انقلابيو اليمن يفتعلون أزمة وقود لتعزيز السوق السوداء وابتزاز الشرعية

اتهامات لقادة الجماعة بتخزين كميات ضخمة في مستودعات خاصة

يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يفتعلون أزمة وقود لتعزيز السوق السوداء وابتزاز الشرعية

يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)

عادت الميليشيات الحوثية من جديد إلى افتعال أزمة وقود في العاصمة صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، وسط اتهامات متكررة للجماعة بوقوفها وراء تجدد الأزمة في مسعى منها لتعزيز السوق السوداء والضغط على الحكومة الشرعية للاستمرار في نهب إيرادات ميناء الحديدة.
وأكدت مصادر يمنية مطلعة أن غالبية محطات الوقود في العاصمة صنعاء أغلقت أبوابها أمام المواطنين منذ أيام قليلة بناء على تعليمات تلقاها ملاك المحطات من قادة حوثيين، وقالت إن صنعاء العاصمة شهدت منذ إغلاق المحطات أبوابها بشكل مفاجئ أزمة خانقة في الوقود حيث بات شبه منعدم.
ويقول سكان في العاصمة، إن استمرار وقوف الانقلابيين المدعومين من إيران في كل مرة وراء افتعال أزمة الوقود من شأنه أن يفاقم إلى درجة كبيرة معاناتهم المعيشية والإنسانية والصحية وصولا إلى أوضاع كارثية.
وتحدث سكان في مناطق مختلفة من صنعاء عن إخفاء الجماعة لكميات كبيرة من المشتقات النفطية في مخازن سرية استحدثتها طيلة فترة الأزمة وما زالت بغية المتاجرة بالوقود وبيعه بأسعار مرتفعة في السوق السوداء.
وأكدوا عودة انتشار الأسواق السوداء بشكل غير مسبوق في مناطق وأحياء صنعاء العاصمة، حيث شوهدت المئات من السيارات والحافلات بكثرة على جنبات الطرقات والشوارع لبيع مشتقات النفط بأسعار قياسية.
وعلى وقع هذه الأزمة، أفاد السكان بأن سعر صفيحة البنزين سعة 20 لترا وصل إلى 14 ألف ريال، فيما ترابط طوابير من السيارات أمام محطات الوقود الرسمية أملا في أن تسمح الجماعة بحصولهم على احتياجاتهم.
وقالوا: «في الوقت الذي شهدت فيه السوق السوداء لبيع الوقود التي تديرها قيادات حوثية نافذة في صنعاء انتعاشا كبيرا، لا تزال طوابير السيارات والدراجات النارية تصطف أمام العشرات من محطات تعبئة المشتقات التي أغلقت أبوابها بناء على أوامر وتوجيهات حوثية».
ويؤكد سائق مركبة نقل في صنعاء، رمز لاسمه بـ(كمال. ع) أن قادة الجماعة يتحملون مسؤولية معاناة السكان المتكررة وصراعهم المستمر وراء البحث عن الوقود لسياراتهم من أجل السعي وراء الرزق لسد جوع وحاجيات أطفالهم وأسرهم.
وأبدى السائق، الذي يركن مركبته في إحدى محطات الوقود وسط صنعاء منذ ثلاثة أيام، تذمره من الاختفاء المفاجئ للوقود بعد توجيهات الجماعة لملاك المحطات بالإغلاق، وما سيعقبه من عودة ارتفاع أسعار الخدمات العامة والسلع الأساسية.
ويأتي وقوف الجماعة مؤخرا وراء افتعال أزمة جديدة للمشتقات في صنعاء وبقية مدن سيطرتها بعد أيام قليلة من إعلانها وصول عدة سفن نفطية إلى ميناء الحديدة ومن ثم إلى المناطق الخاضعة لقبضتها، بالإضافة إلى تدفق مقطورات الوقود باستمرار من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وفي التاسع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلنت شركة النفط الخاضعة للجماعة في صنعاء عن وصول السفينة «ميورا» المحملة بكمية 14.299 طن من مادة البنزين، إلى ميناء الحديدة، في حين أعلنت الميليشيات قبله بثلاثة أيام، وبالتحديد في الـ25 من الشهر نفسه، عن وصول السفينة النفطية «باكستر» إلى غاطس ميناء الحديدة وعلى متنها 29 ألفاً و475 طناً من البنزين.
كما أعلنت الجماعة أيضا منتصف الشهر نفسه عن وصول السفينة «مليحة» إلى ميناء الحديدة وعلى متنها 4.922 طن من الديزل. إلى جانب وصول سفن أخرى تحمل كميات من المشتقات إلى مناطق سيطرة الجماعة.
وربط مراقبون محليون بين معاودة الجماعة لافتعال أزمة وقود جديدة في صنعاء وبقية مدن سيطرتها وبين مساعيها للعودة مجددا إلى تهريب الوقود الإيراني إلى ميناء الحديدة ومن ثم استخدام عائداته في قتل اليمنيين، في حين اتهم المراقبون الجماعة بأنها تسعى لإنعاش السوق السوداء لإثراء التجار الذين ينتمون إليها من جهة، ومعاودة ابتزاز الحكومة الشرعية بغية التنصل من اتفاقية توريد رسوم المشتقات التي رعتها الأمم المتحدة من جهة ثانية.
وكان رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك ندد في وقت سابق بالابتزاز الحوثي، وطالب الأمم المتحدة باتخاذ موقف واضح تجاه استخدام الحوثيين للمواطنين والمتاجرة بمعاناتهم كذريعة للتنصل عن الآلية المتفق عليها وتسخير عائدات ضرائب النفط لصرف رواتب موظفي الدولة.
وأكد رئيس الوزراء في تصريحات رسمية أن افتعال الجماعة الانقلابية لأزمة المشتقات النفطية، والتنصل عن تطبيق الآلية المتفق عليها برعاية أممية، محاولة للعودة إلى تهريب الوقود الإيراني واستخدام العائدات لاستمرار تمويل حربها العبثية ضد الشعب اليمني، الذي تعمق معاناته الإنسانية بغرض تحقيق مكاسب سياسية.
‎وقال عبد الملك: «لا بد أن يكون للأمم المتحدة ومبعوثها موقف واضح حيال محاولة الحوثيين الاتجار بمعاناة المواطنين في مناطق الحوثيين عبر افتعال أزمة في المشتقات النفطية لإنعاش السوق السوداء التي تدر عليهم مبالغ طائلة، وما حدث من انفجارات في صنعاء وصعدة لخزانات نفطية وسط أحياء سكنية دليل واضح على ذلك».
وفي وقت سابق أيضا حذر وزير الإعلام والثقافة اليمني معمر الإرياني من انعكاسات استمرار الميليشيات الحوثية في افتعال أزمة المشتقات على ما تبقى من مظاهر الحياة في مناطق سيطرتها.
وقال: «‏ما يقوم به مرتزقة إيران في اليمن من افتعال لأزمة المشتقات يهدف لابتزاز المجتمع الدولي لتحقيق مكاسب سياسية، ونهب مدخرات المواطنين في مناطق سيطرتها، وإنعاش السوق السوداء، التي تديرها لصالح تمويل عملياتها التخريبية وحربها ضد اليمنيين واستهداف الأمن الإقليمي والدولي».


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.