«تحركات جريئة» في مناطق النظام السوري تنتقد الفساد وسوء المعيشةhttps://aawsat.com/home/article/2747411/%C2%AB%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D8%A6%D8%A9%C2%BB-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%AA%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%8A%D8%B4%D8%A9
«تحركات جريئة» في مناطق النظام السوري تنتقد الفساد وسوء المعيشة
لافتات مشجعي نادي جبلة الساحلي ضد سياسات النظام السوري
دمشق:«الشرق الأوسط»
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
دمشق:«الشرق الأوسط»
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
«تحركات جريئة» في مناطق النظام السوري تنتقد الفساد وسوء المعيشة
لافتات مشجعي نادي جبلة الساحلي ضد سياسات النظام السوري
ظهرت لافتات وكتابات نقدية في مناطق سيطرة الحكومة السورية وبين المؤيدين للنظام، على خلفية تردي الوضع الاقتصادي والأزمة المعيشية واتهامات بانتشار الفساد بين المسؤولين السوريين.
وكان بين تلك الانتقادات، رفع مشجعي نادي جبلة الساحلي لافتات في مباراته ضد خصمه «الكرامة» وهو من مدينة حمص ويتصدر الدور السوري، تتهم مسؤولين بـ«الفساد»، علما بأن مدينة جبلة تقع بين طرطوس واللاذقية وتعتبر من المناطق الموالية للنظام السوري.
وكان اتحاد كرة القدم فرض عقوبات على نادي جبلة بسبب خلل حصل خلال مباراة في الدوري السوري قبل أيام. وكتب بعض مؤيدي نادي جبلة أول من أمس، أن «شبكات الفساد في هذه البلاد أكبر من شبكات الصرف الصحي...»... ورفعت لافتة أخرى تقول إن الفساد يتوطن في «المكاتب المكيفة» أي مناطق الحكومة، كما هو الحال في «المناطق الحارة» في إشارة إلى مناطق المعارضة.
في المقابل، كتب أحد المؤيدين لدمشق على «فيسبوك» أنه «يجب تقبل العقوبة من حيث المبدأ والتعامل معها قانونيا بكل الوسائل بعيداً عن لغة الاحتقان والشد والغضب بهدف تخفيفها». تزامن ذلك مع كتابات نقدية أخرى من خبراء ونشطاء في دمشق بسبب تردي الأوضاع الاقتصادي وتفاقم الأزمة المعيشية. وكتبت الصحافة سلوى زكزك على صفحتها في «فيسبوك» أمس: «(في دمشق وريفها)، من أول من أمس، شهد الطلب على الشوادر (أغطية السقوف) وأكياس النايلون الكبيرة والسميكة ارتفاعا غير مسبوق. الناس لا تعيش فقط في الحدائق بلا مأوى، بل تحتاج شوادر. حتى البيوت التي هي على العضم (غير الجاهزة) والبيوت العتيقة والغرف المرممة، تحتاج سقفا حقيقيا».
كما كتب طبيب سوري مساء أول من أمس: «في أحد المطاعم الفاخرة بدمشق، كانت هناك طاولة مؤلفة من حوالي عشرين شخصا ظهرت عليهم سمات الأغنياء الجدد. بطون كبيرة وذقون طويلة ونساء متخمات بالتصنع والفراغ. ضحكاتهم ملأت المكان. وأحاديثهم التافهة سمعها كل من كان في المطعم». وأضاف على «فيسبوك»: «بعد حوالي نصف ساعه وأثناء مروري في (أحد شوارع) المدينة كان المشهد الآخر الصادم والحزين أمام أحد الأفران: مئات الرجال والنساء والأطفال نحيلون ذوو ملابس رثة قديمة وأحيانا ممزقة يقفون بالطابور بكل ذل وحزن وانتظام ينتظرون أن يوفروا القليل - وفي ذات الوقت الكثير بالنسبة لهم - الحصول على بعض الخبز». وتابع: «لاحظوا: بعض الخبز، بعض الخبز فقط».
القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.
ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.
ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.
وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.
وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».
وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.
أزمات الفلاحين
سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.
على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.
تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».
ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.
وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».
ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.
وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.
يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».
فرصة ثانية
يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.
أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.
ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».
أنواع جديدة
يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.
ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.