منظمات مغربية تعارض التخلي عن «كوتا» الشباب في البرلمان

عدّت ذلك «مؤشراً مقلقاً ورسالة سلبية»

TT

منظمات مغربية تعارض التخلي عن «كوتا» الشباب في البرلمان

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية عبّرت ستّ منظمات شبابية حزبية مغربية، في بيان مشترك صدر أمس، عن قلقها من الدعوات لإلغاء اللائحة الوطنية للشباب في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، التي حددت 30 مقعداً ضمن حصة (كوتا) مخصصة للشبان الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة.
وانتقدت المنظمات الشبابية الأصوات، التي تطالب بـ«التراجع عن الجزء المخصص للشباب في الدائرة الوطنية»، ورأت أن المسوغات التي يجري تقديمها «نكوصية ومحاولة لتحريف النقاش، وتشتيت انتباه الرأي العام عن أولوية التداول في السبل الحقيقية لتعزيز ضمانات انتخابات حرة ونزيهة وشفافة».
والمنظمات الشبابية المعنية هي: منظمة «الشبيبة الاستقلالية» التابعة لحزب الاستقلال (معارضة)، و«الشبيبة الاشتراكية» التابعة لحزب التقدم والاشتراكية (معارضة)، و«شبيبة العدالة والتنمية» التابعة لحزب العدالة والتنمية (غالبية)، و«شبيبة التجمع الوطني للأحرار» التابعة لحزب التجمع الوطني للأحرار (غالبية)، و«الشبيبة الاتحادية» التابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (غالبية)، و«الشبيبة الحركية» التابعة لحزب الحركة الشعبية (غالبية)، ومنظمة «الشبيبة الدستورية» التابعة لحزب الاتحاد الدستوري (غالبية).
ويأتي هذا الموقف المشترك الرافض لإلغاء «كوتا» الشباب، بعد الجدل الذي عرفته الساحة السياسية حول مراجعة القوانين الانتخابية، قبيل إجراء الانتخابات التشريعية المقررة هذا العام، حيث يجري الحديث عن تعزيز تمثيلية النساء في مجلس النواب من خلال الرفع من الكوتا المخصصة لهن من 60 مقعداً إلى 90 مقعداً. ولتحقيق هذا الهدف جرى تداول مقترح برفع عدد أعضاء مجلس النواب من 395 مقعداً إلى 425 لضمان إضافة 30 مقعداً للائحة الوطنية النسائية، دون المساس بلائحة الشباب. لكن مقترح رفع عدد أعضاء المجلس لقي تحفظاً لدى أطراف سياسية، كما أنه غير مستساغ من الرأي العام.
وضمن هذا السياق، صدرت تصريحات لبعض زعماء الأحزاب السياسية تدعو للتخلي عن لائحة الشباب لإفساح الباب لتعزيز تمثيلية النساء، وهي مواقف أقلقت المنظمات الشبابية الحزبية التي رأت أن اعتماد اللائحة الوطنية المخصصة لفئة الشباب، «إجراء تشجيعي وتحفيزي»، جرى على أرضية «التوافق كآلية للتمييز الإيجابي» لتعزيز حضور صوت الشباب «وقضاياه وهمومه وتصوراته، وطموحاته للوطن ومستقبله من داخل المؤسسات».
وأشادت المنظمات الشبابية الحزبية بما عبّرت عنه «جميع الأحزاب الكبرى» من خلال المذكرات التي قدمتها لوزارة الداخلية حول تنظيم الانتخابات المقبلة، والتي أكدت «إيجابية وحيوية اللائحة الوطنية، بوصفها مدخلاً مهماً للتمكين السياسي للشباب».
ودعا بيان للمنظمات الشبابية لـ«حماية المكتسبات المرتبطة بمشاركة الشباب في المؤسسات المنتخبة وطنياً ومحلياً»، وتطويرها «لتشمل سائر المؤسسات التمثيلية والهيئات الاستشارية ومؤسسات هيئات الحكامة».
كما استغربت المنظمات المطالب الداعية إلى «التراجع عن المقتضيات والضمانات القانونية المؤطِّرة لمشاركة الشباب في الحياة النيابية»، والتي تشكّل «مكتسبات وتراكمات إيجابية في مسار الممارسة الانتخابية للمغرب». موضحةً أن الملاحظات التي تثار حول اللوائح الانتخابية عموماً، واللائحة الوطنية خصوصاً، «ليست مبرراً لإلغاء تمثيلية الشباب، وإنما هي مبرر ومستند لإصلاح النظام الانتخابي وحوكمة عملية الترشيح»، من خلال حرص الأحزاب على «اعتماد منهجية ديمقراطية في اختيار المرشحين للائحة الوطنية للشباب، وتقديم كفاءات تستحق تمثيل الشباب المغربي في البرلمان».
وأشار البيان ذاته إلى أن الدعوات إلى التراجع عن اللائحة الوطنية للشباب تعد «مؤشراً مقلقاً ورسالة سلبية لإغلاق قوس آخر فتحته موجة الحراك الشبابي وطنياً وإقليمياً».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.