«كورونا» علمنا الكثير من الدروس... من بينها الطهي

مطاعم لندن توصل المكونات والوصفة إليك والباقي عليك

مكونات أشهر الأطباق تصل إلى المنزل وما عليك إلا اتباع الوصفة
مكونات أشهر الأطباق تصل إلى المنزل وما عليك إلا اتباع الوصفة
TT

«كورونا» علمنا الكثير من الدروس... من بينها الطهي

مكونات أشهر الأطباق تصل إلى المنزل وما عليك إلا اتباع الوصفة
مكونات أشهر الأطباق تصل إلى المنزل وما عليك إلا اتباع الوصفة

تشهد إنجلترا حالياً إقفالاً شاملاً وتاماً للمرة الثالثة على التوالي، وهذا يعني أن المحال التجارية باستثناء تلك المخصصة لبيع المأكولات مقفلة، بالإضافة إلى المطاعم والفنادق والمقاهي، ولم يعد أمام أرباب العمل في قطاع الضيافة والمطاعم إلا التوصيل إلى المنازل أو الإقفال التام بعد أن فقد البعض الأمل في العودة.
اليوم، تواجه المملكة المتحدة ركوداً اقتصادياً مضاعفًا لم تشهد البلاد مثله منذ عام 1975، ومن المتوقع بأن يكلف الإقفال الشامل الثالث الاقتصاد نحو 400 مليون جنيه إسترليني في اليوم الواحد، وهذا رقم خيالي يصعب هضمه، كما حذر الإخصائيون في علم الاقتصاد من أن الآتي أعظم، وستكون الخسائر فادحة، وبدأت آثارها ظاهرة من خلال إقفال العديد من المرافق التجارية أبوابها إلى الأبد على الرغم من المساعدات التي تساهم بها الدولة لقاء دفع رواتب الموظفين، فإن هذه المساهمة لم تعد لها قيمة بعدما فقد الآلاف من العاملين في مجال المطاعم والضيافة وظائفهم، وأصبح من المستحيل تمكن أصحاب المطاعم دفع إلإيجارات العالية، لا سيما في وسط لندن.
وتسعى الفئة التي لا تزال صامدة في وجه الزلزال الاقتصادي المهيب إلى ابتكار أفكار جديدة على أمل أن توصلهم إلى بر الأمان بعد إيجاد اللقاح المحلي الصنع.
فبادرت بعض المطاعم لتوصيل الطعام إلى المنازل، ولكن بشكل مختلف، فجاءت بفكرة توصيل المكونات اللازمة لطبق شهير في المطعم إلى المنزل مع الوصفة لتحضيره خطوة بخطوة، وأثبتت هذه الفكرة نجاحها، خاصة أن الذواقة في لندن اشتاقوا للأكل في مطاعمهم المفضلة مثل «روكا» و«نوبو» و«نوفيكوف» و«ذا غيم بوردر»، وغيرها من المطاعم التي تقدم أطباقاً استثنائية تجذب الذواقة المحليين والزائرين إليها.
وكان «ذا غيم بورد» من السباقين بين المطاعم المغلقة حالياً التي تبنت فكرة توصيل المكونات، على أن تقوم أنت بطهيها متبعاً الأسلوب والوصفة بحذافيرها مقابل مبلغ نحو 50 جنيه إسترليني للشخص الواحد، وغالباً ما تكون الوصفة كافية لشخصين.
من الأطباق التي يشتهر بها مطعم «ذا غيم بورد» The Game Bird التابع لفندق «ذا ستافورد» في منطقة سانت جيمس بلندن، الـ«بيف ولينغتون» Beef wellington، وهو عبارة عن قطعة ستيك كافية لشخصين ملفوفة بعجين هش يطهى في الفرن ويقدم مع صلصة «غرايفي» حمراء، ويؤكل إلى جانب الخضراوات المسلوقة والبطاطس المهروسة مع الكريمة على الطريقة الفرنسية، ولاختبار الفكرة، قمنا بطلب البيف ويلينغتون وكانت النتيجة رائعة؛ لأن المكونات كانت كاملة ولا حاجة إلى استخدام أي شيء من المنزل، كما أن العيارات مثالية لدرجة أن الحليب السائل أرسل في وعاء صغير من البلاستيك، ولم يكن علينا سوى اتباع الوصفة خطوة بخطوة للحصول على طبق لذيذ من صنع يديك يشعرك وكأنها تأكله في المطعم.
الجميل في هذه الفكرة، هو أن المشكلة التي لاقتها المطاعم الراقية بعد اضطرارها إلى التعويل على توصيل الطعام إلى المنزل، هي وصول الأطباق بشكل غير جذاب ولا يشبه شكله عندما يقدم في المطعم، والمشكلة الثانية تكمن في وصول الأطباق باردة؛ مما جعل البعض يتردد قبل طلب الطعام من المطاعم الغالية والشهيرة.
هذه الفكرة رائدة في لندن حالياً، وتبنتها مطاعم عدة، وليست كلها مطاعم من مستوى نجوم ميشلان للتميز، إنما مطاعم تشتهر بأطباق محددة مثل البرغر على سبيل المثال الذي يشتاق كثيرون لمذاقه، فقام مطعم «بليكر برغر «Bleecker Burger في سوق سبيتافيلدز للطعام في شرق لندن، والمعروف عن البرغر في هذا المكان أنه اشبه بالبرغر الذي يقدم في «ماكدونالدز»، ولكن بنوعية جيدة ومذاق أفضل بكثير، فيتم توصيل مكونات البرغر إلى المنزل يومي السبت والأحد لقاء مبلغ 21 جنيهاً إسترلينياً.
الخيار واسع، فإذا كنت من محبي المأكولات الإيطالية يمكنك طلب المكونات والوصفات من مطعم «لوكا» في منطقة فارينغدون وما عليك سوى سلق المعكرونة وإضافة الصلصة.
أما مطعم «نورما» Norma الواقع في منطقة فيتزروفيا في لندن فاختار لائحة تضم طبقاً أولياً من خبز الفوكاشيا والزيتون مع سلطة خضراء وخضراوات إيطالية جاهزة للشوي مع سباغيتي بصلصة الطماطم والثوم الشهيرة في صقلية والتي قام بابتكارها الشيف بين تيش.
ويقدم «نورما» طبقاً من الحلوى، يشار إلى أنه يمكنك اختيار الحلوى والطبق الرئيسي بسعر 75 جنيهاً إسترلينياً لشخصين.
الإقفال الذي يخيم على الكثير من البلدان بدرجات متفاوتة غيّر أسلوب حياة الكثير من البشر، وجعلهم يكتشفون مواهب جديدة، على رأسها الطبخ لتمضية الوقت من جهة وللأكل من جهة أخرى، كما أن فكرة توصيل المكونات والوصفات إلى المنازل هي وليدة حاجة البعض من فئة العازبين غير القادرين على الطبخ، فهذه الطريقة للطهي مبسطة ومشوقة بالوقت نفسه. جرّبوها.


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».