لبنان: انفجار مستودع للمحروقات يفضح حجم التهريب

الدراجات النارية وسيلة مفضلة بعد إقفال المعابر غير الشرعية مع سوريا

ألسنة اللهب تتصاعد من مستودع المحروقات الذي انفجر قرب الحدود اللبنانية مع سوريا (الشرق الأوسط)
ألسنة اللهب تتصاعد من مستودع المحروقات الذي انفجر قرب الحدود اللبنانية مع سوريا (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: انفجار مستودع للمحروقات يفضح حجم التهريب

ألسنة اللهب تتصاعد من مستودع المحروقات الذي انفجر قرب الحدود اللبنانية مع سوريا (الشرق الأوسط)
ألسنة اللهب تتصاعد من مستودع المحروقات الذي انفجر قرب الحدود اللبنانية مع سوريا (الشرق الأوسط)

انفجر مستودع للمحروقات على تخوم الحدود مع سوريا في شمال شرقي لبنان فجر أمس، وهو الانفجار الثاني من نوعه منذ مطلع العام الجاري، ما يعيد فتح ملف تهريب المواد التي يدعمها «مصرف لبنان» إلى سوريا.
ودوى انفجار في خزان للبنزين في منطقة فيسان الحدودية القريبة من بلدة القصر قرب إحدى محطات المحروقات. لكن اللافت أن سعة الخزان الكبيرة من المحروقات والبالغة 10 آلاف ليتر، تشير إلى أنه معد بالأصل لتهريب المحروقات من الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي السورية.
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن خزانات التهريب في الأساس تم صنعها من أجل تخزين وتهريب المحروقات، وقد وضعت في مساحات من الأراضي المكشوفة.
هذه الخزانات، صنعت أساساً لتخزين المازوت، ولكن حاجة سوريا للبنزين، دفعت المهربين باتجاه تغيير وجهة استخدامها. ورجحت المصادر أن يكون الانفجار ناتجاً عن احتكاك بسبب عمليات شفط وسحب البنزين بواسطة المضخات بالطريقة اليدوية، خصوصاً أنها عرضة دائمة لحرارة الطقس البارد ليلاً والحار في أوقات النهار.
ولا يعد انفجار خزان أمس الانفجار الأول في مناطق التهريب، فقد وقع انفجار آخر أكبر من هذا الانفجار قبل أسبوعين، في مستودعات للمازوت وقوارير الغاز والبنزين وأحدث دوياً هائلاً، وارتفعت ألسنة اللهب بطول عشرات الأمتار، واستمرت أصوات الانفجارات متواصلة حتى صباح اليوم التالي نتيجة اشتعال قوارير الغاز داخل المستودع.
وبينما وقع الانفجار الأول على بُعد 8 أمتار من الحدود، وأحرق مستودعاً للتهريب قرب ساقية جوسية من الجهة السورية، وقع الانفجار أمس على بعد نحو 500 متر عن الحدود السورية داخل الأراضي اللبنانية.
وفتحت هذه الانفجارات ملف التهريب مرة أخرى، وقال مصدر ميداني في البقاع لـ«الشرق الأوسط» إن قوارير الغاز التي فقدت من مناطق الهرمل الحدودية (شمال شرقي لبنان) تُباع بأسعار مضاعفة من قبل المهربين داخل الأراضي السورية، كما تُباع صفيحة البنزين المهربة من الأراضي اللبنانية إلى الداخل السوري على خط حمص بأكثر من خمسين ألف ليرة لبنانية (12 دولاراً على سعر صرف السوق) بينما يبلغ سعرها نصف هذه القيمة في الداخل اللبناني.
ونشطت في الآونة الأخيرة عمليات التهريب بالغالونات على دراجات نارية، بعد أن أغلقت القوى العسكرية اللبنانية الحدود أمام الشاحنات ومعابر التهريب غير الشرعية. ويمكن لكل دراجة نارية أن تحمل حوالي 200 ليتر من المحروقات خلال رحلتها من الداخل اللبناني إلى الداخل السوري، ولكي تعبر الساقية بسهولة يمكن وضع لوح خشبي فوق الساقية يمكنها من العبور.
ولا تزال مكافحة عمليات التهريب مثار مطالب مستمرة من قبل القوى السياسية في لبنان والتي يتصدرها «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية»، مطالبين القوى الأمنية اللبنانية بإقفال الحدود نهائياً وملاحقة المهربين.



انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)

بالتزامن مع بيانات أممية أكدت اتساع رقعة الفقر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تواصل الجماعة المدعومة إيرانياً إشعال الصراعات القبلية التي تحولت إلى أحد مصادر كسب الأموال لدى قادتها، إلى جانب إشغال فئات المجتمع بالصراعات البينية لتجنب أي انتفاضة شعبية نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية.

وذكرت مصادر قبلية أن وجهاء محليين في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أبرموا اتفاقاً للهدنة بين قبيلتي «المعاطرة» و«ذو زيد» بعد أسبوع من المواجهات القبلية التي أدت إلى وقوع 16 قتيلاً وجريحاً من الجانبين.

عناصر حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن الوسطاء أعادوا فتح الطرقات بين منطقتي المواجهة التي تأتي في سياق تغذية الصراعات القبلية في المحافظة لإضعاف القبائل وإبعادها عن أي مواجهة مرتقبة مع الحوثيين.

واندلعت الاشتباكات - بحسب المصادر - نتيجة خلافات قبلية على ملكية جبل يسمى «نهم» يفصل بين القبيلتين، ويدَّعي كل طرف ملكيته، لكنها اتهمت قيادات في جماعة الحوثي بالوقوف خلف تلك الاشتباكات بعد تغذيتها للخلافات بين الطرفين منذ ما يقارب الشهرين، وعدم فصلها فيها رغم لجوء الطرفين إلى المشرفين الحوثيين هناك.

نزاع في إب

وفي مديرية الشعر التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قام القيادي الحوثي أشرف الصلاحي، وهو المسؤول عن إدارة المديرية، بشن حملة لاختطاف العشرات من السكان، وتغذية خلافات بين عائلتي «شهبين» و«عبية» على خلفية السعي لافتتاح طريق فرعي يمر عبر أراضٍ زراعية تملكها الأولى، رغم وجود طريق رئيسي تم تعبيده على نفقة السكان، ويُستخدم منذ عشرات السنين.

ووفقاً لما ذكره سكان في المنطقة التي تعد واحدة من بؤر المعارضة لسلطة الحوثيين، نشب خلاف بين الأسرتين في قرية «الشريحيين» بعزلة الأملوك حول استحداث طريق إضافي في المنطقة، حيث رفضت عائلة «شهبين» ضغوط القيادي الحوثي الصلاحي المعين مديراً للمديرية لفتح الطريق بقوة السلاح.

حملة عسكرية أرسلها الحوثيون لنصرة طرف ضد آخر في محافظة إب (إعلام محلي)

وأكد السكان أن الوضع في طريقه للانفجار في ظل إصرار القيادي الحوثي على انحيازه إلى أحد الأطراف، والحصول على أموال مقابل ذلك الموقف، وتمسُّك المعارضين بموقفهم.

وطبقاً لما روته مصادر قبلية متعددة لـ«الشرق الأوسط»، فإن المسؤولين الحوثيين في معظم المناطق يعتمدون على الجبايات في جمع الأموال، وتدبير نفقاتهم وإدارتهم، حيث يرغمون السكان على دفع نفقات تحرك أفراد الشرطة لمعاينة أي حادثة أو إحضار أحد المطلوبين، كما يحرصون على أن يكونوا محكمين في أي قضايا خلافية بين السكان للحصول على مبالغ مالية والحيلولة دون وصول هذه القضايا إلى المحاكم.

العبث بالقضاء

كانت الجماعة الحوثية قد شكلت قبل عامين ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم.

وأخيراً منحت الجماعة نفسها من خلال التعديل الأخير على قانون السلطة القضائية، حق تعيين معممين طائفيين قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة 3 أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هوى الجماعة.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

التعديلات التي قوبلت باعتراض رسمي وشعبي واسع رفضتها نقابة المحامين اليمنيين؛ إذ عبّرت عن أسفها من إقدام ما يسمى مجلس النواب في صنعاء الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسيين، على إقرار مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش.

وبينما أكدت النقابة تمسُّكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية برمتها، وإدانة تمرير المشروع، رأى محامون أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول ما يسمى مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الجماعة»، وإجبار القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها.

ووصف المحامون تلك التعديلات التي أُدخلت على قانون السلطة القضائية بأنها نتيجة التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

اشتداد الفقر

تأتي هذه الممارسات الحوثية بينما لا يزال انعدام الأمن الغذائي مرتفعاً، حيث يعاني واحد من كل اثنين من الأسر من استهلاك غير كافٍ للغذاء، في حين تأثرت نحو 43 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الجماعة بشكل كامل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجة استهلاك الغذاء الرديئة، وهي مقياس للحرمان الشديد من الغذاء، تعكس مستويات مثيرة للقلق حيث تأثرت نحو 20 في المائة من الأسر سلباً، وفق ما ورد في بيانات أممية حديثة.

مع اتساع رقعة الفقر يخشى الحوثيون من انتفاضة شعبية (الأمم المتحدة)

وطبقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يرجع في المقام الأول إلى خفض المساعدات الإنسانية، ما يؤثر في أولئك الذين اعتمدوا عليها بشكل كبير، جنباً إلى جنب مع الفيضانات الأخيرة والانحدار العام في سبل العيش.

وأدى ذلك - وفق المنظمة الأممية - إلى صدمات للأسر وفقدان الدخل في تلك المناطق، حيث أثرت على نحو 59 في المائة من الأسر، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالشهرين الماضيين، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، فقد واجهت نحو 53 في المائة من الأسر صدمات خلال شهر.