فلسطينية خريجة «صحافة» تتحدى البطالة بمشروع بطاطا

ديالا قواسمي داخل مقطورة الطعام الخاصة بها في رام الله (رويترز)
ديالا قواسمي داخل مقطورة الطعام الخاصة بها في رام الله (رويترز)
TT

فلسطينية خريجة «صحافة» تتحدى البطالة بمشروع بطاطا

ديالا قواسمي داخل مقطورة الطعام الخاصة بها في رام الله (رويترز)
ديالا قواسمي داخل مقطورة الطعام الخاصة بها في رام الله (رويترز)

تجذب البطاطا (البطاطس) بأشكالها المختلفة؛ التي منها «التورنادو» و«الوافل» والمقلية العادية... وغيرها، عشاق البطاطا الفضوليين إلى مقطورة طعام جديدة افتتحتها في الآونة الأخيرة الفلسطينية الشابة خريجة الجامعة ديالا قواسمي في شوارع مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
وعن فكرة مشروعها، تقول ديالا (23 عاماً)، التي تخرجت في الجامعة بعد دراسة الصحافة والإعلام: «بصراحة قبل ما أتخرج بشهرين كنت بافكر بظِل هاي الظروف، (الكورونا)، خصوصاً أنا متخرجة صحافة وإعلام، وهو بالوضع الطبيعي عندنا نسبة بطالة عالية في هذا التخصص، فما بالك في ظروف (الكورونا)... فأنا كنت عم بافكر كيف أنا ممكن أحقق استقلالي المادي، وإني أصير مسؤولة عن نفسي لحالي، فخطرت ببالي فكرة إنه أنا أعمل مشروع لإلي».
وأضافت، متحدثة لوكالة «رويترز» للأنباء، من داخل مقطورتها الصغيرة التي تسميها «اسلخها بطاطا»: «طبعاً حبي للبطاطا، وبرضه بسبب (الكورونا)، لأنه أنا حدا كثير باحب البطاطا وباطلع لما بسافر بره بآكل كثير أشكال وأنواع بره مش موجودة هون... فأنا قررت إنه أنا أجيب هاي الأنواع وأعملها هون عشان أنا أقدر آكلها سواء فيه (كورونا)، فيش (كورونا)، مش ضروري أسافر عشان أنا آكلها، فقررت إني أجيبها وأخليها موجودة هون لإلي وللناس عشان تجربها».

وتوضح ديالا أن الناس فوجئوا في البداية برؤية فتاة تُشغّل مقطورة طعام، لكن بعد ذلك أظهروا كثيراً من الاحترام لها ولمشروعها.
وقالت: «الناس بتيجي مستغربة إنه فيه بنت عم بتبيع بعرباية. بدهم ييجوا يشوفوا هاي البنت إيش بتعمل، وكيف منظرها، وكيف واقفة هون... كتير بيكون عندهم تساؤلات كتير. شفت حب واحترام من الناس. ما كنت متوقعة بصراحة بظل هيك ظروف أو إحنا شوية يعني مجتمع مش كتير متقبل لهذه الأشياء... لقيت كتير دعم وكتير احترام من الناس وكثير حب».
ويقبل كثير من أهل رام الله على الشراء من ديالا ويرون أن المشروع مفيد لها ولهم على السواء.
من هؤلاء محمد الناطور، وهو زبون من سكان رام الله، الذي قال: «يعني الصراحة المشاريع هاي يعني بتدعم الشباب وبتدعم الجيل الجاي، وأفكار جديدة، منيحة للشارع؛ هذا هو».
وتحلم ديالا بأن توسع مشروعها بافتتاح عربات بطاطا متنقلة كثيرة في أنحاء الضفة الغربية.

يذكر أن أصحاب الأعمال يقولون إن جائحة فيروس «كورونا» وعمليات الإغلاق المطولة في الضفة الغربية لها تداعيات اقتصادية مجهدة لأعمالهم.
كما أن اقتصاد السلطة الفلسطينية، الذي يعاني من ضائقة مالية، تضرر بشدة جراء الجائحة وبرفض السلطة قبول عائدات الضرائب التي جمعتها إسرائيل بالنيابة عنها في إجراء احتجاجي على خطة إسرائيل لضم الضفة الغربية.
وقد حذرت وكالة تابعة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي من أن الجائحة تسببت في تفاقم الأوضاع الاقتصادية السيئة في الأراضي الفلسطينية؛ حيث بلغ معدل البطالة 33 في المائة في عام 2019، ومن المتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ما بين 3 و4.5 في المائة هذا العام.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن إجمالي إصابات «كورونا» بلغ 165 ألفاً و250 إصابة، و1735 وفاة، في الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى اليوم (الأحد).


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.