إطلاق نار على بلدة لبنانية حدودية مع سوريا يحيي المخاوف من تهجير سكانها

نزاع بين الفلاحين ومالك جديد للأراضي في بلدة الطفيل

بلدة الطفيل الحدودية بين لبنان وسوريا (الشرق الأوسط)
بلدة الطفيل الحدودية بين لبنان وسوريا (الشرق الأوسط)
TT

إطلاق نار على بلدة لبنانية حدودية مع سوريا يحيي المخاوف من تهجير سكانها

بلدة الطفيل الحدودية بين لبنان وسوريا (الشرق الأوسط)
بلدة الطفيل الحدودية بين لبنان وسوريا (الشرق الأوسط)

عكس إطلاق النار من الجهة السورية على عدد من المنازل ومحطتي المياه والكهرباء في بلدة طفيل الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، مخاوف السكان من خطة لتهجيرهم من أرضيهم وبساتينهم، بعد نحو ستة أشهر على شراء رجل أعمال لبناني مساحة واسعة من أراضي البلدة الحدودية التي كان سكانها يصلون إليها من الأراضي السورية، وهو ما ينفيه المالك الذي يؤكد أنه يتعرض لـ«الابتزاز»، وأملاكه «عرضة للاعتداءات».
وتقع بلدة طفيل على أطراف السلسلة الشرقية، وهي آخر البلدات الحدودية اللبنانية، ويتداخل قسم من أراضيها الجبلية مع العمق السوري، وتبعد مسافة 22 كيلومتراً عن آخر البلدات اللبنانية في البقاع الشرقي، علماً بأن أغلب سكان الطفيل من اللبنانيين، وبعضهم يحمل الجنسية السورية. وافتتح طريق إليها من الداخل اللبناني قبل عامين فقط.
ويقول مفتي بعلبك والهرمل الشيخ بكر الرفاعي لـ«الشرق الأوسط» إن الطفيل بلدة مظلومة تاريخياً وجغرافياً، كون غالبية السكان كانوا فلاحين ومزارعين عند بعض الأقطاع الذي سمح لهم في أوقات سابقة بالبناء لأنهم كانوا يعملون في الأراضي، وانتقل الموضوع من جيل إلى جيل. وقال: «الجيل الموجود حالياً لا يملك وثيقة تثبت ملكيتهم لها، وتبين أن صاحب الأرض الأساسي رهن الأرض لـ(مصرف لبنان) الذي لا يزال يمتلك ثلثي الأرض، بينما هناك قسم تبلغ مساحته نحو ربع البلدة (600 سهم من أصل 2400 سهم) اشتراه المستثمر حسن دقو عبر فك رهن منطقة عقارية اسمها الجوزة، وفوجئ الأهالي بأنهم على أرض لا يملكونها».
ويتهم السكان المالك الجديد بـ«محاولة تهجيرهم من البلدة بدأت في 25 يوليو (تموز) الماضي، عندما اشترى دقو قسماً كبيراً من الأراضي، واستقدم جرافات اقتلع بها بساتين المزارعين. وبعدها، جرت محاولة الضغط عندما قام مسلحون بإطلاق النار على المنازل». ويقول أحد السكان لـ«الشرق الأوسط» إن «دقو يرفض إعطاء الفلاحين الحق باستثمار الأراضي التي يستثمرونها منذ 150 سنة، ويطالبهم بالرحيل من البلدة».
لكن المحامي علي الموسوي، الوكيل القانوني لحسن دقو، نفى كل الاتهامات الموجهة لموكله بتهجير السكان، مؤكداً أنها «اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة». وقال: «دقو اشترى الأرض، وأقام مشاريع صناعية وزراعية في البلدة، ويعمل قسم كبير من السكان في تلك المشاريع، إلى أن بدأ أحد السكان بابتزازه، مطالباً إياه بتسجيل جزء من الأرض باسمه، ومهدداً بتقليب السكان عليه». ونفى الموسوي أن يكون موكله عازماً على تهجير السكان. وقال: «موكلي هو المتضرر، حيث تتعرض آلياته لإطلاق نار وتخريب، وهو يمتص الغضب لإفشال المخطط».
وقدم أهالي الطفيل في يوليو (تموز) كتاباً إلى محافظ بعلبك - الهرمل بشير خضر، أحاله بدوره إلى قائد منطقة البقاع الإقليمية في قوى الأمن الداخلي «للاطّلاع وتكليف من يلزم لإجراء الكشف والتحقيق اللازمين بصحة ما جاء في استدعاء الأهالي، من تعدي من قبل المواطن حسن دقو على أملاك الأهالي وجرف بساتينهم من أشجار مثمرة، كالمشمش والكرز والتفاح، في حال صحته، واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف أعمال التجريف واقتلاع الأشجار المثمرة بصورة فورية».
وهدأت الحملة لأشهر، حتى مساء الخميس الماضي، حين حضر نحو 40 مسلحاً، وقاموا بإطلاق النار من أسلحة حربية متوسطة استهدفت محطة الكهرباء الوحيدة التي تغذي البلدة بالتيار الكهربائي، كما استهدف الرصاص محطة ضخ المياه ومنازل السكان الآمنين، وفق رواية مصدر من فعاليات البلدة لـ«الشرق الأوسط». ويقول المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه خوفاً من ملاحقته، إنه «منذ 25 يوليو (تموز) بدأت محاولات تهجيرنا. المالك الجديد للأرض يسعى ويعمل ليل نهار من أجل تهجير ألفي نسمة يقطنون البلدة». وقال إن الأهالي تحركوا باتجاه الدولة اللبنانية، وقدموا شكوى بحقه، كما «شكلنا وفداً للمتابعة والمراجعة قانونياً بخصوص تأمين التيار من الجهة اللبنانية، ووقف التعديات على البساتين، واقتلاع الأشجار المثمرة». وأشار إلى «أننا تقدمنا بشكوى وعريضة إلى محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر الذي أعطى توجيهاته بوقف أعمال الجرف ونزع حدود الأراضي واقتلاع الأشجار، وقد نقلنا المذكرة الصادرة عن المحافظة بوقف أعمال الجرف والتعديلات من المحافظة إلى قلم النيابة العامة في محافظة البقاع في زحلة، ورغم ذلك لم تتوقف التعديات». وقام أهالي البلدة بزيارة عدد من الفاعليات السياسة الحزبية والدينية والرسمية شارحين ما يقوم به المالك الجديد من أجل تهجيرهم عنوة من منازلهم وأراضيهم.
وإثر إطلاق النار، حضر دقو مركز فصيلة درك طليا في البقاع، كما قالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط».
وقال الموسوي إنه بعد إطلاق النار يوم الخميس، «توجه دقو إلى مخفر طليا يوم الجمعة لتقديم شكوى ضد مطلقي النار، الذين أصابوا منشآت حيوية للبلدة، كما تضررت إثرها ممتلكاته». وضم الموسوي صوته إلى صوت المفتي الشيخ بكر الرفاعي بمطالبة السلطات اللبنانية بتثبيت نقطة للجيش اللبناني في داخل البلدة لمنع حوادث مشابهة تتكرر.
وتتكرر الصدامات بين السكان ومسلحين مجهولين، منذ أن اشترى دقو تلك المساحة من الأراضي. وفي حادثة إطلاق النار يوم الخميس الماضي، تدخل الجيش اللبناني، ونفّذ انتشاراً في شوارع البلدة، مما أدى إلى هروب المسلحين باتجاه الأراضي السورية عبر معابر غير شرعية. وقال أحد السكان إن «الجيش اللبناني، مشكوراً، لاحق المسلحين الذين فروا باتجاه بلدة عسال الورد السورية».
ونفذ أهالي بلدة طفيل يوم الجمعة اعتصاماً أمام مسجد البلدة، وقطعوا الطريق عند مدخل الرئيسية عند البلدة بالإطارات المشتعلة، مطالبين الحكومة اللبنانية بحماية أبنائها، كما طالبوا رئيس الجمهورية ميشال عون بحمايتهم وحماية أرضهم وبالإفراج عن المعتقلين من أبناء البلدة كون الطفيل بلدة لبنانية.
ويقول المفتي الرفاعي إن السكان ينقسمون بين لبنانيين وسوريين، لافتاً إلى أن السوريين لا يستطيعون المطالبة بالطفيل، لأن القانون يمنعه من التملك، ويشكلون نحو 40 في المائة من السكان. وقال: «هناك دعاوى قضائية، والأمور تتأزم أكثر وأكثر»، مؤكداً أن «المطلوب مقاربة الموضوع إنسانياً وبشكل قانوني»، مشدداً على «أننا نفضّل الحل بين المالك الجديد وأصحاب البيوت».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.