم الانتخابات، لأن الحراك الشعبي كان يرى أنها «طريقة لفرض مرشح النظام، وولاية خامسة للرئيس السابق بوتفليقة، لكن من دون بوتفليقة، ومحاولة للالتفاف على مطلب التغيير الشامل». وجرى اعتقال المتظاهرين واحتجازهم لساعات طويلة بمراكز الشرطة، وتم تحرير محاضر بشأن الوقائع ثم إحالتها على النيابة.
يشار إلى أن الانتخابات ترشح لها 6 شخصيات سياسية، وفاز بها عبد المجيد تبون، الذي كان وزيراً لسنوات دويلة خلال حكم الرئيس بوتفليقة الذي دام 20 سنة.
وأحصت «اللجنة الوطنية للإفراج عن معتقلي الحراك»، التي تضم حقوقيين ومحامين، 90 معتقل رأي في السجون، بعضهم أدانتهم المحاكم بالسجن لفترات تتراوح بين 6 أشهر وعامين مع التنفيذ. وأشهر هؤلاء الصحافي خالد درارني، مراقب «مراسلون بلا حدود»، الذي دانته محكمة الاستئناف بالعاصمة بالسجن عامين مع التنفيذ، بسبب تغطيته المكثفة لمظاهرات الحراك، وهو نشاط كيّفته النيابة «مساً بالوحدة الوطنية»، و«تحريضاً على التجمهر غير المرخص».
ويوجد بالحبس الاحتياطي، منذ عام، المناضل الشهير رشيد نكاز، الذي اشتكى من تجاوز مدة حبسه القانونية من دون تنظيم محاكمة له، الذي استنكر ظروف حبسه. وقد عرض منذ أسبوعين مساعدة مادية على وزارة العدل لتحسين معيشة نزلاء السجن، الذي يقيم به غرب العاصة. ويعدّ نكاز رجل أعمال ثرياً، ولد وعاش في فرنسا، واشتهر منذ سنوات بتسديد الغرامات، بدلاً من النساء المنتقبات في فرنسا وسويسرا، وهو متهم بـ«عرقلة تنظيم انتخابات الرئاسة».
وكان منتظراً أن تدرس «غرفة الاتهام» بمحكمة الاسئتناف بالعاصمة، الأحد الماضي، الطعن الذي تقدم به دفاع اللواء المتقاعد علي غديري، لإبطال التهم ضده، وهي ذات علاقة بموقفه من الجيش وتدخله في السياسة، خصوصاً في عهد قائده الراحل الفريق أحمد قايد صالح. غير أن الجلسة تم تأجيلها لأسباب غير معلنة، ما أثار استهجان محاميه الذين كانوا يترقبون نهاية لسجنه الاحتياطي الذي يدوم لأكثر من سنة.
وهناك إجماع في أوساط المحامين والسياسيين بأن غديري «ضحية» نفوذ مارسه قايد صالح (توفي بنوبة قلبية بعد أسبوعين من انتخابات الرئاسة) على القضاء، مثل كثير ممن كان يعتبرهم خصوماً، وقد حصل بعضهم على البراءة مؤخراً بعد إدانة قاسية بالسجن، أبرزهم سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، ومديرا الاستخبارات سابقاً، الفريق محمد مدين واللواء بشير طرطاق، وزعيمة «حزب العمال» لويزة حنون.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».