«حماس» تهاجم عباس... وآمال المصالحة تتقلص

في يوم زاخر بالصدامات مع الاحتلال

فلسطينيون خلال احتجاجات في قرية التواني جنوب الخليل (إ.ب.أ)
فلسطينيون خلال احتجاجات في قرية التواني جنوب الخليل (إ.ب.أ)
TT

«حماس» تهاجم عباس... وآمال المصالحة تتقلص

فلسطينيون خلال احتجاجات في قرية التواني جنوب الخليل (إ.ب.أ)
فلسطينيون خلال احتجاجات في قرية التواني جنوب الخليل (إ.ب.أ)

بعد ثلاثة أسابيع من تجدد الآمال الفلسطينية بإنهاء الانقسام والعودة إلى المصالحة، وفي يوم زاخر بالصدامات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين المشتركين في المسيرات السلمية احتجاجا على ممارسات القمع والاستيطان، خرجت حركة «حماس»، مساء أمس الجمعة، ببيان هاجمت فيه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، على قراراته الأخيرة حول التعديلات في السلطة القضائية واعتبرتها «مرفوضة ومدانة»، لتتقلص من جديد آمال الانفراج والمصالحة.
وأصدر الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، بيانا شديد اللهجة يذكر بأجواء الانقسام، عاد فيه لاستخدام تعبير «رئيس السلطة» بدلا من «الرئيس الفلسطيني». وقال «إن الانتهاكات الدستورية التي حملتها قرارات رئيس السلطة بما يسمى تعديلات قوانين السلطة القضائية، مرفوضة ومدانة، وتثير قلقا حقيقيا بإصرار رئاسة السلطة في رام الله على انتهاك الأصول الدستورية والقانونية في تشريع أو تعديل القوانين». وتابع: «القرارات الأخيرة تهدف للاستيلاء على السلطة القضائية والسيطرة على إرادتها بشكل غير دستوري، وانتهاك لأي استقلالية للقضاء، وهو ما يؤشر على توجه قيادة السلطة في رام الله لمواصلة التحكم بالحريات والحقوق العامة. وهي تعبر عن رغبة قيادة السلطة باستمرار التفرد والهيمنة على النظام السياسي الفلسطيني، بالرغم مما تعيشه الحالة الفلسطينية من التحضير لأجواء انتخابية تتوفر فيها متطلبات النجاح من إطلاق للحريات العامة وتوفير أعلى درجات الشافية والاستقلالية القضائية التي تنتهكها التعديلات الأخيرة».
وقد سارع بسام الصالحي، الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، للدعوة إلى عقد اجتماع عاجل للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية ومن ثم المجلس المركزي الفلسطيني قبل نهاية هذا الشهر يتبعه إصدار الرئيس أبو مازن مراسيم إجراء الانتخابات.
وكان يوم أمس، كما في كل يوم جمعة، شهد عدة حوادث صدامات بين قوات الاحتلال والمستوطنين من جهة وبين الفلسطينيين المتظاهرين في المسيرات السلمية.
ففي بلدة المغير، شرقي رام الله، أصيب عشرات الفلسطينيين، إثر اعتداء جيش الاحتلال الإسرائيلي، على مسيرة انطلقت عقب صلاة الجمعة، مستخدما الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع. وتكرر هذا الاعتداء في كل من مسافر يطا، جنوبي الخليل، وفي مسيرة كفر قدوم الأسبوعية، قضاء نابلس، وفي مدينة جنين. وقد أصيب خمسة فلسطينيين، بينهم سيدة، بالرصاص وأصيب العشرات بحالات اختناق، جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع.
وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار، صباح أمس، صوب رعاة الأغنام شرقي قرية جحر الديك شمال شرقي مخيم البريج وسط قطاع غزة. ورد الفلسطينيون بإطلاق عدة بالونات مفخخة.
وفي القدس الشرقية المحتلة، أدى بضع مئات قليلة من الفلسطينيين صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، وبات المسجد شبه خال من المصلين كمثل هذه اليوم من كل أسبوع، بسبب الإغلاق العام والقيود على الحركة المفروضة للأسبوع الثالث على التوالي، ضمن «الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا». وحولت سلطات الاحتلال القدس القديمة وطرقاتها والشوارع المحاذية لها لثكنة عسكرية، بنشر العشرات من القوات والضباط، ونصب الحواجز، إضافة إلى انتشار على أبواب المسجد الأقصى. وأوقفت الشرطة هويات الوافدين إلى المسجد الأقصى، وأخضعت بعض الشبان للتفتيش الجسدي، ومنعت العشرات من المصلين الوصول إلى الأقصى. وقدرت دائرة الأوقاف الإسلامية عدد المصلين في الأقصى بـ1000 مصل. وقال الخطيب الشيخ يوسف أبو سنينة في خطبة الجمعة: «إن أرضكم وقدسكم مسكن الأنبياء والعلماء وقد سميت بالمقدسة لأنها مطهرة وقدسها الله. كونوا صفا واحدا واصبروا. فما يجري اليوم بالمسجد الأقصى بدعوى المرض لهو عبء على الناس، فيجب على المسؤولين أن يعملوا على تغيير ذلك فلا يصح أن يغلق المسجد الأقصى بدون غيره، ونحن هنا نطالب بأن ترفع هذه القرارات عن المسجد الأقصى فلا يصح أن يغلق بهذا الشكل، بينما يتاح لليهود دخول المكان».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».