البعثة الأممية تتوقع «نشراً محدوداً» لمراقبين دوليين في ليبيا

باشاغا يعلن عن عملية أمنية غرب البلاد تستهدف «المسلحين والمهربين»

وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا (أ.ب)
وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا (أ.ب)
TT

البعثة الأممية تتوقع «نشراً محدوداً» لمراقبين دوليين في ليبيا

وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا (أ.ب)
وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا (أ.ب)

توقعت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أمس، نشر «مراقبين دوليين بشكل محدود» قريباً، بهدف متابعة تنفيذ الهدنة بين قوات حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، و«الجيش الوطني» الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
وقالت البعثة الأممية إن القوة المحدودة «ستضم عدداً من المراقبين الدوليين المحايدين وغير المسلحين وغير النظاميين لاستكمال المراقبين المحليين المنتشرين من قبل اللجنة العسكرية المشتركة»، المعروفة باسم لجنة «5+5».
وأشارت في بيان لها أمس إلى اقتراح الأمين العام للمنظمة الدولية، في تقريره إلى مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي، بخصوص ترتيبات دعم وقف إطلاق النار، عبر إنشاء عنصر رصد كجزء من البعثة، وتشديده على أن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار «يجب أن يكون بقيادة وملكية ليبية، استكمالاً للجهود المستمرة التي تبذلها اللجنة».
وكشفت البعثة عن عقد «مجموعة العمل الأمنية لليبيا» التي تضم ممثلين لها وللاتحاد الأفريقي وفرنسا وإيطاليا وتركيا والمملكة المتحدة اجتماعاً افتراضياً الأربعاء الماضي لمناقشة الوضع الأمني في ليبيا، وسبل دعم عمل هذه اللجنة، مشيرة إلى أن المجموعة جددت دعوتها لجميع الأطراف للإسراع في تنفيذ وقف إطلاق النار، لا سيما فتح الطريق الساحلي بين أبو غرين وسرت، والإعادة الفورية لجميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب.
وفي هذا السياق، أشادت ستيفاني ويليامز، رئيسة البعثة الأممية بالإنابة، بجهود اللجنة العسكرية، وما وصفته بالتقدم المحرز حتى الآن نحو تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك عمليات تبادل المعتقلين الأخيرة التي جرت تحت إشراف اللجنة، في جزء من تدابير بناء الثقة الأوسع، واستئناف الرحلات الجوية إلى جميع أنحاء ليبيا، والاستئناف الكامل لإنتاج وتصدير النفط، وتوحيد وإعادة هيكلة حرس المنشآت النفطية.
ودعت ويليامز جميع الأطراف إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، بما في ذلك حماية المدنيين، لا سيما من خلال السماح وتسهيل إيصال المساعدات والخدمات الإنسانية بشكل آمن سريع إلى جميع المجتمعات المتضررة من فيروس «كورونا».
وفي غضون ذلك، نفى عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، أي اتصالات له مع تركيا، وإرسال مبعوث شخصي له إلى أنقرة، وقال في تصريحات تلفزيونية أمس: «نحن لا نتسول، ولا نتلقى أوامر من تركيا أو من غيرها»، مضيفاً: «نحن نعمل من أجل أمن واستقرار ليبيا، وليس لدينا ما نخفيه. والشعب يشارك ويتابع خطواتنا أولاً بأول».
وإذ عد أن «مصلحة الشعب الليبي فوق كل اعتبار، وأمن واستقرار البلاد هدفاً لا يمكن الحياد عنه»، أكد صالح أنه لن يتردد في التواصل مع الدول الفاعلة في ملف الأزمة الليبية لتحقيق الأمن والاستقرار المنشود، ولكن «ليس على حساب مصلحة الليبيين، ودون مساس بالسيادة الوطنية».
وبدوره، نفى خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة «الوفاق»، مشاركته في الاجتماع الذي عقده مسؤولون أتراك مع السراج، ووفد قادة قوات عملية «بركان الغضب» التابعة لها.
وأعلن المشري في بيان «رفضه من حيث المبدأ» عقد اجتماعات من هذا القبيل خارج البلد، نافياً علمه بهذا الوفد، أو سفره إن حدث، ودعا إلى ضرورة دمج الوحدات المساندة في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية.
إلى ذلك، أدرج السراج الذي توجه أمس إلى أنقرة المحادثات التي أجراها مساء أول من أمس في إيطاليا مع رئيس حكومتها جوزيبي كونتي، بحضور وزير خارجيته لويجي دي مايو، في إطار عملية التشاور، لافتاً إلى ترحيب كونتي بالجهود المبذولة في المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، التي توصلت إلى الاتفاق على انتخابات تشريعية ورئاسية، مؤكداً «أهمية الالتزام بالموعد المحدد لإجرائها نهاية العام الحالي».
وقال السراج إن حكومته سخرت الإمكانيات كافة لتمكين المفوضية العليا للانتخابات من إنجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده، وعلى أكمل وجه. وجدد تأكيد أن «نجاح مسارات الحل يعتمد بشكل كبير على وقف التدخلات الخارجية السلبية في الشأن الليبي»، مشيراً في هذا السياق إلى اتفاق الجانبين على تفعيل اتفاقيات الصداقة والشراكة بين البلدين، واستمرار اللجنة الاقتصادية المشتركة في عقد اجتماعاتها، وتذليل العقبات أمام عودة الشركات الإيطالية لاستئناف نشاطها في ليبيا.
وفي السياق ذاته، قال كونتي إنه أجرى ما وصفه بـ«لقاء بناء» مع السراج، وأكد مجدداً «أهمية تسريع الخطى في العملية السياسية، تحت رعاية الأمم المتحدة»، مشدداً على «الدعم الإيطالي الكامل للحوار بين الليبيين من أجل انتقال مؤسسي منظم لمصلحة الشعب الليبي».
ومن جهة ثانية، أعلن فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، عن ما وصفه بـ«هجوم كبير» آتٍ من قبل قوات حكومته للقضاء على المسلحين ومهربي البشر، وقال بهذا الخصوص: «نأمل في أن تساعدنا الولايات المتحدة في القضاء على العناصر الإرهابية» التي تسللت إلى ليبيا. كما أن تركيا تعهدت بالفعل بالدعم. وقال باشاغا، عبر الهاتف من طرابلس، لوكالة «أسوشيتد برس» الأميركية، إن انسحاب القوات الأجنبية سيكون تدريجياً، موضحاً أنه «أبلغ روسيا بأن ليبيا مستعدة لإجراء محادثات تجارية إذا غادر المرتزقة». وأرجع الفضل إلى الجهود الأميركية في المساعدة على هزيمة تنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية في عام 2016.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.