غانتس يرحب بنقل إسرائيل إلى «القيادة المركزية»

TT

غانتس يرحب بنقل إسرائيل إلى «القيادة المركزية»

في الوقت الذي أبلغ فيه فريق الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، بأنه باشر اتصالات مع إيران حول تجديد الاتفاق النووي، اهتمت القيادات السياسية والأمنية في تل أبيب بقرار وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) وضع إسرائيل في المجال العسكري الذي تديره «القيادة المركزية الأميركية»، والذي يشمل دول الشرق الأوسط الأخرى، بدلاً من دائرة «القيادة الأوروبية».
ورحب وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، بالقرار، وكشف عن أن وزارته كانت على اتصال دائم بالأبحاث الأميركية بشأن هذا القرار. وقال غانتس عبر منشور في حسابه على «تويتر»: «بعد أسابيع من المحادثات، بما في ذلك مع وزير الدفاع (الأميركي) السابق (مارك) إسبر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة (مارك) ميلي، نقل الجيش الأميركي إسرائيل إلى (قيادته المركزية)، المكلفة أنشطته في الشرق الأوسط. هذا القرار سيعزز التعاون بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأميركي في مواجهة التحديات الإقليمية، جنباً إلى جنب مع صداقات إضافية ومصالح مشتركة».
وأشار ناطق إسرائيلي عسكري إلى أن «المكان الطبيعي لإسرائيل هو في مسؤولية (القيادة المركزية الأميركية)»، التي تأسست عام 1983 لكي تشرف على الأعمال العسكرية لأميركا في الشرق الأوسط؛ بما في ذلك أفغانستان وسوريا واليمن والعراق، ولكن إسرائيل استثنيت منها بسبب العداء بينها وبين العالم العربي، وتولت مسؤوليتها «الدائرة الأوروبية» في البنتاغون. «وأما الآن، وبعد تطبيع العلاقات المتزايد بين إسرائيل والعالم العربي، أصبح ممكناً ضم إسرائيل إليها، وستسمح هذه الخطوة بتعاون أكبر ضد إيران؛ العدو الإقليمي الرئيسي لإسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول العربية».
وكشف مصدر في تل أبيب عن أن قرار البنتاغون جاء بضغط من «المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي»؛ وهو من الجماعات المساندة لإسرائيل بشكل مثابر. وقد أكد رئيس «المعهد» الدكتور مايكل ماكوفسكي، هذا الأمر، وقال، في حديث مع الإذاعة الرسمية الإسرائيلية، أمس الأحد: «لأشهر عدة، ونحن نقول إن نقل إسرائيل إلى منطقة عمليات (القيادة المركزية) يمثل الخطوة المنطقية التالية بعد انفراج (اتفاقات إبراهيم). إنه سيعزز التخطيط الاستراتيجي والتعاون الدفاعي والردع ضد إيران من قبل أميركا وحلفائها الإقليميين». وأضاف: «قد يؤدي التغيير في هيكل القيادة إلى تعقيد تعاون (القيادة المركزية) مع حلفاء إيران، مثل العراق، حيث تحتفظ الولايات المتحدة بـ2500 جندي. لكننا واثقون بأننا في نهاية المطاف سنستطيع إيجاد مكان للجميع في إطار التعاون. ومن يدري؛ ربما يكون هناك مكان لإيران، إذا تخلت عن نهجها الحالي».
ونقل عن البنتاغون قوله إن الاتفاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين، وتخفيف التوترات بين إسرائيل وجيرانها العرب بعد «اتفاقات إبراهيم»، قد وفر فرصة استراتيجية للولايات المتحدة لاصطفاف الشركاء الرئيسيين ضد التهديدات المشتركة في الشرق الأوسط. وعدّت تلك إشارة إلى إيران، التي تعتبرها الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية، التهديد الأمني الرئيسي في المنطقة.
في السياق، كشفت «القناة 12» بالتلفزيون الإسرائيلي، أمس، عن وجود اتصالات سرية بين إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن ومسؤولين إيرانيين، بشأن العودة إلى الاتفاق النووي. وقالت القناة في تقرير لمراسلها العسكري، نير دفوري، إنه «لأول مرة، وقبل أيام قليلة من تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة، أبلغت إدارة بايدن إسرائيل، بأنها بدأت في اتصالات مع مسؤولين إيرانيين تتلمس العودة إلى الاتفاق النووي».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.