ربما يدين الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب بالشفاء السريع، لاستخدام علاج من الأجسام المضادة، ومع ذلك، فإن الأجسام المضادة التي استخدمت في علاجه لها بنية معقدة، ولا تخترق الأنسجة بعمق، وقد تسبب مضاعفات غير مرغوب فيها، علاوة على أن إنتاجها أمر صعب ويستغرق وقتاً طويلاً، لذلك ربما لا تكون مناسبة للاستخدام على نطاق واسع.
هذه المشكلات سعى فريق بحثي دولي بقيادة جامعة «بون» الألمانية إلى حلها، عن طريق إنتاج أجسام نانوية من الأجسام المضادة أصغر من الأجسام المضادة التقليدية، يمكنها اختراق الأنسجة بشكل أفضل وإنتاجها بكميات أكبر، كما قام الباحثون أيضاً بدمج الأجسام النانوية في جزيئات يحتمل أن تكون فعالة بشكل خاص في مهاجمة أجزاء مختلفة من الفيروس في وقت واحد، ونشروا نتائج عملهم أول من أمس (الثلاثاء) في دورية «ساينس».
وتعتبر الأجسام المضادة سلاحاً مهماً في دفاع جهاز المناعة ضد العدوى، فهي تلتصق بالبنى السطحية للبكتيريا أو الفيروسات وتمنع تكاثرها، لذلك فإن إحدى الاستراتيجيات في مكافحة المرض هي إنتاج أجسام مضادة فعالة بكميات كبيرة وحقنها في المرضى.
وينتج الجهاز المناعي عدداً لا نهائياً تقريباً من الأجسام المضادة المختلفة، وقلة قليلة منها فقط تكون قادرة على هزيمة فيروس «كورونا»، ويشبه العثور على الفعال منها البحث عن إبرة في كومة قش.
ويقول بول ألبرت كونيغ، المتخصص في الأجسام النانوية في كلية الطب بجامعة «بون»، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة: «لقد قمنا أولاً بحقن بروتين سطحي من فيروس (كورونا) في حيواني الألبكة واللاما؛ حيث ينتج نظام المناعة لديهما بشكل أساسي أجساماً مضادة موجهة ضد هذا الفيروس، وبالإضافة إلى الأجسام المضادة الطبيعية المعقدة، تنتج اللاما والألبكة أيضاً نوعاً أبسط من الأجسام المضادة يمكن أن يكون بمثابة أساس للأجسام النانوية». بعد أسابيع قليلة، أخذ الباحثون عينة دم من الحيوانات، واستخرجوا منها المعلومات الجينية للأجسام المضادة المنتجة، وفي عملية معقدة، استخرجوا تلك التي تتعرف على بنية مهمة على سطح الفيروس التاجي «بروتين سبايك».
ويقول كونيغ: «حصلنا إجمالاً على العشرات من الأجسام النانوية، وقمنا بعد ذلك بتحليلها بشكل أكبر، وأثبتت أربعة جزيئات فعاليتها بالفعل ضد العوامل الممرضة في مزارع الخلايا بالمعمل».
ويوضح: «باستخدام هياكل الأشعة السينية والتحليلات المجهرية الإلكترونية، تمكنَّا من إظهار كيفية تفاعلها مع بروتين (سبايك) للفيروس».
ويعتبر بروتين «سبايك» ضرورياً للعدوى، فهو يعمل مثل «لاصق فيلكرو» الذي ترتبط به المستقبلات في الخلية البشرية المهاجمة، وبعد ذلك يغير البروتين هيكله، ويتجاهل المكون المهم للربط، ويتوسط اندماج غلاف الفيروس مع الخلية.
يقول كونيغ: «الأجسام النانوية تبطل هذا التغيير الهيكلي قبل أن يصادف الفيروس خليته المستهدفة، وهي طريقة عمل جديدة وغير متوقعة، وبالتالي لم يعد الفيروس قادراً على الارتباط بالخلايا المضيفة وإصابتها».
ويستغل الباحثون أيضاً ميزة رئيسية أخرى للأجسام النانوية، وهي هيكلها البسيط الذي يسمح بتوليفات مباشرة لتكوين جزيئات يمكن أن تكون أكثر فعالية بمئات المرات. ويضيف: «قمنا بدمج جسمين نانويين يستهدفان أجزاء مختلفة من بروتين (سبايك)، وكان هذا المتغير فعالاً للغاية».
ويشير كونيغ إلى أن الباحثين باتوا مقتنعين الآن بإمكانية تطوير الجزيئات النانوية إلى خيار علاجي جديد وواعد، يتميز عن الطريقة التقليدية لإنتاج الأجسام المضادة.
وتحتاج الطريقة التقليدية لإنتاج الأجسام المضادة وقتاً أطول؛ لكن الأجسام النانوية عبارة عن أجزاء من الأجسام المضادة بسيطة جداً؛ بحيث يمكن أن تنتجها البكتيريا أو الخميرة، وهي أقل تكلفة وأسرع في الإنتاج.
أجسام مضادة «نانوية» فعالة في مواجهة الفيروس
أجسام مضادة «نانوية» فعالة في مواجهة الفيروس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة