السعوديون في قصر اليمامة.. بروتوكول عفوي للتعازي ومبايعة دون تمييزhttps://aawsat.com/home/article/274501/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D8%B1%D9%88%D8%AA%D9%88%D9%83%D9%88%D9%84-%D8%B9%D9%81%D9%88%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%B2%D9%8A-%D9%88%D9%85%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%B9%D8%A9-%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%AA%D9%85%D9%8A%D9%8A%D8%B2
السعوديون في قصر اليمامة.. بروتوكول عفوي للتعازي ومبايعة دون تمييز
جانب من القاعة الرئيسية في قصر اليمامة حيث تلقى خادم الحرمين وولي عهده وولي ولي العهد التعازي في الملك الراحل على مدى 3 أيام
في الطريق نحو شارع الديوان الملكي السعودي وسط العاصمة الرياض، تصطف مئات المركبات الفارهة والعادية تقل مواطنين من كافة شرائح المجتمع، ينتظرون في زحام طويل أمام بوابة الديوان، لتقديم العزاء في فقيد البلاد الملك عبد الله بن عبد العزيز، مبايعين في ذات الوقت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير مقرن بن عبد العزيز، وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز.
وفي باحة قصر اليمامة، تلحظ موقفا خالدا، يعبر عنه الحدث بامتياز، فلا حواجز في الطريق نحو الملك سلمان، ولا تفرقة بين من يتقدم للسلام، سواء كان أميرا أو وزيرا أو عضوا في مجلس الشورى أو من عامة الشعب، ولا بطاقات دعوة خاصة ينبغي إشهارها للدخول، لترتسم في تلك الأثناء صورة بروتوكول عفوي، يسنه السعوديون وقت الأحداث الجسام، لدى تضامنهم مع وطنهم في آلامه برحيل زعيم، وتدشينهم مع العاهل الجديد، مرحلة فاصلة في التاريخ، تقوم على التآزر ووحدة الصف والمصير.
مواطنون من كل الأطياف والأوساط، ومن مختلف المناطق السعودية، حضروا بلباسهم التقليدي إلى المكان الذي يوجد فيه الملك سلمان، قدموا العزاء والمبايعة في آن واحد، وانصرفوا مطمئنين للمستقبل دون أن يساورهم خوف أو قلق، بعد أن شاركوا في تجسيد مشهد خاص ليس له مثيل إقليمي على الأقل، وصادقوا على مرحلة جديدة تقوم على الأمن والاستقرار ويسودها التفاؤل.
وفي طابور الانتظار، جلس الشيخ إبراهيم بن محمد الخريجي، الإمام السابق للجامع الكبير في الخرج، في كرسيه المتحرك، بعد أن أقعده عن المشي عمره الذي فاق القرن من الزمان، وعلى الرغم من أنه ليس بكامل عافيته أصر على الحضور، وذكر ابنه «عبد العزيز»، أن والده عاصر كل الحقب التي شهدتها الدولة منذ عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، وكان ضمن وفد استقبال الملك فاروق زعيم مصر، لدى زيارته للسعودية في عهد الملك عبد العزيز في 24 يناير (كانون الثاني) عام 1945، وعقدا حينها قمة عرفت باسم «قمة رضوى» بالقرب من جبل رضوى الشهير الذي يشرف على مدينة ينبع.
وكلف الملك سعود بن عبد العزيز، الخريجي كاتبا في محافظة وبلدية الخرج، وتولى مهمة توزيع الأراضي على المواطنين هناك، واحتفظ بصلات مع الملك سلمان بن عبد العزيز منذ تعيينه رسميا أميرا لمنطقة الرياض عام 1955، وبلغت محبة الخريجي للملك سلمان، إلى درجة أنه أوصى أبناءه وأحفاده الـ130 بأن يدعوا الله للملك سلمان كلما دعوا له، وذلك حينما تعرض لأزمة صحية قبل 24 عاما.
اللافت في منظر العزاء والبيعة الذي شهدته الرياض خلال الأيام الثلاثة الماضية، أن عربا وأفارقة من مواليد البلاد، اتيحت لهم فرصة التعزية في الملك عبد الله بن عبد العزيز، وساروا جنبا إلى جنب مع بقية مواطني البلاد دون أن تحظر السلطات دخولهم إلى قصر الحكم أو الديوان الملكي، فيما أعرب الجميع عن تضامنهم مع أصدقائهم السعوديين، «خاصة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الوطن».
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الرياض:«الشرق الأوسط»
TT
الرياض:«الشرق الأوسط»
TT
السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.
وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.
وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.
وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).
وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.
وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».
وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.
كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.
كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».
وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.
ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.
واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.
وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.
واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.
وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.
واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.
وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.
وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.
وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.
وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.
وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.
وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.
ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.