«تيك توك» أداة لتعريف الشباب بالمتاحف الفرنسية

من قاعة المرايا في قصر فرساي، تابع «التيك توكيون» شرحاً من خبير في حقبة لويس الرابع عشر
من قاعة المرايا في قصر فرساي، تابع «التيك توكيون» شرحاً من خبير في حقبة لويس الرابع عشر
TT

«تيك توك» أداة لتعريف الشباب بالمتاحف الفرنسية

من قاعة المرايا في قصر فرساي، تابع «التيك توكيون» شرحاً من خبير في حقبة لويس الرابع عشر
من قاعة المرايا في قصر فرساي، تابع «التيك توكيون» شرحاً من خبير في حقبة لويس الرابع عشر

دفعت جائحة (كوفيد - 19) بالصروح الثقافية إلى ابتكار أساليب جديدة لإبقاء التواصل مع الجمهور في ظل تدابير الإغلاق حول العالم... وفي هذا الإطار، أقامت متاحف فرنسية شراكة مع «تيك توك» لتوسيع قاعدتها الجماهيرية لدى مستخدمي التطبيق المحبب، خصوصاً من المراهقين، وذلك بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
تهدف الشراكة بين مختلف المتاحف و«تيك توك» إلى إتاحة الفرصة لمستخدميه الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عاماً للتعرّف على هذه الصروح، كقصر فرساي ومتحف كيه برانلي، مما يحفّزهم على زيارتها حضورياً وقتما تسنح لهم الفرصة مجدداً.
وستسعى المنصة التي تم إطلاقها عام 2016 ويبلغ عدد مستخدميها في أوروبا نحو 100 مليون إلى البناء على تجربة موسم «كولتور تيك توك» الثقافي التي حققت نجاحاً كبيراً.
فمن 14 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول) الفائت، بثّ التطبيق عروضاً حية من المتاحف، خُصِص أحدها مثلاً للمقارنة بين الدروع وتجهيزات حماية الجنود التي استخدِمَت خلال الحرب العالمية الأولى، وتلك التي كانت مستعملة خلال الفترة النابليونية في متحف قصر الإنفاليد، فيما تناول آخر معرضاً عن الممثل الراحل لوي دو فونيس في مكتبة السينما (سينماتيك)، وجال ثالث على المجموعات في متحف بيكاسو.
وحصلت سيارة شخصية فانتوماس، بطل الثلاثية السينمائية الشهيرة، وهي من نوع «سيتروين دي إس»، على 376 ألف مشاهدة و8940 علامة إعجاب من مستخدمي «تيك توك».
كذلك حصل زي زعيم الهنود الحمر «بيغ تشيف» المغطى بالريش والمستوحى من كرنفال «ماردي غرا» في مدينة نيو أورلينز الأميركية على 168 ألف مشاهدة و2784 علامة إعجاب.
وحضر نحو مائة ألف من مستخدمي «تيك توك» في مختلف أنحاء العالم عروض الرقص في «باليه دو شايو» في 15 ديسمبر، وهو اليوم الذي كانت فرنسا تعتزم فيه إعادة قاعات العروض الفنية.
وقال مدير العلاقات العامة في «تيك توك فرنسا» إيريك غاراندو لوكالة الصحافة الفرنسية إن التعاون «ساهم في تمكين المؤسسات الثقافية التي لم يكن لديها عدد كافٍ من المشتركين (على حساباتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي) من بثّ أولى عروضها الحيّة».
وإذ أشار إلى أن مقاطع إعلانية عرضت لهذه المؤسسات عبر «تيك توك»، أكّد عزم الشبكة على تجديد العملية وتحسينها.
أما الآن، فبات في إمكان المتاحف أن تبث عروضها مباشرة عبر هذه الشبكات بعدما تجاوز عدد مشتركي كلّ منها الحد الأدنى المطلوب للنقل الحي وهو ألف.
وأكّد غاراندو أن الهدف «ليس التنافس مع المتاحف، بل تشجيع الشباب على زيارتها».
وبادرت «تيك توك» إلى إتاحة الفرصة لمستخدميها من خلال وسم «كولتور تيك توك» للتعبير عن شغفهم بالفن في مقاطع فيديو تتراوح مدتها بين 15 و60 ثانية... سواء أكان الأمر يتعلق بلوحة أو بعمل موسيقي.
من قاعة المرايا في قصر فرساي، تابع «التيكتوكيون» شرحاً من الخبير في حقبة لويس الرابع عشر ماثيو دافينا.
وأشار غاراندو إلى أن «المُشاهِد كان ليخال للوهلة الأولى أن خلفية الظاهرة وراء الخبير دافينا افتراضية، فالشباب معتادون على العيش في الواقع الافتراضي، مما جعل بعضهم يعتقد بأن المشهد غير حقيقي، لكنهم ما لبثوا أن اكتشفوا أن من الممكن التجول» للاطلاع على ما في القاعة.
وحصدت زيارة القصر 441 ألف مشاهدة و25 ألف علامة إعجاب. وكتب أحد المستخدمين معلّقاً «أحلم كثيراً بزيارة فرساي من دون أي شخص، فقط مع شخص يعشق التاريخ ليروي له بعض الحكايات».
أما في متحف «كيه برانلي»، فتولى مدير قسم الأبحاث في متحف الفنون البدائية عالم الأنثروبولوجيا والآثار فيليب شارلييه التعريف بخمس قطع شهيرة من مالي والغابون والبرازيل وبابوا وجنوب الولايات المتحدة.
وأوضح مدير قسم التواصل توماس آياغون أن السياسة الإعلامية للمتحف تركّز على «إبراز التنوع الجغرافي الذي يُظهِر تنوع الثقافات والأصول»، مشدداً على أن الفئة العمرية التي تهوى «تيك توك» ولكن قلّما تهتم لـ«كيه برانلي»، تشكّل هدفاً لمتحفه الذي يسعى إلى استقطابها.
وإذ توقع إريك غاراندو أن تشجع التجربة متاحف أخرى «على استخدام» منصة «تيك توك»، أعلن أن مزيداً من العروض ستُبثّ مباشرة عبر التطبيق، على أن تشهد تحديثاً «بانتظام»، عبر صفحة «يغذيها المستخدمون باستمرار».
وأضاف «علينا أن نجعل الجمهور الأميركي والياباني يرغب في العودة إلى فرنسا»، مع أنه أقرّ بأن اللغة تشكّل حاجزاً، إذ لم يُترجَم بعد أي بث مباشر.
ويدرك تطبيق «تيك توك» المتخصص في مقاطع الفيديو القصيرة والذي يحظى بشعبية كبيرة بين الشباب أن ثمة حاجة إلى تعزيز التعليم من خلال الثقافة، في مواجهة غزو الواقع المعزز والخيال.
ويخطط «تيك توك» للقيام بالأمر نفسه مع العلم، أي تعزيز الثقافة من خلال توفير منبر للعلماء.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».