تصاعد الخلافات بين وزيري الداخلية والدفاع يهدد غرب ليبيا

جماعة «الإخوان» تطالب باستبدال حكومة {الوفاق} ومجلسها الرئاسي

تصاعد الخلافات بين وزيري الداخلية والدفاع يهدد غرب ليبيا
TT

تصاعد الخلافات بين وزيري الداخلية والدفاع يهدد غرب ليبيا

تصاعد الخلافات بين وزيري الداخلية والدفاع يهدد غرب ليبيا

بينما تبرأت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا من حكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، تصاعدت حدة الخلافات بين وزيري دفاعها وداخليتها على خلفية عملية أمنية مرتقبة غرب البلاد، بدعم أميركي - تركي.
وتعبيرا عن هذه الخلافات، نفى صلاح النمروش، وزير الدفاع، علمه بأي تفاصيل تتعلق بعملية «صيد الأفاعي» التي أعلن زميله في الحكومة، وزير الداخلية فتحي باش أغا اعتزامه إطلاقها لمواجهة الجريمة المنظمة والميليشيات المسلحة في المنطقة الغربية.
وقالت وزارة الدفاع إنه لم يتم إطلاق العملية، أو التنسيق مع آمري المنطقتين العسكريتين الغربية وطرابلس بخصوصها، وطالبت الجهات ذات الاختصاصات الأمنية، في إشارة إلى الداخلية، بالتنسيق المسبق معها عبر مؤسساتها العسكرية والأمنية، لضمان الحصول على نتائج حقيقية تحقق الأمن والأمان.
وفي إشارة ضمنية إلى أن عملية الوزير باش أغا المرتقبة غير منظمة، قالت الوزارة في بيان لها إن هدفها الأساسي هو حماية الوطن، وذلك من خلال توحيد جهود المؤسسات الأمنية والعسكرية في مكافحة الإرهاب، والتطرف ومحاربة الاتجار بالبشر عبر حدودها والجريمة المنظمة، حيث يخضع عملها لنظام محدد ودقيق، مبني على تخطيط مسبق لأي عملية تقوم بها».
ونقلت الوزارة في بيان ثان ومنفصل عن آمر غرفة العمليات المشتركة، اللواء أسامة جويلي، الذي اجتمع مؤخرا مع باش أغا، أنه قد رد على اقتراح الأخير بشأن تنسيق التعاون الأمني ومحاربة الجريمة المنظمة، كتهريب الوقود والاتجار بالبشر والسطو المسلح، بالتأكيد على أن التعاون بين الجهات العسكرية والأمنية ووزارة العدل «ضرورة قصوى لا غنى عنها لتحقيق الاستقرار والقضاء على المجرمين».
كما أوضح جويلي وجود تعاون وثيق مع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، التابع لوزارة الداخلية، باعتبار أن المنطقة الغربية، تعتبر بطبيعتها الصحراوية، الممر الأساسي لهذه النشاطات الإجرامية. واقترح في المقابل عقد اجتماع يضم وزارتي الداخلية والعدل، وآمري المناطق العسكرية، وآمر القوة المشتركة لوضع خطة متكاملة، لافتا إلى أن بعض العمليات التي قامت بها القوة المشتركة لمكافحة تهريب الوقود، ومنع الاعتداء على الأملاك العامة، حققت نتائج متميزة ومتقدمة، برغم قصر مدتها.
وكان يفترض أن تعلن الميليشيات المسلحة لمدينة مصراتة، التي ينتمي إليها باش أغا في غرب البلاد، أمس، موقفها من العملية الأمنية الموسعة، التي أعلن عنها مؤخرا، علما بأن قادة هذه الميليشيات اجتمعوا خلال الساعات الماضية بدعوة من باش أغا بمقر الكلية الجوية في مصراتة.
في غضون ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا تقديم أعضاء اللجنة القانونية، المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، خلال جلسة افتراضية مقترحاتهم بشأن القاعدة الدستورية، المؤدية إلى الانتخابات الوطنية بعد 348 يوما، بعد أن توافقوا على عقد جلسات مكثفة خلال هذا الأسبوع للوصول إلى توافق على هذه المقترحات. وأشادت البعثة في بيان لها مساء أول من أمس بما وصفته بـ«الحوار البناء للجنة القانونية»، وشددت على أهمية المضي قدماً نحو التوافق على مقترحات محددة لعرضها على الملتقى.
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء عن عبد القادر حويلي، عضو الملتقى، أن «سبعة من أعضاء اللجنة القانونية قدموا نحو 16 مقترحا للبعثة»، لافتا إلى وجود توافق على أن «تكون العملية الدستورية صحيحة، بحيث لا يقبل القضاء أي طعون فيها».
وتابع موضحاً أن العملية الدستورية «تحتاج إلى تعديل الإعلان الدستوري، ولا يتم فيها تأجيل الاستفتاء على الدستور، الذي أعدته الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، فالوقت غير كافٍ، وهناك عدم توافق عليها».
وهذا هو ثالث اجتماع للجنة القانونية، منذ أن أعلنت البعثة الأممية الشهر الماضي عن تشكيلها من 18 عضوا من مجلسي النواب والدولة، لوضع قاعدة دستورية للانتخابات.
من جهة ثانية، دعا حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إلى استبدال حكومة الوفاق ومجلسها الرئاسي، وسجل في بيان أصدره مساء أول من أمس أنه يتبرأ منها بشكل رسمي، رافضا بيان بعض نواب وعمداء وكتائب المنطقة الغربية، الذي طالب بضرورة بقائهما في المشهد السياسي.
وانتقد الحزب «البيانات المتلفزة التي تزايد على دور الوطنيين، ومنهم الحزب، وتحاول من خلالها خلط الأوراق، والرجوع بالعجلة إلى الخلف، وعرقلة المسار السياسي لأجل مصالح ضيقة مع الأسف»، مشيرا إلى أن اثنين لا يختلفان على «سوء الوضع الراهن»، وعدم قدرة المجلس الرئاسي الحالي الذي أعلن رئيسه نفسه استقالته منه، على إقامة نموذج للدولة يجتمع عليه الليبيون.
كما اتهم الحزب مجلس الوفاق بأنه «ترك فراغا مؤسسيا، ساهم في استمرار الأزمة وفتح المجال لمطامع المشروع العسكري في السيطرة وعودة الاستبداد». ودافع عن دوره فيما وصفه بخدمة مصلحة البلاد العليا، وتقديمه كل التنازلات في سبيلها، مشيرا إلى أنه كان أول وأكبر داعم للحكومة في وقت كانت تصفها فيه تلك المجموعات بحكومة الخيانة والعمالة، أو حكومة «الفرقاطة». كما اعتبر أن اتهامه بالسيطرة على المشهد السياسي، بمثابة «دليل قاطع على فاعلية الحزب، ووجوده بالطرق القانونية المشروعة للعمل السياسي»، على حد قوله.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم