تواصل الجدل في الإعلام الروسي حول رسوم «شارلي إيبدو»

لافروف: الرسوم تفتقر إلى الذوق واللياقة.. وتخرج على المواثيق الدولية

«مليونية» جمعت ممثلي مختلف الأديان والتوجهات في العاصمة غروزني على وقع تعالي الهتافات والتكبير «الله أكبر.. الله أكبر»
«مليونية» جمعت ممثلي مختلف الأديان والتوجهات في العاصمة غروزني على وقع تعالي الهتافات والتكبير «الله أكبر.. الله أكبر»
TT

تواصل الجدل في الإعلام الروسي حول رسوم «شارلي إيبدو»

«مليونية» جمعت ممثلي مختلف الأديان والتوجهات في العاصمة غروزني على وقع تعالي الهتافات والتكبير «الله أكبر.. الله أكبر»
«مليونية» جمعت ممثلي مختلف الأديان والتوجهات في العاصمة غروزني على وقع تعالي الهتافات والتكبير «الله أكبر.. الله أكبر»

كانت موسكو ولا تزال من أشد الحريصين على عدم تكدير صفو السلم الاجتماعي والحفاظ على مشاعر ومعتقدات مواطنيها بغض النظر عن العرق أو الجنس أو اللون.
ضبطت إيقاع حركة المجتمع بعيدا عن «شطحات» مدعي الدفاع عن «حرية التعبير» و«حقوق الإنسان»، ممن يتناسون البدهية القائلة بأن حقوق أي إنسان تنتهي حيثما تبدأ حقوق الآخر.
هذا ما أوجزته موسكو الرسمية فيما صدر عنها من مواقف وتصريحات تؤكد ذلك، وإن خرجت عن «الصف» بعض القنوات الإعلامية مثل صحيفة «نوفايا غازيتا» وإذاعة «صدى موسكو»، وهما معروفتان بتوجهاتهما الليبرالية والشديدة التطرف.
عادت موسكو لتؤكد موقفها الرسمي من مسألة التطاول على المشاعر الدينية، وما يتعلق ضمنا بما نشرته المطبوعة الباريسية «شارلي إيبدو» من رسوم مسيئة للرسول.
وكانت العاصمة الروسية سبق وسجلت مثل هذا الموقف بما في ذلك تجاه هذه القضية أكثر من مرة وفي غير مناسبة. ولم يكن ما قاله سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية في مؤتمره الصحافي السنوي الذي عقده الأسبوع الماضي سوى تأكيد جديد على موقف قديم.
وقال لافروف ردا على سؤال لمراسل صحيفة «فيغارو» الفرنسية: «إن المواقف من قضية (شارلي إيبدو) ذات أبعاد متباينة؛ فالإرهاب وقبل كل شيء أمر غير مقبول في أي من صوره وبغض النظر عن المبررات أيا كانت. وذلك موقف قانوني دولي مسجل في الكثير من قرارات مجلس الأمن. أما فيما يخص الرسوم الكاريكاتيرية وبوجه عام سلوك الصحافيين تجاه ما يتعلق بمضامينه الدينية، وهنا أعبر عن رأي شخصي، أقول إنها تفتقر إلى الذوق واللياقة. لكن هناك موقف القانون الدولي الذي عكسته الكثير من المعاهدات والاتفاقيات، ومنها الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص على أن كل ما من شأنه إثارة الكراهية القومية، أو العرقية، أو الدينية، أو أي دعوة تحض على التفرقة أو العداء أو العنف محظور بحكم القانون. وينص هذا الميثاق أيضا على أن حق التعبير عن الرأي يفرض بالتبعية التزامات خاصة ومسؤوليات محددة، وذلك يعني أن ذلك مرتبط ببعض القيود التي حددها القانون وتعتبر ملزمة لاحترام حقوق الشخصيات الأخرى ومكانتها، ولحماية أمن الدولة والنظام الاجتماعي وصحة المجتمع وأخلاقياته».
ومضى لافروف ليشير إلى «أنه لا يتفق مع زملائه الذين قالوا له إنه لا قيود على حرية الكلمة؛ فالقيود موجودة وتتعلق بعدم مشروعية، وكما قلت تتعلق بشكل مباشر بعدم مشروعية كل ما من شأنه الحض على التناقضات الدينية».
ما قاله لافروف يؤكد حقيقة لا مراء فيها، وهي أن «إرهاب المجتمع المعاصر هو نتاج طبيعي لمشكلات هذا المجتمع نفسه». وقد أكدت وقائع الماضي والحاضر أن هذه المقولة تتفق مع المقولة الفلسفية القديمة: «المقدمات تحكم النتائج». وهنا تسقط الأقنعة لتكشف عن واقع مرير يقول بمسؤولية من يرفع اليوم راية مواجهة الإرهاب وهو الذي كان حتى الأمس القريب أحد أسباب ظهوره قبل أن يتحول إلى واحد من أهم مصادر دعمه ورفده ماديا وبشريا، ليؤكد حقيقة جديدة مفادها أن الإرهاب لم يعد تهمة تنفرد بها الشعوب ذات التوجهات الإسلامية، ولم يعد قاصرا على أبناء الطبقات الفقيرة التي يدفعها العوز والحاجة إلى التمرد والالتحاق بكتائب الإرهاب.
«من زرع حصد».. هذا ما راحت تزعق به معظم وسائل الإعلام الروسية وعدد من أبرز ممثلي الأوساط السياسية ممن يقفون اليوم على طرفي نقيض من أصحاب شعارات الليبرالية والديمقراطية الذين لا يكفون عن التشدق بعبارات الدفاع عن «حرية التعبير» دون مراعاة تطاول مثل هذه «الحرية» على حقوق الآخر.
وكانت قضية «شارلي إيبدو» أشعلت الجدل بين صفوف الإعلاميين والسياسيين، الذين وقف أغلبهم في موسكو إلى جانب إدانة التطاول على مشاعر الآخرين ومعتقداتهم. وتحسبا لاحتمالات إغراق بعض المتدينين في العداء لكل من يتجرأ على التطاول على مكانة الرسول الكريم، وإهانة الرموز الدينية ليس للمسلمين وحسب، بل وأيضا لبقية أشياع الديانات السماوية والوضعية، وانطلاقا من قناعة ويقين بكل ما صدر من قوانين ومواثيق دولية تحظر التطاول على المعتقدات الدينية والمشاعر القومية، حرصت موسكو على المسارعة بإعلان موقفها من قضية الرسوم المسيئة للرسول، بموجب ما سبق وأصدرته من قوانين بهذا الشأن.
لم تخرج جماهير موسكو إلى مقر السفارة الفرنسية في مظاهرات ومسيرات شجب وتنديد كعهدها في سابق الأوان، حين وقعت أحداث مماثلة في مختلف العواصم والمدن الغربية. اقتصرت المشاركة على بضع عشرات معظمهم من الفرنسيين، في الوقت الذي كان فيه آخرون يرفعون اللافتات التي منها ما يدين إهانة الرموز الدينية. كما سارعت الشرطة الروسية باعتقال اثنين كانا يرفعان على مقربة من الميدان الأحمر لافتة تقول: «أنا شارلي»، في الوقت الذي غضت فيه الطرف عن حاملي لافتات تقول: «إن الجناة يستحقون ما جرى لهم».
إزاء مثل هذا التباين في الرؤى والمواقف وتحسبا لاحتمالات اندلاع مواجهات لا تحمد عقباها، رفضت سلطات العاصمة الروسية التصريح بمظاهرة لمسلمي موسكو في ساحة ساخاروف، الموقع المفضل لإقامة مظاهرات الليبراليين وذوي التوجهات الغربية.
ورغم عدم صدور أي إعلان رسمي بهذا الصدد اكتفت مصادر منظمي هذه المظاهرة بنقل ما جرى تسريبه من معلومات تقول إن العدد الذي كان من المقرر أن يشارك فيها كان يزيد على 100 ألف في الوقت الذي لم تجد فيه سلطات المدينة من منظمي المظاهرة من تتوفر له خبرات الحفاظ على النظام والتحكم في مسار المشاركين وتوجهاتهم.
على أن ذلك لم يمنع سلطات الكثير من جمهوريات شمال القوقاز إلى الخروج إلى الشوارع وميادين عواصم تلك الجمهوريات في مظاهرات حاشدة تزعمها رؤساء وقيادات تلك الجمهوريات احتجاجا على رسوم «شارلي إيبدو» وسياسات الكيل بمكيالين التي تنتهجها العواصم الغربية تجاه هذه القضية.
ومن اللافت أن الكثير من أجهزة الإعلام الروسية الرسمية وشبه الرسمية اتخذت موقفا مؤيدا لهذه المسيرات والمظاهرات في الوقت الذي اتسمت فيه تعليقاتها على مسيرة باريس التي شارك فيها عدد من زعماء البلدان الغربية وممثلو البلدان الأجنبية، بما فيها روسيا، بكثير من البرود، بل والسخرية من بعض المشاركين فيها دون الإشارة بالاسم إلى أي منهم، وهم المتهمون بالإرهاب، مثل بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية.
وراح الكثيرون من المراسلين ومحرري تلك القنوات التلفزيونية والصحف الروسية يستعيدون بعض مشاهد الماضي القريب الذي طالما شهد تمويل تلك البلدان، بل وغضها الطرف عن مشاركة مواطنيها في المنظمات الإرهابية، ومنها تنظيم داعش. وقد تصدرت القنوات الرسمية وشبه الرسمية حملة انتقاد الرسوم المسيئة للرسول من منطلق أنها تثير مشاعر العداء الديني والطائفي وتتطاول على حقوق الغير في معتقداته الدينية.
وفي هذا الصدد أكدت قناة «لايف نيوز» وصحيفة «كومسومولسكايا برافدا» المعروفتان بمواقفهما القريبة من الكرملين أن «لا أحد يملك حق إهانة مشاعر المؤمنين وأن الصحافيين الفرنسيين جنوا ما اقترفت أياديهم». بل ونقلت تساؤلات البعض حول احتمالات تورط عناصر خارجية في هذه العمليات الإرهابية، ربما استعدادا لحملات مماثلة لما سبق وقامت به واشنطن وحلفاؤها في أفغانستان والعراق وليبيا.
ومن هذا المنظور كشف الحادث الإرهابي الأخير عن حقيقة مواقف الكثير من الفصائل والمنظمات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني في روسيا وتوجهاتها، بعد أن صار فرصة جديدة للكشف عن الخط الفاصل في المجتمع الروسي بين المنظمات اليمينية ومنظمات المجتمع المدني المعروفة بارتباطاتها الخارجية ومصادر تمويلها الأجنبية، إلى مواقف زعماء البلدان الأوروبية ممن تزعموا مسيرة باريس، وبين المتشددين القوميين، ورجال الدولة من المعروفين بتوجهاتهم المناهضة للغرب وضرورة التزام روسيا بما سبق وأصدرته من قوانين سبق وأشرنا إليها.
وننقل عن أرتيومي ترويتسكي الذي كتب في صحيفة «نوفايا غازيتا» اليمينية المعارضة يقول: «إن ردود الفعل على رسوم (شارلي إيبدو) أظهرت المجتمع الروسي وكأنه دولة إسلامية»، رغم علمانية الدولة، ومحاولات تصويرها بوصفها دولة تعتنق المسيحية الأرثوذكسية، على حد تعبيره.
ومن اللافت في هذا الصدد أن أيا من وسائل الإعلام اليمينية لم يتجاسر على المضي إلى ما هو أبعد من التأييد اللفظي لموقف «شارلي إيبدو» وتوجهاتها ومن ناصرها من مواطني وزعماء البلدان الغربية، حيث لم نجد أيا منها استجاب لدعوة الملياردير اليهودي ميخائيل خودوركوفسكي المقيم في الخارج بعد الإفراج عنه من سجون روسيا، حول «إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول التي نشرتها (شارلي إيبدو)» تعبيرا عن التضامن مع المطبوعة الفرنسية.
غير أن هناك أيضا من تجاسر وخرج على الملأ مرتديا قميصا (تي شيرت) مكتوب عليه بالفرنسية «جي سوي شارلي» (أنا شارلي) مثل ألكسي فينيديكتوف رئيس تحرير إذاعة «صدى موسكو» المعروفة بميولها الموالية للغرب ولإسرائيل، وعدد من موظفيها، في تحد صارخ للمجتمع ومسلميه، وللرئيس الشيشاني قادروف الذي اتهمهم بأنهم «صاروا بوقا معاديا لروسيا وللإسلام».
وكان الكرملين وقف مؤيدا في صمت لكل ما صدر عن ديمتري روغوزين نائب رئيس الحكومة الروسية والرئيس الشيشاني رمضان قادروف. وفيما كان روغوزين اكتفى بتغريدة على موقع «تويتر» يقول فيها: «الإرهاب شر، لا توجد مبررات له. لكن لا يجوز استبدال حرية الكلمة بحرية إهانة المشاعر العميقة للناس»، مضيى الرئيس الشيشاني إلى ما هو أبعد من تصريحاته التي ندد فيها ليس فقط بما صدر عن الغرب من تصريحات ومواقف، وأدان أنصار هذه التوجهات في الداخل ومنهم ألكسي فينيديكتوف رئيس تحرير إذاعة «صدى موسكو»، ليخرج على رأس «مليونية» جمعت ممثلي مختلف الأديان والتوجهات في العاصمة غروزني على وقع تعالي الهتافات والتكبير «الله أكبر.. الله أكبر»، معلنا أن مسلمي روسيا يعلنون أنفسهم مدافعين غيورين ضد كل من يتطاول ويسيء إلى مشاعر المسلمين ورموزهم المقدسة.
ونقلت وكالة أنباء «إيتار تاس» ما كتبه قادروف في موقع «إنستاغرام»: «حان الوقت لنعلن موقفنا من تصرفات الصحافيين الفرنسيين اللاأخلاقية. نحن نحترم الأديان كافة، إلا أننا لن نسمح لأحد بالإساءة للإسلام وإهانة الرسول الكريم، وسنتصدى لكل من يحاول التطاول على مشاعر المسلمين».



مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.