المغرب: لجنة نيابية تستمع لعائلات العالقين في سوريا والعراق

TT

المغرب: لجنة نيابية تستمع لعائلات العالقين في سوريا والعراق

استمعت لجنة نيابية استطلاعية، شكلها مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، مساء أول من أمس، لممثلين عن عائلات المغاربة العالقين في سوريا والعراق الذين يطالبون الدولة بإعادة ذويهم إلى الوطن.
وقال النائب عبد اللطيف وهبي، رئيس اللجنة والأمين العام لحزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض، لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء كان مناسبة استمعت فيها اللجنة لـ«شهادات وتجارب» عاشتها هذه العائلات مع أبنائها وبناتها الذين سافروا إلى العراق وسوريا.
وأضاف وهبي أن اللجنة تدرس عقد لقاء مماثل مع بعض المغاربة العائدين من بؤر التوتر. كما ينتظر أن تعقد لقاء مع وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، قبل صياغة تقرير نهائي حول أوضاع المغاربة العالقين، وخصوصاً النساء والأطفال منهم.
في السياق ذاته، قال مصدر من العائلات إن الاجتماع مع اللجنة الذي دام 5 ساعات، قدمت خلاله العائلات معطيات مفصلة عن العالقين، وإجابات عن تساؤلات نواب البرلمان.
وهذه أول مرة يستضيف فيها مقر مجلس النواب عائلات لمقاتلين في صفوف «داعش»، تركوا أطفالاً ونساء في العراق وسوريا، بعدما قُتلوا أو اعتُقلوا خلال الحرب التي شنها التحالف الدولي ضد «داعش».
ويعد هذا اللقاء أيضاً الثاني من نوعه الذي تعقده اللجنة البرلمانية التي تشكلت للاطلاع على أوضاع المغاربة العالقين في سوريا والعراق، بعد استماعها في السادس من يناير (كانون الثاني) الجاري لمعطيات قدمها وزير الخارجية ناصر بوريطة. وأسست عائلات العالقين في العراق وسوريا هيئة لتتبع أوضاعهم في يناير 2020، يرأسها عبد العزيز البقالي. وقال مصدر من الهيئة لـ«الشرق الأوسط» إنه تم تزويد اللجنة البرلمانية بمعطيات مفصلة عن العالقين، مبرزاً أن الهيئة تتواصل مع بعض النساء العالقات، وأنها حصلت على تسجيلات صوتية يتحدثن فيها عن معاناتهن، ضمنها تسجيلات تعود لشابة مغربية عمرها 24 سنة، مسجونة في العراق رفقة ابنتها التي لا يتعدى عمرها سنتين، والتي ناشدت السلطات المغربية إعادتها إلى المغرب.
وقالت هذه الشابة إنها كانت ضحية زوجها الذي سافر بها إلى سوريا ومنها إلى العراق، مشيرة إلى أن زوجها قُتل وتركها حاملاً، فجرى اعتقالها رفقة نساء مغربيات أخريات، فوضعت حملها في سجن عراقي.
وجاء تشكيل اللجنة البرلمانية إثر طلب تقدم به فريق «الأصالة والمعاصرة» المعارض، بعد تلقيه رسائل من عائلات مغربية، تطالب بإعادة ذويهم من سوريا والعراق. وقرر مجلس النواب الموافقة على الطلب، نظراً «لأبعاده الوطنية والإنسانية، والتضامنية».
وحسب وثيقة أعدها الفريق النيابي لحزب «الأصالة والمعاصرة»، فإن الهدف من اللجنة هو «التنسيق بواسطة وزارة الخارجية مع (الهلال الأحمر) المغربي، و(الصليب الأحمر) الدولي، لزيارة المعتقلين في بؤر التوتر، والوقوف على وضعية الأطفال والأمهات الذين ما زالوا في هذه المواقع، والسعي لمعرفة الإجراءات الحكومية المتخذة لإدارة هذا الملف، في إطار حماية الأمن الداخلي للوطن».
وأوضح الفريق النيابي لحزب «الأصالة والمعاصرة» أن على «الدولة المغربية تحمل المسؤولية تجاه مواطنيها المتورطين في الحروب، سواء في سوريا أو العراق، والتي خلَّفت وراءها عديداً من الضحايا في صفوف الأطفال والنساء، وكذلك أسر بكاملها».
كما دعا الفريق إلى «الاطلاع على الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة للقيام بتأطير استثنائي لأطفال ونساء مغربيات، يوجدون في بؤر التوتر، سواء من الناحية التعليمية والنفسية والصحية والاجتماعية»، وحث على التنسيق أيضاً بين «رئيس مجلس النواب في المغرب، وكل من البرلمانين العراقي والسوري، قصد القيام بزيارة للاطلاع على وضعية هؤلاء المعتقلين، وكذلك على أحوال النساء والأطفال المغاربة العالقين بهذه المواقع».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.