الكاظمي يقدم اعتذاراً بعد اقتحام عناصر أمن مدرسة

TT
20

الكاظمي يقدم اعتذاراً بعد اقتحام عناصر أمن مدرسة

قدَّم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس، اعتذاراً رسمياً إلى مدير مدرسة في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار الجنوبية، على خلفية قيام عناصر أمن باقتحام مبنى المدرسة واعتقال متظاهرين فرّوا خلال مطاردة.
وأثارت عملية الاعتقال التي تم توثيقها بكاميرات هواتف الطلبة في المدرسة الإعدادية المركزية انتقادات شديدة، نظراً إلى القسوة التي أظهرتها القوة الأمنية في اعتقال أحد الشباب، بعد أن طرحته أرضاً وسط جموع الطلبة.
وظهر الكاظمي في تسجيل مصوَّر نشره مكتب رئاسة الوزراء، وهو يقدم اعتذاره لمدير المدرسة على ما وصفه بـ«التجاوز غير المقبول». وقال إن «المدرسة عنوان لتعليم الأطفال والمجتمع. أحببت أن أحييك وأقدم اعتذاري عن أي خطأ وقع، أو أي خدش لمشاعر الطلبة والمدرسين، ولن يتكرر ذلك».
وأضاف: «أتمنى عليكم كمربين ومثقفين أن تساعدوا في استعادة الهدوء في الناصرية لخدمة الناس. نعم، هناك تحديات ومشاكل ومن حق الناس أن تتظاهر وتحتج، ولديها مطالب، لكن حكومتنا جديدة وعمرها 6 أشهر. نحتاج إلى أن نتعاون سوية وبالصبر والحكمة حتى نعالج أخطاء الماضي ومشاكله». واعتبر أن ما حدث في مبنى المدرسة «لا يعكس أخلاق القوى الأمنية، إنما هي تصرفات فردية».
في مقابل الاعتذار، قدم مدير المدرسة شكره إلى رئيس الوزراء، واعتبر أن «دخول عناصر الأمن غير صحيح، لكن الأخطاء واردة، وسنتعاون مع الأجهزة الأمنية لعدم تكرار ذلك».
وتشهد مدينة الناصرية منذ أيام موجة جديدة من الاحتجاجات وتلوح جماعات الحراك بالتصعيد في حال لم توقف الأجهزة الأمنية عمليات إلقاء القبض وملاحقة الناشطين في المدينة، وكذلك إن لم تضع حداً لمسلسل الاغتيالات والهجمات بالعبوات الناسفة ضد بعض الناشطين.
وقبل تقديم رئيس الوزراء الاعتذار، أصدرت نقابة المعلمين في المحافظة بياناً استنكرت فيه الحادثة، وقالت: «في الوقت الذي تبذل فيه الكوادر التربوية قصارى جهدها في تعليم طلبتنا الأعزاء وحثهم على متابعة الدوام، في ظل الظروف الصحية التي يمر بها البلد، ومواقفهم المشرفة في مساعدة القوات الأمنية لاستتباب الأمن والنظام في المحافظة، فوجئنا اليوم بقيام مجموعة من منتسبي الشرطة باقتحام بناية الإعدادية المركزية، ودخولهم إليها عنوة لمطاردة بعض الشباب».
وأضاف البيان: «في الوقت الذي نستنكر فيه اقتحام مدارسنا من دون مسوغ قانوني أو أمر قضائي أو إبلاغ المديرية العامة للتربية، فإننا نعتبر هذا التصرف منحى خطيراً وسابقة يجب ألا تتكرر في انتهاك قدسية الصروح التربوية».
ودعت النقابة «خلية الأزمة» في المحافظة إلى «توجيه القوات الأمنية لاحترام مدارسنا وعدم دخولها إلا بإذن رسمي، وأن تحترم الكوادر التربوية وتوفر الحماية الكاملة للطلبة».
كانت الحكومة الاتحادية في بغداد شكلت، الشهر الماضي، خلية أزمة خاصة برئاسة مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي لإعادة الهدوء الاستقرار إلى محافظة ذي قار ومركزها مدينة الناصرية التي تُعد إحدى معاقل الحراك الاحتجاجي. ونجحت الخلية في إقناع جماعات الحراك بإزالة خيام الاعتصام من ساحة الحبوبي، لكن عمليات مطاردة واستهداف وقعت في الأيام القليلة الماضية أثارت غضب الناشطين ودفعتهم للعودة إلى المظاهرات مجدداً».



واشنطن تكثّف الضربات على مواقع الحوثيين في صنعاء والحديدة

حفرة أحدثها صاروخ أميركي في ضربة استهدفت صنعاء (أ.ف.ب)
حفرة أحدثها صاروخ أميركي في ضربة استهدفت صنعاء (أ.ف.ب)
TT
20

واشنطن تكثّف الضربات على مواقع الحوثيين في صنعاء والحديدة

حفرة أحدثها صاروخ أميركي في ضربة استهدفت صنعاء (أ.ف.ب)
حفرة أحدثها صاروخ أميركي في ضربة استهدفت صنعاء (أ.ف.ب)

وسط قلق أممي ودعوات حكومية يمنية للسكان إلى سحب ذويهم من صفوف الحوثيين، كثفت الولايات المتحدة ضرباتها فجر الجمعة ومساء السبت على مواقع مفترضة للجماعة في صنعاء وضواحيها والحديدة، وصولاً إلى عمران ومأرب وجزيرة كمران في البحر الأحمر.

وتأتي هذه الضربات ضمن الحملة المستمرة التي أمر بها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، منذ 15 مارس (آذار) الماضي؛ لإرغام الجماعة المدعومة من إيران على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل بذريعة مساندة الفلسطينيين في غزة.

وتحدث إعلام الجماعة الحوثية عن التعرض لنحو 50 غارة مساء السبت وفجر الأحد، تركزت غالبيتها على صنعاء وضواحيها وعلى الحديدة، مع الإشارة إلى مقتل وإصابة 13 شخصاً تدعي الجماعة أنهم من المدنيين، دون التطرق إلى الخسائر العسكرية على مستوى العتاد والعناصر.

ووفق مصادر محلية، فقد استهدفت الضربات في مدينة صنعاء موقعاً عسكرياً للحوثيين في حي النهضة شمالاً، وموقعَين في الأحياء الجنوبية قال الحوثيون إنهما مقبرتان، إلى جانب استهداف معسكر الحفا أسفل جبل نقم شرقاً، والمقر السابق لما كانت تُعرف باسم «الفرقة الأولى مدرع» في الشمال.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ب)

وفي الضواحي الشرقية والغربية والشمالية لصنعاء، ضربت الغارات مواقع للجماعة في مديرية بني حشيش (شرق)، وفي مديريات بني مطر والحصن والحيمة الخارجية (غرب)، وفي منطقة ضروان التابعة لمديرية همدان (شمال). كما امتدت الضربات إلى منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران؛ حيث أقرت الجماعة بالتعرض لـ4 غارات، وإلى مديرية صرواح غرب مأرب، حيث تعرضت لغارة واحدة، وفق إعلام الجماعة.

وأغلب المناطق المستهدفة سبق أن ضربتها الغارات الأميركية خلال الأسابيع الماضية. ويعتقد أن الحوثيين يخبئون عتادهم في الكهوف والأنفاق الجبلية، وأنهم إثر كل استهداف يحاولون الوصول إلى بقية العتاد.

وفي محافظة الحديدة الساحلية غرباً، أقرت الجماعة الحوثية بالتعرض لـ13 غارة قالت إنها ضربت مواقع في ميناء الحديدة ومطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ 10 سنوات، إلى جانب استهداف جزيرة كمران في البحر الأحمر بـ3 غارات، وهو الاستهداف الخامس للجزيرة التي تتخذ منها الجماعة قاعدة متقدمة لشن الهجمات البحرية.

ألف ضربة

وبهذه الغارات تكون الجماعة الحوثية قد تعرضت خلال 35 يوماً لنحو ألف غارة جوية وضربة بحرية، وفق ما أقر به زعيمها عبد الملك الحوثي؛ كان أشدها قسوة الضربات التي دمرت ليل الخميس الماضي ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة.

وتركزت الضربات على تحصينات الجماعة داخل المعسكرات والأنفاق الجبلية في صعدة وصنعاء وضواحيها وفي عمران، وطالت المئات منها خطوط التماس مع القوات الحكومية في مأرب والجوف وجنوب الحديدة.

مقاتلات أميركية دمرت ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين في اليمن (أ.ب)
مقاتلات أميركية دمرت ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين في اليمن (أ.ب)

كما استهدفت الغارات بدرجة أقل مواقع للاتصالات والقيادة والسيطرة ومخازن أسلحة في محافظات ذمار وإب والبيضاء وحجة، فضلاً عن ضربات استُخدمت فيها المسيّرات لضرب أهداف متحركة، وتجمعات للقادة والعناصر.

وخلال الأسابيع الستة الماضي، تحدث الحوثيون عن مقتل أكثر من 200 وإصابة نحو 350 آخرين من المدنيين، وزعم القطاع الصحي التابع لهم أن من بين القتلى نساء وأطفال، فيما لم يُتحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة.

تحذيرات حكومية

في ظل المخاطر المحدقة بالسكان داخل مناطق سيطرة الحوثيين جراء استخدامهم دروعاً بشرية وتجنيدهم، حذرت الحكومة اليمنية من مغبة مساندة الجماعة، ودعت السكان إلى سحب ذويهم من صفوفها والابتعاد عن مواقع تمركزها.

وفي تصريح صحافي، خاطب وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، مواطنيه في مناطق سيطرة الجماعة بالقول: «أبناؤكم يُساقون إلى المحارق، يُستخدمون وقوداً لحروب عبثية لا نهاية لها، ويدفعون أرواحهم في معارك لا تعنيهم؛ خدمةً لمشروع تدميري تديره طهران، لا يعرف الوطن ولا يعترف بدموع الأمهات».

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)
معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

واتهم الإرياني الجماعة الحوثية بأنها مستمرة في استغلال المدنيين بمناطق سيطرتها، وقال إنها «تُحوّل المدارس، والمستشفيات، والمساجد، والمنشآت العامة والخاصة، إلى أوكار عسكرية، وتستخدم المدنيين دروعاً بشرية».

وناشد وزير الإعلام اليمني السكان سحب أبنائهم وإبعادهم عن مواقع تمركز الجماعة الحوثية وتجمعاتها؛ بما في ذلك المعسكرات، ومراكز التحشيد والتجنيد، وأي منشآت «مدنية» تُستغل لأغراض قتالية.

ووفق الإرياني، فإن الجماعة «تتلقى ضربات دقيقة وموجعة، وخسائرها تتصاعد بشكل مستمر، كان آخرها مصرع المئات في ضربة نوعية استهدفت أحد معسكراتها، ولم ينجُ منهم أحد».

وأكد الوزير اليمني أن الميليشيات الحوثية «تتكتم على خسائرها وتخفي الحقيقة، خوفاً من انهيار معنويات من تبقى معها؛ لأن قادتها يعرفون جيداً أن حربهم خاسرة وأن مشروعهم إلى زوال».

يذكر أن القوات اليمنية الشرعية بتشكيلاتها المختلفة لا تزال ملتزمة التهدئة القائمة مع الجماعة الحوثية، ويتطلع مجلس القيادة الرئاسي اليمني إلى تحالف دولي يدعم قواته على الأرض لإنهاء تهديد الحوثيين، بوصف ذلك هو الحل الأمثل وليست الضربات الأميركية التي يشكك مراقبون يمنيون في قدرتها على الحسم.

قلق أممي

وفي حين تجمدت مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن منذ انخراط الحوثيين في التصعيد البحري والإقليمي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين، عبر المبعوث، هانس غروندبرغ، في بيان، الأحد، عن شعوره بـ«القلق»، داعياً إلى خفض التصعيد.

وقال غروندبرغ: «أشعر بقلق بالغ إزاء تأثير الضربات الجوية الأميركية في ميناء رأس عيسى ومحيطه على المدنيين، لا سيما سائقي الشاحنات والعاملين في الميناء، وكذلك على البنية التحتية المدنية».

ورأى المبعوث أن سلسلة الهجمات التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر، والغارات الجوية الأميركية رداً عليها، «تقوّض جهود السلام، وتُنذر بجرّ اليمن إلى مزيد من الصراع الإقليمي».

وكرر غروندبرغ دعوته إلى «ضبط النفس، وخفض التصعيد، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية من قبل جميع الأطراف، وفقاً للقانون الدولي».

وشدد المبعوث على وجوب أن تتوقف الهجمات في البحر الأحمر بضمانات موثوقة تحميه من أن يصبح ساحة صراع طويلة الأمد. وقال: «هذه الضمانات ضرورية، ليس فقط للأمن العالمي؛ بل أيضاً لمنع اليمن من الانزلاق بعيداً عن مسار السلام»، متعهداً «مواصلة العمل مع جميع الأطراف لتحقيق هذا الهدف من أجل تحقيق سلام مستدام في اليمن».

حطام مسيّرة زعم الحوثيون أنها أميركية وأنهم أسقطوها قبل أشهر (إعلام حوثي)
حطام مسيّرة زعم الحوثيون أنها أميركية وأنهم أسقطوها قبل أشهر (إعلام حوثي)

في غضون ذلك، لم يعلن الحوثيون عن أي هجمات جديدة على القوات الأميركية أو باتجاه إسرائيل، حتى لحظة كتابة هذه الملف، باستثناء تبنيهم إسقاط مسيّرة أميركية من طراز «إم كيو9»، زاعمين أنها سادس طائرة من نوعها يسقطونها خلال الشهر الحالي، والـ21 منذ انخراطهم في التصعيد البحري والإقليمي خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

ومنذ بدء حملة ترمب، تبنى الحوثيون إطلاق 13 صاروخاً وعدداً محدوداً من المسيّرات باتجاه إسرائيل، دون أي تأثير عسكري لهذه الهجمات، كما يزعمون أنهم يهاجمون بشكل يومي القوات الأميركية التي تتولى ضربهم.