اكتشاف أقدم لوحة صخرية في العالم داخل مغارة في إندونيسيا

اللوحة الصخرية فيها رسم بالحجم الطبيعي لخنزير بري (إ.ب.أ)
اللوحة الصخرية فيها رسم بالحجم الطبيعي لخنزير بري (إ.ب.أ)
TT
20

اكتشاف أقدم لوحة صخرية في العالم داخل مغارة في إندونيسيا

اللوحة الصخرية فيها رسم بالحجم الطبيعي لخنزير بري (إ.ب.أ)
اللوحة الصخرية فيها رسم بالحجم الطبيعي لخنزير بري (إ.ب.أ)

اكتشف فريق دولي من علماء الآثار في إندونيسيا أقدم لوحة صخرية معروفة حتى الآن في العالم، وهي رسم بالحجم الطبيعي يعود إلى 45 ألفاً و500 عام على الأقل، ويمثل خنزيراً برياً، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأوردت مجلة «ساينس أدفانسز» في عددها الصادر، أمس (الأربعاء)، تفاصيل هذا الاكتشاف الذي يوفر أيضاً أقدم دليل على الوجود البشري في المنطقة.
وقال أحد معدي المقال ماكسيم أوبير من جامعة «غريفيث» في أستراليا، إن اللوحة اكتشفها في جزيرة سولاويزي عام 2017 طالب الدكتوراه بسران برهان، خلال أعمال تنقيب عن الآثار كان يجريها الفريق مع السلطات الإندونيسية.
وتقع مغارة «ليانغ تدونغنيي» في وادٍ منعزل تحيط به منحدرات من الحجر الجيري، على بعد نحو ساعة مشياً من أقرب طريق. ولا يمكن الوصول إلى هذا الكهف إلا خلال موسم الجفاف، بسبب الفيضانات التي يشهدها موسم الأمطار. وأخبر أعضاء من مجتمع بوجيس المنعزل الفريق بأنها المرة الأولى التي يصل فيها غربيون إليه.
ويبلغ ارتفاع هذه اللوحة 54 سنتيمتراً وعرضها 1.36 متر، وقد تم رسم هذه اللوحة لخنزير سيليبس باستخدام صبغة مغرة حمراء داكنة. ويظهر ما يشبه النابين على وجه الخنزير، وهو شكل نموذجي لدى الذكور البالغين من هذا النوع.
وقال آدم بروم الذي شارك في إعداد المقال أيضاً، إن «الخنزير يبدو كأنه يراقب قتالاً أو تفاعلاً بين اثنين من الخنازير البرية الأخرى».
ودرج البشر على اصطياد خنازير سيليبس في جزيرة سولاويزي لعشرات الآلاف من السنين، وغالباً ما كان يتم تصوير هذه الحيوانات في فن ما قبل التاريخ في المنطقة؛ خصوصاً فن العصر الجليدي.
ولاحظ خبير تحديد التواريخ ماكسيم أوبير أن رواسب من الكالسيت تشكلت فوق اللوحة الجدارية، ثم استخدم تقنية التأريخ بواسطة اليورانيوم مستنتجاً منه أن الرواسب تعود إلى 45 ألفاً و500 عام.
وأوضح الباحث أن عمر اللوحة الجدارية من عمر الرواسب على الأقل «لكنها قد تكون أقدم بكثير؛ لأن التاريخ الذي اعتمدناه ليس إلا تاريخ الكالسيت في الأعلى»، وأضاف: «الأشخاص الذين نفذوا هذه اللوحة كانوا عصريين تماماً، وكانت لديهم كل المهارات والأدوات لتنفيذ أي لوحة يريدونها».
قبل ذلك، اكتشف الفريق نفسه أقدم لوحة صخرية معروفة في جزيرة سولاويزي أيضاً، وكانت تمثل مجموعة من الشخصيات نصف البشرية ونصف الحيوانية التي تصطاد الثدييات، وتبين أنها تعود إلى ما لا يقل عن 43900 عام.
وتساهم مثل هذه اللوحات الجدارية الكهفية في سد مكامن النقص في المعلومات المتوافرة عن الهجرات البشرية القديمة.
ومن المعروف أن مجموعات بشرية وصلت إلى أستراليا وسكنتها قبل نحو 65 ألف عام، وربما عبرت أولاً الأرخبيل الإندونيسي الشرقي ووالاسيا الذي تعتبر سولاويزي جزءاً منه.
ويمثل الموقع الأثري الآن أقدم دليل على الوجود البشري في والاسيا؛ لكن الباحثين يأملون في أن تظهر الحفريات الإضافية أن القبائل كانت موجودة في المنطقة قبل مدة طويلة، ما يساعد على حل لغز استيطان أستراليا.
ويعتقد الفريق أيضاً أن اللوحة رسمها الإنسان العاقل (هومو سابيينس)، وليست من عمل أنواع بشرية انقرضت اليوم كالدينيسوفان، ولكن لا يمكن الجزم بذلك.



بينالي الفنون الإسلامية يستعرض مبادئ الاستدامة وأفكاراً عملية لتقليل هدر الطعام

الشيف علا كيال في ورشة رمضان «بلا إسراف» التي قدمتها في بينالي الفنون الإسلامية (بينالي الفنون الإسلامية)
الشيف علا كيال في ورشة رمضان «بلا إسراف» التي قدمتها في بينالي الفنون الإسلامية (بينالي الفنون الإسلامية)
TT
20

بينالي الفنون الإسلامية يستعرض مبادئ الاستدامة وأفكاراً عملية لتقليل هدر الطعام

الشيف علا كيال في ورشة رمضان «بلا إسراف» التي قدمتها في بينالي الفنون الإسلامية (بينالي الفنون الإسلامية)
الشيف علا كيال في ورشة رمضان «بلا إسراف» التي قدمتها في بينالي الفنون الإسلامية (بينالي الفنون الإسلامية)

يأتي شهر رمضان كل عام ليجدد في نفوس المسلمين معاني العطاء، والامتنان، والتقدير للنعم. غير أن مظاهر الإسراف والهدر الغذائي، التي تتفاقم في هذا الشهر الفضيل، تطرح تساؤلات جدية حول كيفية تحقيق توازن بين الوفرة والاعتدال. وفي محاولة لمعالجة هذه القضية، يقيم بينالي الفنون الإسلامية ورشة عمل بعنوان «رمضان بلا إسراف: تقدير النعم والحد من الهدر»، تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية تقليل هدر الطعام من منظور ديني وثقافي، وتقديم حلول عملية لمواجهة هذه الظاهرة.

سبعة مبادئ لتحقيق الوفرة

الورشة التي تستند إلى نهج الشيف النباتية والناشطة في الاستدامة عُلا كيال، تستعرض المبادئ السبعة للاستدامة المستوحاة من تعاليم الإسلام، والتي تشدد على تقدير النعم وعدم الإسراف. فالرسول (صلى الله عليه وسلم) كان قدوة في الاعتدال والاقتصاد، يدلل على ذلك قوله: «كلوا واشربوا ولا تسرفوا». هذه المبادئ تؤكد أن الاستدامة ليست مجرد مفهوم حديث، بل هي جزء من الموروث الإسلامي، الذي يحث على الحفاظ على الموارد والاعتدال في الاستهلاك.

من هذا المنطلق ترى كيال أن كل شخص لديه القدرة على إحداث تأثير إيجابي، وأن كل لقمة طعام تمثل نعمة تستحق التقدير. مضيفةً: «تقدير النعم يبدأ من وعينا بكيفية استخدام الطعام والاستفادة من كل جزء منه، حتى لا نهدر مواردنا ونكون ممن يسرفون في النعمة».

من الوفرة إلى الإسراف

تشير الإحصائيات المحلية إلى أن نسبة كبيرة من الأطعمة تُهدر خلال شهر رمضان، إذ تزداد المناسبات والتجمعات الاجتماعية. ومن بين ذلك الخبز، والأرز، والفواكه، والحلويات. وتكشف الأرقام عن تحولات ملحوظة في أنماط الاستهلاك، إذ أصبح الإسراف عادةً مألوفة، على الرغم من الدعوات المتكررة للترشيد. وألقت كيال الضوء على هذا التغير بالقول: «للأسف، اعتدنا ثقافة الأكل السريع وغير الصحي، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة. فالاستدامة تبدأ من المطبخ، من خلال تقليل الكميات وتقدير كل عنصر غذائي نستهلكه».

وخلال الورشة، تم تقديم عرض عملي حول كيفية إعادة استخدام أكثر الأطعمة المهدرة شيوعاً بطرق مبتكرة، مثل الخبز الجاف وتحويله إلى فتوش وبودينغ خبز، كذلك الأرز المتبقي الذي تم إعداد كرات الأرز المقلية منه وإضافته إلى الحساء، وأيضاً الفواكه الناضجة التي تم تحويلها إلى عصائر طبيعية ومربى، وأخيراً الاستفادة مما تبقى من الخضراوات لتحضير الشوربات والسلطات.

الشيف علا كيال تشرح للحاضرين أهمية تقليل هدر الطعام من منظور ديني وثقافي (بينالي الفنون الإسلامية)
الشيف علا كيال تشرح للحاضرين أهمية تقليل هدر الطعام من منظور ديني وثقافي (بينالي الفنون الإسلامية)

كما تضمنت الورشة نصائح عملية حول كيفية تبريد الطعام بسرعة وتخزينه بشكل آمن لتجنب الأمراض المنقولة بالغذاء. حيث تؤكد الناشطة أهمية التعامل مع بقايا الطعام بوعي ومسؤولية، بالقول: «النقطة الأساسية هي تقليل الكميات من البداية، وإذا تبقى طعام، فيجب تبريده وتخزينه فوراً وإعادة تسخينه جيداً عند استخدامه لاحقاً».

وتم التأكيد خلال الورشة أن الحد من هدر الطعام ليس فقط مسؤولية فردية بل مجتمعية أيضاً. فبالإضافة إلى الاستخدام الشخصي للطعام المتبقي، يمكن التواصل مع شركات حفظ النعمة، التي تقوم بجمع بقايا الطعام بعد المناسبات وإعادة توزيعها على المحتاجين. كما يمكن تقديم بقايا الطعام في المطاعم لعمال النظافة، بوصفها خطوة عملية لتقليل الهدر.

الصحة تبدأ من المطبخ

وتشدد علا كيال على أن الصحة النفسية والجسدية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجودة الطعام الذي نتناوله. فالأطعمة المكررة مثل السكر الأبيض، والدقيق الأبيض، إضافةً إلى الأطعمة المصنعة، تعد من الأسباب الرئيسية لانتشار الأمراض المزمنة مثل السكري، والضغط، والكوليسترول. كما أن نقص بعض العناصر المعدنية مثل المغنيسيوم، الناجم عن الزراعة غير المستدامة، يؤثر سلباً على الصحة النفسية ويسبب الشعور بالتعب والاكتئاب.

مضيفةً أن «الصحة تأتي من الطعام المتكامل غير المكرر وغير المهدرج، ونحن في (نباتي) نحرص على إعداد كل شيء من الصفر، من دون أي مواد حافظة أو مكونات صناعية، لضمان تقديم طعام صحي 100 في المائة».

«نباتي» لتحقيق الاستدامة والوعي الغذائي

شغف علا كيال بالطهي بدأ منذ الطفولة، حيث كانت تُعِد الحلويات لعائلتها وتبيعها لصديقاتها وهي لا تزال مراهقة. رغم حبها المبكر للطهي، درست إدارة الأعمال في سويسرا قبل أن تحقق حلمها بالانضمام إلى أكاديمية فنون الطهي في سويسرا. وهناك، تلقَّت تدريباً مكثفاً في مطاعم عالمية حاصلة على نجوم ميشلان.

خلال دراستها، أطلقت فكرة مشروع «نباتي»، حيث ابتكرت وصفة آيس كريم نباتي خالٍ من السكر المكرر والمكونات الحيوانية. وفي عام 2019، أسست مشروعها في ميامي، قبل أن تعود إلى السعودية بعد 15 عاماً لتسهم في تعزيز ثقافة الطعام الصحي والمستدام.

يشار إلى أن ورشة رمضان بلا إسراف أكثر من مجرد ورشة عمل، بل هي رسالة ودعوة لإعادة التفكير في عاداتنا الاستهلاكية، وتقدير النعم، والعمل على تحقيق استدامة حقيقية تبدأ من المطبخ وتمتد لتشمل المجتمع بأسره.