المخرج الفلسطيني محمد بكري سيستأنف قرار منع فيلم «جنين... جنين»

كتيب فيلم «جنين... جنين» للمخرج الفلسطيني محمد بكري
كتيب فيلم «جنين... جنين» للمخرج الفلسطيني محمد بكري
TT

المخرج الفلسطيني محمد بكري سيستأنف قرار منع فيلم «جنين... جنين»

كتيب فيلم «جنين... جنين» للمخرج الفلسطيني محمد بكري
كتيب فيلم «جنين... جنين» للمخرج الفلسطيني محمد بكري

أعلن الفنان الفلسطيني محمد بكري، مخرج فيلم «جنين... جنين»، الثلاثاء، أنه سيستأنف القرار الجائر الذي أصدرته المحكمة المركزية الإسرائيلية في اللد، بمنع عرض فيلمه، وتغريمه بمبلغ يضاهي 70 ألف دولار. لافتاً إلى أنه من الواضح أن «المحكمة سياسية ولا تمت بصلة إلى القانون والقضاء».
وقال إن قرار المحكمة يدل على خضوع القضاء في إسرائيل إلى إرادة جيش الاحتلال، الذي يحاول التعتيم على جرائمه بحق شعبنا الفلسطيني في المناطق المحتلة». واعتبره «قراراً انتقامياً يسيء لحرية الإبداع الفني، وينبغي أن على كل من تعز عليه الحقيقة، أن يتجند لإلغاء هذا القرار المشين».
وكانت محكمة اللد، وبعد ملاحقة استمرت 18 عاماً لفيلم بكري، قد قررت، الاثنين، أن «الفيلم يشوه الحقائق ويتجاهل وجهة النظر الإسرائيلية في الموضوع، ويخلو من أي جهد لمعرفة الحقيقة». وقضت بحظر توزيع الفيلم ومنع عرضه، بتاتاً، في إسرائيل، وأمرت بمصادرة جميع النسخ الصادرة عنه، وإلزام الفنان بكري بتحمل المصاريف القضائية، التي تقدر بمبلغ 50 ألف شيكل، ودفع مبلغ 175 ألف شيكل تعويضا للجندي نيسيم مغناجي، وهو أحد الجنود الإسرائيليين، الذين ظهروا في الفيلم لبضع ثوان، ورفع الدعوى ضد بكري، بتهمة تشويه سمعته وتهديد حياته للخطر.
وفيلم «جنين جنين»، وثائقي تم إعداده عن الأحداث التي وقعت في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين في أبريل (نيسان) 2002. ففي حينه، وبضمن الاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية والتي أطلق عليها الجيش اسم «الدرع الواقي»، دخلت قوة كبيرة من جنود الاحتلال، ووقعت في كمين فلسطيني، فقتل 23 جنديا و50 فلسطينيا. واعتبر الفلسطينيون العملية «مذبحة»، إذ كان بين القتلى نساء وأطفال إضافة إلى المسلحين، مع إقدام القوات الإسرائيلية على تدمير عشرات البيوت. ودخل بكري وطاقم التصوير المرافق له، إلى المخيم بعد ثلاثة أسابيع، ووثق أقوال سكانه من ذوي الضحايا. ومنذ ذلك الحين يتعرض بكري للملاحقة من السلطات الإسرائيلية والإعلام الإسرائيلي، وحتى من المؤسسات الفنية، لدرجة مقاطعته شبه التامة والمساس بمصدر رزقه، علما بأنه كان أحد أبرز نجوم السينما والمسرح في إسرائيل. وقد اعتبر الحملات ضده «عملية كمّ أفواه». وقال: «إنني أتعرض لحملة تحريض دموي طيلة 18 سنة».
وخاض بكري نضالاً قضائياً وشعبياً متواصلاً، تلقى فيه دعماً واسعاً من فلسطينيي 48 وبعض القوى الديمقراطية اليهودية، رافضاً طلب الجيش الإسرائيلي، الاعتذار للجنود، الذين اتهمهم في الفيلم بارتكاب جرائم حرب. وفي هذه الأثناء، منعت الرقابة العسكرية الإسرائيلية عرض الفيلم، لكن المحكمة العليا، سمحت بعرضه مجدداً بعد التماس تقدم به بكري. وقال دفاعاً عن موقفه: «أعددت فيلماً كي يكون منصة للفلسطينيين يتحدثون فيه عما شهدته جنين آنذاك، بدون أن أعرض أي اسم أو صورة لأي جندي إسرائيلي، بحيث إن كل ما تم عرضه عنهم هو من الأرشيف وليس من تصويري، ومن ناحيتهم هم يدعون بأن الفيلم بأكمله افتراء ولا يمت للواقع بصلة».
وبعد فشل المحاكمة ضده، لجأ الجندي مغناجي إلى محكمة اللد في دعوى مدنية، يقول فيها إن إظهاره في الفيلم كان تشويه سمعة وقذفاً وتشهيراً، وطلب تعويضات بقيمة 2.6 مليون شيكل (812 مائة ألف دولار). وانضم المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، إلى الدعوى. وقبلت المحكمة الدعوى لكنها خفضت مبلغ الغرامة.
واستنكر وزير الثقافة في الحكومة الفلسطينية، عاطف أبو سيف، في بيان له أمس، قرار المحكمة، وقال إن «ما يقوم به الاحتلال من ملاحقاتٍ وتضييقٍ على الفنان بكري، يأتي في سياق محاربة الرواية الفلسطينية، من خلال منع عرض أعماله التي تكشف وجه الاحتلال وجرائمه وطمس الرواية الفلسطينية وبث روايته المزيفة». وقالت النائب عن «القائمة المشتركة»، عايدة توما - سليمان، بعد صدور قرار المحكمة: «قرار المحكمة حلقة إضافية في سلسلة سياسة كم الأفواه. الاحتلال يرتعب من كشف وجهه الحقيقي، وهذه المرة يحارب حقيقته البشعة برعاية المحاكم والقضاة».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».