تونس: احتجاجات ضد الحكومة لرفضها نشر قائمة ضحايا «ثورة الياسمين»

ينتظرونها منذ عقد بقصد إنصافهم وحصولهم على تعويضات

جانب من احتجاجات ضحايا «ثورة الياسمين» للمطالبة بنشر قائمة بأسمائهم وسط العاصمة أمس (أ.ب)
جانب من احتجاجات ضحايا «ثورة الياسمين» للمطالبة بنشر قائمة بأسمائهم وسط العاصمة أمس (أ.ب)
TT

تونس: احتجاجات ضد الحكومة لرفضها نشر قائمة ضحايا «ثورة الياسمين»

جانب من احتجاجات ضحايا «ثورة الياسمين» للمطالبة بنشر قائمة بأسمائهم وسط العاصمة أمس (أ.ب)
جانب من احتجاجات ضحايا «ثورة الياسمين» للمطالبة بنشر قائمة بأسمائهم وسط العاصمة أمس (أ.ب)

أعلنت لمياء الفرحاني، رئيسة جمعية «أوفياء لعائلات شهداء وجرحى الثورة» التونسية، التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي قبل عشر سنوات، عن مجموعة من التحركات خلال الذكرى العاشرة للثورة، أهمها مواصلة الاحتجاجات والمظاهرات، بعد رفض الحكومة نشر القائمة النهائية لشهداء الثورة وجرحاها في الرائد الرسمي (الصحيفة الحكومية الرسمية).
وكشفت الفرحاني لـ«الشرق الأوسط» عن رفع شكوى قضائية ضد عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض، على خلفية تصريحات تهين الثورة وجرحاها، وتعتبرها «انقلاباً ومؤامرة» ضد التونسيين. لكن المحاكم التونسية رفضتها بموجب قانون الإرهاب. ولتجاوز هذا الرفض، أكدت الفرحاني اعتزامها تقديم مباردة تشريعية إلى البرلمان من أجل «تجريم الاعتداء على الثورة وجرحاها»، وهي المبادرة الذي من المنتظر عرضها للنقاش على الملأ «لمحاصرة تحركات المشككين في الثورة التونسية»، على حد تعبيرها.
وكان رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، توفيق بودربالية، قد تحدث عن وجود «حسابات سياسية» تقف وراء تعطيل نشر القائمة الرسمية لشهداء وجرحى الثورة بالرائد الرسمي، معتبراً أن نشرها في أقرب الآجال الممكنة «يُعدّ خطوة أساسية لمواصلة استكمال مسار العدالة الانتقالية».
في السياق ذاته، أكد عبد الرحمان الهذيلي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية (منظمة حقوقية مستقلة)، أن «صوت تونس المخفي سينتصر»، معتبراً أن ثورة تونس في عمقها «هي ثورة اجتماعية، وصوت تونس من خلال عدد من التحركات الاجتماعية وتنوع مطالبها، وليس من حق النخب السياسية واللوبيات المتنفذة أن تدير ظهرها لهذه المطالب».
وواصل، أمس، عدد من جرحى الثورة اعتصامهم المستمر منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، للمطالبة بنشر القائمة النهائية للضحايا، الذين أُصيبوا، أو فقدوا حياتهم في الأحداث التي أطاحت بحكم بن علي، والتي تُعدّ مطلباً أساسياً منذ سنوات لعائلات الضحايا الذين نفذوا عشرات الوقفات الاحتجاجية أمام مقرات الحكم، من أجل نشر القائمة في الجريدة الرسمية.
واحتاج تحديد القائمة سنوات من التدقيق والبحث، قبل حصرها في الأخير في 129 شهيداً، و634 جريحاً رسمياً من بين ضحايا أعمال القمع خلال الاحتجاجات، التي اندلعت في 17 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2010، والتي أدت إلى سقوط حكم بن علي. لكن القائمة لم تُنشر حتى اليوم في الجريدة الرسمية حتى تصبح نافذة، وتمهد بذلك لاستكمال الحقوق والتعويضات المقررة لمستحقيها.
وقال عبد الحميد الصغير، أحد جرحى الثورة المشارك في الاعتصام لـ«وكالة الصحافة الألمانية»: «بدأنا الاعتصام منذ 17 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وكنا ننتظر التكريم والاعتراف بما قدمنا من تضحيات في الثورة. إلا أننا تعرضنا للعنف من قبل الأمن».
وأضاف الصغير، الذي تعرض لإصابات في رأسه ونجا من نزف داخلي: «لقد مر الاعتصام بمحطات نضالية. فهناك من أخاط فمه احتجاجاً على موقف الحكومة التي تستمر في تجاهل مطالبنا».
وسبق أن قدمت الدولة دفعات مالية من التعويضات، لكن المحتجين الذي قدموا من ولايات داخلية يطالبون بتأمين حياتهم الاجتماعية المتدهورة بسبب العاهات الملازمة لهم جراء القمع.
بدوره، قال جريح الثورة محمد العيدودي، الذي أجرى عملية جراحية في ذراعه: «لقد قدمت الحكومة مقترحاً بأنها ستنشر القائمة على موقعها الرسمي، ومن ثم ستنشرها في الجريدة الرسمية في مارس (آذار) المقبل. لكننا رفضنا هذا المقترح لأنه يعزز سياسة المماطلة»، مؤكداً أن الحكومة «ليست جدية وهي تتعامل مع الملف بالأسلوب ذاته منذ عشر سنوات».
ويأمل جرحى الثورة في أن تفرج الحكومة عن القائمة بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة لوضع حد لانتظاراتهم التي طالت منذ 2011. وبهذا الخصوص، قال الصغير: «نشر القائمة النهائية يعني الاعتراف بوجود ثورة. نريد أن نعرف إذا كانت الدولة تعترف بالثورة أم أنها تنكرها».
ورغم احتفالات محدودة وسط العاصمة بالذكرى العاشرة لسقوط نظام بن علي، لا تزال تسيطر على التونسيين مشاعر السخط والإحباط من الواقع الاجتماعي المتردي، ومن الطبقة السياسية التي فشلت، حسبهم، في إيجاد حلول ملائمة للملفات الاجتماعية والاقتصادية المعقدة. ولذلك تواصلت مظاهر الاحتجاجات اليومية في شوارع المدن، وزاد منسوب الغضب في الجهات، رغم مرور عشر سنوات عن اندلاع «ثورة الياسمين» كما يسميها التونسيون.
وتتعرض النخبة السياسية باستمرار لمزيد من الانتقادات، بسبب تفاقم الخلافات بينها. كما أصبح التشكيك في مآلات الثورة، وما أفرزته من نتائج، مسيطراً على معظم تصريحات السياسيين، لدرجة أن بعضهم بات يحنّ للعهد السابق.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.