الاحتفالات تغيب عن شوارع تونس في الذكرى العاشرة للثورة

«العفو الدولية» تنتقد تفشي {الإفلات من العقاب}

شبان شاركوا في مظاهرة محدودة وسط العاصمة التونسية أمس بمناسبة ذكرى الثورة (أ.ب)
شبان شاركوا في مظاهرة محدودة وسط العاصمة التونسية أمس بمناسبة ذكرى الثورة (أ.ب)
TT

الاحتفالات تغيب عن شوارع تونس في الذكرى العاشرة للثورة

شبان شاركوا في مظاهرة محدودة وسط العاصمة التونسية أمس بمناسبة ذكرى الثورة (أ.ب)
شبان شاركوا في مظاهرة محدودة وسط العاصمة التونسية أمس بمناسبة ذكرى الثورة (أ.ب)

رغم أنها شكَّلت حدثاً فارقا في تاريخ تونس الحديث، فإنه لم يكن هناك ما يشير إلى احتفال التونسيين، أمس، بالذكرى العاشرة لثورة 14 يناير (كانون الثاني). فالحركة كانت بطيئة للغاية في أهم شوارع العاصمة وباقي المدن، واختفت المسيرات التي كانت في السابق تشيد بالثورة، كما غابت الاحتجاجات المطالبة بتحقيق انتظاراتها.
وتزامن الاحتفال بالذكرى العاشرة للثورة هذه السنة مع خضوع البلاد لحجر الصحي شامل، وهو ما جنّب معظم السياسيين من مواجهة سخط الشارع التونسي، الذي ما زال يحمل المطالب ذاتها، التي انطلق بها في 2011، وهي الحرية والكرامة والشغل. كما تحل هذه الذكرى في مناخ يغلب عليه التشاؤم والغضب والحنق، ويتطلع فيه بعض التونسيين لما قبل الثورة، ويحنّ للماضي الذي كانت فيه فرص العيش أفضل.
واكتفى هشام المشيشي، رئيس الحكومة، بتوجيه تهنئة مقتضبة إلى التونسيين بهذه المناسبة، ووعدهم بالبقاء على العهد، والتمسك بالثورة، ومواصلة البناء، فيما صمتت أغلبية الأحزاب الممثلة بالبرلمان عن الكلام، ولم تجد على ما يبدو ما تقوله للتونسيين.
وصباح الاحتفال بذكرى الثورة، أكد محمد زكري، المتحدث باسم وزارة الدفاع، انفجار لغم أرضي بجبل للاعيش في الكاف (شمال غرب)، أثناء قيام دورية عسكرية بعملية تمشيط، وهو ما أسفر عن إصابة جندي، وبتر ساقه اليمنى. ومن خلال جولة خاطفة لـ«الشرق الأوسط» في أحد الأحياء الشعبية القريبة من العاصمة، لوحظ أن الحركة كانت بطيئة للغاية، وغياب أي مظاهر للاحتفال، وهو ما طرح تساؤلات عدة حول مدى اقتناع جزء مهم من المواطنين بما حصل قبل عشر سنوات، وحول ضرورة المراجعة في حال انحراف مسار الثورة.
وقال حسان العيادي، المحلل السياسي التونسي، فقد أوضح أنه «رغم مرور 10 سنوات من عمر الثورة، فإنه لا يكاد يوجد ما يدل على أن البلاد والعباد يحيون هذه الذكرى، التي باتت تُعدّ شؤماً لمن يرون أن الأوضاع تتدهور سنة بعد سنة. وقد انقلب الترحيب بالثورة وشعاراتها تبرماً وحنقاً منها، ومن الذين دعوا إليها».
في غضون ذلك، انتقدت «منظمة العفو الدولية» استمرار تفشي حالة الإفلات من العقاب للمتورطين في الانتهاكات التي رافقت أحداث الثورة في تونس، ما تسبب في إعاقة تعويض الضحايا عن الأضرار. وأوضحت المنظمة في تقرير لها نُشِر، أمس، بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة، أن ضحايا الثورة لا يزالون يناضلون من أجل نيل العدالة، وجبر الضرر عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي لحقتهم.
ونظمت المحاكم المتخصصة في قضايا الانتهاكات بموجب قانون العدالة الانتقالية، عشر محاكمات للنظر في 12 لائحة اتهام بالقتل غير المشروع، والشروع في القتل والتعذيب، لكنها لم تفضِ إلى إصدار أحكام ضد متهمين من رجال الأمن، ومسؤولين سابقين في أجهزة الدولة، حيث لم يحضروا بدورهم الجلسات.
وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «منظمة العفو الدولية»: «قد تكون هذه المحاكمات هي الفرصة الأخيرة لإجراء المساءلة عن الجرائم المرتكبة، وتحقيق العدالة للضحايا وأسرهم. غير أنها قوضت إلى حد كبير بسبب استمرار العرقلة من قبل القطاع الأمني».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.