اجتماع طارئ لمنظمة الصحة يدرس فيروس «كورونا» المتحور

عامل صحي يجري مسحة فيروس كورونا لمواطن بالصين (أ.ف.ب)
عامل صحي يجري مسحة فيروس كورونا لمواطن بالصين (أ.ف.ب)
TT

اجتماع طارئ لمنظمة الصحة يدرس فيروس «كورونا» المتحور

عامل صحي يجري مسحة فيروس كورونا لمواطن بالصين (أ.ف.ب)
عامل صحي يجري مسحة فيروس كورونا لمواطن بالصين (أ.ف.ب)

تدرس لجنة الطوارئ في منظمة الصحة العالمية اليوم (الخميس) النسخ المتحورة من فيروس كورونا المستجد التي تقلق سلطات دول العالم التي تحاول التصدي لها من خلال زيادة تدابير الإغلاق وتطبيق حظر التجول ونشر حملات تلقيح.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن النسخ المتحورة من فيروس كورونا المستجد شديدة العدوى، لا سيما البريطانية والجنوب أفريقية منها، وتنتشر بسرعة في العالم. فقد بلغ عدد الدول التي تنتشر فيها النسخة البريطانية المتحورة 50 بلداً فيما النسخة الجنوب أفريقية موجودة في 20 بلداً بحسب منظمة الصحة العالمية التي أشارت إلى أن العدد قد يكون أعلى.
ويجري راهناً تحليل نسخة ثالثة منشأها منطقة الأمازون البرازيلية وأعلنت اليابان رصدها الأحد، وقد تؤثر على الرد المناعي على ما أوضحت المنظمة التي تحدثت عن «نسخة مقلقة».
واستدعيت لجنة خبراء المنظمة التي تجتمع عادة كل ثلاثة أشهر قبل أسبوعين من موعد اجتماعها، للبحث خصوصاً في هذه النسخ المتحورة التي تتطلب «نقاشاً سريعاً».
وستصدر توصيات لمنظمة الصحة العالمية وللدول الأعضاء في ختام اجتماع الخميس على ما جاء في بيان للمنظمة نشر في جنيف.
ويشهد العالم موجة جديدة من الإصابات. فقد أعلنت الصين، حيث ظهر الفيروس للمرة الأولى نهاية عام 2019، الخميس تسجيل أول حالة وفاة بـ«كوفيد - 19» على أراضيها منذ ثمانية أشهر.
وقالت لجنة الصحة الوطنية إنّ حالة الوفاة سجّلت في مقاطعة خبي في شمال البلاد، من دون مزيد من التفاصيل. وكانت السلطات فرضت إغلاقاً عاماً في عدد من مدن هذه المقاطعة بعد عودة الفيروس للتفشّي فيها.
وسجّلت آخر حالة وفاة ناجمة عن «كوفيد - 19» في الصين القارية في مايو (أيار) 2020. وأشارت السلطات إلى 138 إصابة جديدة في البلاد وهي أعلى حصيلة يومية منذ مارس (آذار).
بموازاة ذلك، وصل إلى مدينة ووهان الصينية اليوم فريق خبراء من منظمة الصحة العالمية لمباشرة التحقيق في منشأ الجائحة بعد خضوعهم لحجر صحي وقائي.
وفي آسيا أيضاً وسعت اليابان نطاق حالة الطوارئ لتشمل إلى جانب طوكيو وضواحيها، سبع مقاطعات أخرى مع إغلاق الحانات والمطاعم مساء.
وسجلت بريطانيا التي تشهد أكبر ارتفاع في الإصابات وأعلى حصيلة ضحايا في أوروبا مع نحو 85 ألف حالة وفاة، الأربعاء 1564 وفاة جديدة في أسوأ حصيلة يومية منذ بدء الجائحة.
أما البرتغال، ففرضت الإغلاق التام مجدداً اعتباراً من الجمعة في وقت ينتشر فيه الفيروس بشكل متسارع مع تسجيل أكثر من 10 آلاف إصابة جديدة الأربعاء في صفوف السكان البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة.
وفي إسبانيا المجاورة سجلت نحو 39 ألف إصابة جديدة الأربعاء، مما يشكل «وضعاً محفوفاً بأخطار قصوى» على ما قالت وزيرة إدارة الأراضي كارولينا داريس.
أما في إيطاليا، فقد أعلنت السلطات تمديد حالة الطوارئ حتى 30 أبريل (نيسان)، فيما تحبس فرنسا أنفاسها مع الكشف الخميس عن تدابير جديدة لمواجهة ارتفاع عدد الإصابات التي زادت عن 23 ألفاً الأربعاء وانتشار النسخة البريطانية المتحورة من الفيروس.
من جانبها، تعيد تونس فرض الإغلاق مدة أربعة أيام من الخميس إلى الأحد لإبطاء انتشار «كوفيد - 19»، الذي وصل إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى وضع «خطر جداً» بحسب السلطات الصحية. ويعيد لبنان أيضاً فرض الإغلاق العام الخميس بعد تسجيل معدل إصابات قياسي وبلوغ مستشفيات عدة طاقتها الاستيعابية القصوى.
وفي أفريقيا، أعلنت موزمبيق تعزيز القيود بسبب ارتفاع عدد الإصابات.
وتسبب فيروس كورونا المستجد بوفاة مليون و977 ألف شخص في العالم منذ أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2019. وأصيب بالوباء أكثر من 3.‏92 مليون شخص.
وفي مواجهة انتشار الوباء تتهافت الحكومات لشراء اللقاحات وتوفيرها في أسرع وقت ممكن. وتنوي بريطانيا اعتماد التلقيح على مدار الساعة في «أقرب وقت ممكن» بغرض تحصين من هم فوق السبعين والطواقم الطبية والصحية أي نحو 15 مليون شخص بحلول منتصف فبراير (شباط). وقد لقحت حتى الآن 2.4 مليون شخص.
وحصل الاتحاد الأفريقي على 270 مليون جرعة لقاح للقارة التي لا تملك غالبية دولها المال لتوفير اللقاح لمواطنيها، كما أعلنت مساء الأربعاء جنوب أفريقيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد.
أما البرازيل فقد أعلنت الأربعاء أن مليوني جرعة من لقاح «استرازينيكا - أكسفورد» ستنقل جواً من الهند لبدء التلقيح بحلول نهاية الشهر الحالي.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟