الجيش اللبناني ينتشر في الطفيل ويثبت نقطة حدودية مع سوريا

«حزب الله» يسدد متوجبات الكهرباء للحكومة السورية

تجمع لأهالي بلدة الطفيل أمس (الشرق الأوسط)
تجمع لأهالي بلدة الطفيل أمس (الشرق الأوسط)
TT

الجيش اللبناني ينتشر في الطفيل ويثبت نقطة حدودية مع سوريا

تجمع لأهالي بلدة الطفيل أمس (الشرق الأوسط)
تجمع لأهالي بلدة الطفيل أمس (الشرق الأوسط)

نفذ الجيش اللبناني انتشاراً داخل بلدة الطفيل الحدودية مع سوريا، وثبت نقطة حدودية متقدمة، تنفيذاً لمطالب السكان الذين عانوا من التوترات الأمنية خلال الأسبوعين الأخيرين، بموازاة مصالحة رعتها فعاليات سياسية وحزبية ودينية.
وكانت «الشرق الأوسط» نشرت يوم الاثنين الماضي عن خلاف أدى إلى توترات أمنية؛ منها إطلاق نار استهدف محطة توزيع الكهرباء ومضخة المياه، وطالب السكان الجيش اللبناني بتثبيت نقاط له داخل البلدة لمنع المسلحين من استباحة البلدة والهروب منها إلى داخل الأراضي السورية.
واستجابت الفعاليات اللبنانية والسورية لدعوات حل النزاع، أمس، بزيارة قامت بها فعاليات سياسية ودينية من المنطقة، أسفرت عن تشكيل لجنة للمصالحة، على أن تتعاون اللجنة الرئيسية مع لجنة فرعية تشكلت من 64 شخصاً من فعاليات وعشائر منطقة البقاع.
والطفيل؛ الواقعة في شرق لبنان بالبقاع الأوسط، بلدة لبنانية حدودية رُبطت بالأراضي اللبنانية منذ عامين فقط، وعانت خلال الفترة الماضية من الحرمان وندرة الخدمات، وكان سكانها يتوجهون إليها عبر معبر المصنع السوري. وفي الفترة الأخيرة، عانت من انقطاع التيار الكهربائي الذي يغذيها من سوريا، بسبب عدم دفع السلطات اللبنانية ما يتوجب عليها لسوريا ثمناً للكهرباء بسبب عقوبات «قانون قيصر».
وبعد إطلاق النار الذي رُصد قبل أسبوعين، عملت «مؤسسة كهرباء لبنان»، أمس، على تركيب محول جديد في البلدة بدلاً من المحول الذي تعرض للاعتداء، وذلك لتأمين التيار الكهربائي من الجهة السورية إثر تسديد «حزب الله» بدل المستحقات المتوجبة على البلدة وهي بقيمة 330 مليون ليرة لبنانية (220 ألف دولار حسب سعر الصرف الرسمي) لم تتمكن الحكومة اللبنانية من دفعها للجانب السوري.
وقال النائب عن «حزب الله» إبراهيم الموسوي الذي زار البلدة إلى جانب المفتي الشيخ بكر الرفاعي: «إننا تواصلنا مع الحكومة السورية، وعملنا على تسديد المبالغ المتوجبة على الدولة اللبنانية للجانب السوري، وأجرينا اتصالاً مع مدير عام (مؤسسة كهرباء لبنان)، كمال حايك، الذي استجاب للنداء، وجرى تركيب محول كهرباء جديد للبلدة».
واتفقت الأطراف المتصادمة على أن تنطلق المصالحة من «تجميد الدعاوى وإخراج كل السجناء، وتحديد الأراضي التي جرفت والتعويض على أهلها، وتحديد آلية لتوزيع الأراضي بعدما جرى شراؤها، وكيفية الحفاظ على الجميع على قاعدة العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه، وإيجاد صيغة حل على قاعدة العدالة».
وقال المتحدثون إن أطر الحل جرت بتوجيهات من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، ومن الرئيس سعد الحريري بإنهاء هذا الخلاف ووضع قطار الحل على السكة الصحيحة والانتهاء من هذا التوتر.
وسجل لواء الحدود البري في الجيش اللبناني والقوى الأمنية انتشاراً داخل بلدة الطفيل، وسير دوريات عند مداخلها من الجهتين السورية واللبنانية، لمنع التوترات الأمنية. ووضعت لجنة من «فوج الهندسة» في الجيش اللبناني نقاطاً جديدة لترسيم الحدود بإشراف الجيشين اللبناني والسوري إلى جانب الساتر الترابي القديم، وقامت بتثبيت نقاط جديدة كانت موضع خلاف حدودي.
ويقول أحد مواطني بلدة الطفيل إن اللجنة المشرفة على ترسيم الحدود في الجيش اللبناني عملت على تحصيل اثنين من الكيلومترات المربعة من الأراضي اللبنانية كانت ضائعة عند نقطة الحدود تعود لأراضي الطفيل بمحاذاة عسال الورد وسهل رنكوس السوريين، بموافقة ورضا الطرفين اللبناني والسوري.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».