كامل الباشا: أغلب الأفلام العربية عن فلسطين عاطفية ولا تخدم القضية

عدّ جائزة «البندقية» مفتاحاً للأبواب المغلقة أمامه

الباشا عقب فوزة بجائزة البندقية منذ 3 سنوات
الباشا عقب فوزة بجائزة البندقية منذ 3 سنوات
TT

كامل الباشا: أغلب الأفلام العربية عن فلسطين عاطفية ولا تخدم القضية

الباشا عقب فوزة بجائزة البندقية منذ 3 سنوات
الباشا عقب فوزة بجائزة البندقية منذ 3 سنوات

أكد الممثل الفلسطيني كامل الباشا أن تجربته الأولى في السينما المصرية عبر فيلم «حظر تجول»، للمخرج أمير رمسيس، تعد نقطة انطلاق مهمة له في مصر، خصوصاً أنه تأثر وتربى على السينما المصرية. الباشا الذي يشارك في الموسم الرمضاني المقبل بمسلسل «أحمس» قال في حواره مع «الشرق الأوسط» إن جائزة أفضل ممثل التي حصل عليها قبل 3 سنوات من مهرجان البندقية السينمائي عن دوره في فيلم «القضية 23»، للمخرج زياد دويري، لفتت الأنظار إليه بقوة، وفتحت أمامه الأبواب المغلقة، لا سيما أنه لم يكن يعرفه أحد قبل ذلك، لا في السينما العربية ولا الفلسطينية، رغم تاريخه المسرحي الحافل مؤلفاً وممثلاً ومخرجاً على مدى ثلاثين عاماً، على حد تعبيره.
وعن تجربته الأولى في السينما المصرية من خلال فيلم «حظر تجول»، يقول: «سعدت بهذه التجربة جداً، فنحن تربينا على السينما والمسلسلات المصرية، والمخرج أمير رمسيس صاحب شخصية هادئة راقٍ في تعامله، كما أن أعماله السابقة أعجبتني للغاية، وضم الفيلم مجموعة عمل جيدة، في مقدمتهم الفنانة إلهام شاهين التي جسدت به شخصية واقعية تعبر عن أناس يعيشون ألم الوحدة، وظلوا مخلصين لقصة حب. وإذا نظرنا حولنا، فسنجد شخصيات كثيرة تشبه يحيى شكري، هذا الاسم الذي ارتبط دوماً بأبطال يوسف شاهين، وقد لمسني بشدة».
وبدأ كامل الباشا أخيراً تصوير مشاهده في مسلسل «أحمس»، أمام عمرو يوسف وماجد المصري وإخراج حسين المنباوي، المأخوذ عن رواية «كفاح طيبة» لنجيب محفوظ، الذي يقول عنه: «هو عمل تاريخي ضخم، أجسد من خلاله شخصية ملك الهكسوس، وقد كتب السيناريو الإخوة دياب (خالد ومحمد وشيرين) الذين سبق وعملت معهم في مسلسل (السهام المارقة) الذي تعرض لتنظيم داعش».
وفتحت جائزة مهرجان البندقية السينمائي الأبواب المغلقة أمام انطلاقة كامل الباشا ممثلاً، على الرغم من عدم توقعه لها، فكما يقول: «الجائزة لم تكن في بالي، فأنا قادم من المسرح، ولم يكن لدي طموح حتى أن يعرض الفيلم في فينسيا. وعندما حصلت عليها، وضعتني في مكانة أخرى، وكان استقبال الفيلم من الجمهور في فينسيا حدثاً كبيراً، وقد استوقفني كثيرون في الشوارع للإشادة بالدور، فقد كان الفيلم قوياً في مستواه الفني، إنسانياً في طرحه لقضية تمس كل الناس من خلال شخصيتين: أحدهما فلسطيني والآخر لبناني بينهما صراع، وكل منهما على حق، ودائماً الصراع بين الحق والحق يكون أقوى من صراع الحق والباطل، وهذا سر نجاح الفيلم، ليس فقط في أوروبا بل في أميركا واليابان وكل دول العالم التي عرض بها، ما يشعر المرء بالفرحة لأنه قدم شيئاً مهماً لامس الناس في كل مكان».
وقبل الفيلم قطع كامل الباشا مشواراً مسرحياً ناجحاً منذ منتصف الثمانينيات، وحسبما يؤكد: «المسرح هو كل حياتي، وقدمت في فلسطين 31 مسرحية ممثلاً، ومثلهم مخرجاً، و18 عملاً مؤلفاً، وقدمت عروضي في أوروبا وأميركا واليابان والقاهرة وقرطاج ودمشق والأردن. ومنذ عام 2009 حتى 2015، قمت بجولات مسرحية في فرنسا لمدة 3 شهور. وبالطبع فإن جمهور المسرح محدود في كل العالم، لذا فقبل جائزة البندقية لم يكن أحد يعرفني في السينما المصرية أو العربية، أو حتى في سينما بلادي؛ الذين كانوا يعرفونني هم القريبون مني. بالطبع هذه الجائزة عرفت المخرجين بي، في فلسطين وخارجها».
ولم تدفع الجائزة بطلها للتخطيط لمستقبله السينمائي، مؤكداً: «عملي بالسينما لم يأتِ نتيجة تخطيط، لكن عروض السينما بدأت تنهال على، وقد رفضت تجسيد شخصية الإرهابي في أفلام عالمية تصدر صورة العربي المغلوطة بصفته إرهابياً همجياً، وكانت هناك أفلام لدي تحفظ على بعض المشاهد، ولم تجد قبولاً عند مخرجيها، وأخرى لم تعجبني بالمرة، فلست مجبوراً على تقديم شيء لا أقتنع به؛ تخطيطي كله للمسرح، ولديّ حالياً 4 عروض للأطفال تعرض في فلسطين من تأليفي وإنتاجي، ومسرحية للكبار تعرض منذ 5 سنوات، هي (نص كيس رصاص) التي تتناول قصة الشهيد عبد القادر الحسيني، وقد كتبت النص. وحين أكتب أو أخرج، لا أمثل، وأفضل التركيز في شيء واحد، وأعتز بعروض كثيرة قدمتها من المسرح العالمي، مثل (أنتيجون) و(هاملت) و(الملك لير). وفي المسرح العربي، قدمت عروضاً لمحمود دياب وألفريد فرج وسعد الله ونوس وممدوح عدوان، ونصوصاً فلسطينية محلية».
وعن رؤيته للأفلام العربية التي تعرضت للقضية الفلسطينية، ومدى طرحها بشكل مقنع، يؤكد كامل الباشا: «أغلب الأفلام العربية التي تناولتها هي أفلام (نوستالجيا)، وليست أفلاماً حقيقية، لأنها تصور الفلسطيني كيفما تود أن تراه، فهو إما ضحية للنهاية وإما بطل للنهاية، وهذا غير حقيقي، فالفلسطيني إنسان لديه إيجابياته وسلبياته، هذا التوزان غير موجود في الأفلام العربية، رغم أنها تتعامل مع القضية بحب كبير وانحياز، لذا أراها أفلاماً عاطفية لا تخدم القضية. لكن في الأفلام الفلسطينية مثل التي قدمها رشيد مشهراوي، تجد الفلسطيني على حقيقته لأنه يعيش في فلسطين، ويعرف كيف يظهره بشكل واقعي، ومن المهم أن نكون عقلانيين أكثر لندرك الخلل، وكيف نقدمه بصورة حقيقية».
وطاردت فيلم «القضية 23» اعتراضات كبيرة، كما آثار فيلم «التقارير حول سارة وسليم» الذي شارك به كامل الباشا قبل عامين اتهامات بالتطبيع في فلسطين، وهو ما يوضحه الفنان قائلاً: «فيلم (القضية 23) عرض في كل دور العرض بلبنان لمدة 3 شهور، وحقق أعلى إيراد في تاريخ السينما اللبنانية، كما رشح للأوسكار، والاعتراضات لم تكن ضد الفيلم، ولكن لأنه من إخراج زياد الذي صور في 2012 فيلمه السابق (الصدمة) في تل أبيب، بممثلين إسرائيليين وفلسطينيين، وأصدر مكتب المقاطعة في جامعة الدول العربية قراراً بمقاطعة الفيلم، ومنع من العرض. أما فيلم (القضية 23)، فقد صوره في لبنان، وأحداثه عن العلاقة بين اللبنانيين والفلسطينيين، وليس عليه أي شبهة تطبيع، فهو فيلم يكشف العنصرية. أما فيلم (التقارير عن سارة وسليم)، فالمشكلة التي واجهها كانت في مشاركة ممثلين إسرائيليين به، وهما من لجان مقاومة التطبيع مع إسرائيل، وموقفهم معنا على طول الخط، وحينما صدر الفيلم وعلم أعضاء من لجنة المقاطعة أسماء الفنانين، أصدروا بياناً بمقاطعة الفيلم. وفي رأيي، لا يوجد به شبهة تطبيع، وهو فلسطيني مائة في المائة.


مقالات ذات صلة

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق وصيفات العروس يبتهجن في حفل زفافها بالفيلم (القاهرة السينمائي)

«دخل الربيع يضحك»... 4 قصص ممتلئة بالحزن لبطلات مغمورات

أثار فيلم «دخل الربيع يضحك» الذي يُمثل مصر في المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الـ45 ردوداً واسعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)

أفلام فلسطينية ولبنانية عن الأحداث وخارجها

حسناً فعل «مهرجان القاهرة» بإلقاء الضوء على الموضوع الفلسطيني في هذه الدورة وعلى خلفية ما يدور.

محمد رُضا (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».