القوات العراقية تعزز وجودها ضد «داعش» في المحافظات الغربية

TT

القوات العراقية تعزز وجودها ضد «داعش» في المحافظات الغربية

بدأت القطعات العسكرية العراقية تعزيز وجودها في المناطق التي تقع تقليدياً تحت سيطرة «داعش» في عدد من المحافظات الغربية التي سبق لها أن احتلها التنظيم عام 2014 وتحررت منه أواخر عام 2017. وفي هذا السياق أعلن مسؤول حكومي في محافظة صلاح الدين، شمال غربي بغداد، عن تأمين ما يعد أكبر معاقل العناصر الإرهابية شمالي المحافظة، بفوجين قتاليين من الشرطة والجيش.
وقال مدير ناحية الزوية التابعة لقضاء بيجي بالمحافظة، محمد زيدان، إن الفوج الثاني عشر من شرطة طوارئ صلاح الدين، والفوج الثالث من اللواء 43 في الفرقة 14 العسكرية، نشرا قطعاتهما في محيط جبال مكحول لتأمين مناطق الزوية والمسحك والنمل من أي تهديدات أو هجمات إرهابية محتملة. وأشار إلى نصب نقاط دائمة معززة بكاميرات مراقبة فاعلة لرصد تحركات المسلحين ومناطق وجودهم، إلى جانب الدوريات والمفارز الثابتة والمتحركة على امتداد جبال مكحول. ولفت زيدان إلى وجود بعض عناصر «داعش» مختبئين في أوكار جبال مكحول، إلا أنهم عاجزون عن الظهور أو شن أي هجمات تهدد المناطق المتاخمة لجبال مكحول.
وبيَّن مدير الناحية أن خطة الانتشار تمت بإشراف وزارة الدفاع وقيادة عمليات صلاح الدين، لمنع تكرار مجزرة المسحك التي راح ضحيتها 18 شخصاً بين قتيل وجريح من المدنيين والعناصر الأمنية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وتعد جبال مكحول، الممتدة بين أطراف كركوك وصلاح الدين، من أكبر معاقل تنظيم «القاعدة» سابقاً و«داعش» حالياً، ومنطلقاً للهجمات والتعرضات ضد القطعات الأمنية والأهداف المدنية.
وفي محافظة الأنبار المتاخمة لصلاح الدين، أعلنت وكالة الاستخبارات العسكرية العراقية عن اعتقال «إرهابي» وضبط متفجرات في عمليات متفرقة بالمحافظة. وقالت الوكالة في بيان لها أمس، إنه «تم القبض على أحد الإرهابيين المطلوبين للقضاء بموجب مذكرة قبض، وفق أحكام المادة 4 إرهاب، وذلك في منطقة البوفراج شمال قضاء الرمادي». وفي بيان ثانٍ أعلنت الاستخبارات العسكرية أنه «تم الوصول إلى مخبأ يضم كدساً للعبوات الناسفة في منطقة الزاوية ضمن صحراء الشامية غرب الأنبار». وأضافت أن «الكدس يضم 38 عبوة ناسفة على شكل خزان وقود سعة 10 لترات، معبأة بمادة الـ«سي فور»، بالإضافة إلى 34 مسطرة تفجير، و155 قنبرة مدفع».
في سياق ذلك، أعلنت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، أن أكثر من 50 في المائة من العمليات الإرهابية تتم من خلال عمليات القنص. وقال عضو اللجنة عن محافظة ديالى عبد الخالق العزاوي، إنه خلال «الأشهر الماضية برز اعتماد (داعش) فيما نسبته 50 في المائة من هجماته، سواء على النقاط الأمنية أو حتى على المدنيين، على أسلوب القنص، ما أدى إلى سقوط أعداد من الضحايا». وأضاف العزاوي في تصريح له أن «اعتماد التنظيم على القنص يأتي لضعف قدراته في المواجهة المباشرة».
إلى ذلك، يقول الخبير الأمني الدكتور معتز محيي الدين، رئيس «المركز الجمهوري للدراسات السياسية والاستراتيجية»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قدرات الجيش العراقي تطورت خلال السنوات الماضية في مواجهة التنظيمات الإرهابية؛ لا سيما بعد أن تمكنت من تحرير الأراضي التي احتلها تنظيم (داعش) عام 2014». وأضاف أن «الجيش العراقي لا يزال يواجه مشكلات؛ خصوصاً في القرى والأرياف والقصبات التي يصعب الوصول إليها، أو حتى لو تم الوصول إلى بعضها فلن يتم تحقيق الهدف بالكامل لأسباب مجتمعية».


مقالات ذات صلة

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.