الحريري يواجه محاولات «إحراجه لإخراجه» ولا ينوي الانسحاب

TT

الحريري يواجه محاولات «إحراجه لإخراجه» ولا ينوي الانسحاب

في ظل العرقلة المستمرة لتشكيل الحكومة، والاتهامات المتبادلة بالتعطيل، أتت دعوة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب السابق وليد جنبلاط، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للانسحاب، وترك «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» وحلفائهما ليحكموا.
وتنطلق دعوة جنبلاط من «الوقائع والضغوط التي يمارسها هذا الفريق على الحريري بهدف إحراجه لإخراجه، أو الخضوع لشروطه، وبالتالي العودة إلى الوضع السابق بسيطرته على السلطة». وهذا الواقع يضع الحريري أمام مهمة صعبة لا يزال يقاوم لمواجهتها حتى الساعة، رافضاً «الخضوع أو الاعتذار»، بحسب ما يؤكده النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار، بينما يعد النائب في «اللقاء الديمقراطي» هادي أبو الحسن أن الوضع لن يكون مختلفاً كثيراً، إذا قرر الحريري الاعتذار أو البقاء، ما دام أنه ليس هناك أي قرار بالإفراج عن لبنان.
وفي حديث تلفزيوني مساء الخميس، نصح جنبلاط الحريري بالانسحاب، قائلاً: «نصيحة للشيخ سعد، فليتركهم يحكموا؛ أي (التيار الوطني الحر) بالواجهة، ومن الخلف (حزب الله)، لأنهم ألغوا كل شيء، ولم يعد هناك وجود لما يسمى الحيثيات التي نعرفها: السيادة والاستقلال والحدود. لم يبقَ شيء، لا في البحر، ولا في الجو، ولا على الحدود البرية»، مضيفاً: «فليحكموا ما دام لديهم القدرة العسكرية والسياسية، وحتى الاقتصادية».
وفي هذا الإطار، يقول النائب هادي أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط»: «هذا كان موقف جنبلاط قبل حتى أن يطرح الحريري نفسه مرشحاً لترؤس الحكومة، لكن مع ترشحه دعمه (الحزب الاشتراكي)، ليحصل بعدها ما تخوفنا وحذرنا منه، وها هم اليوم يمارسون عليه الضغوط لإحراجه، وإخراجه إذا لم يخضع لهم، وفرض معادلة دخول الحريري والنائب جبران باسيل معاً، أو خروجهما معاً، عبر محاولتهم فرض شروط تعجيزية، وبالتالي منع الحريري من الحكم، واستخدامه غطاء لهم، وإعطاء شرعية لسياسة محورهم».
وعما إذا كان انسحاب الحريري سيؤدي إلى تشكيل الفريق الآخر حكومة من لون واحد، يقول أبو الحسن: «فعلوها قبل ذلك، وشكلوا حكومة حسان دياب التي فشلت نتيجة أسباب عدة، وساهم بذلك انفجار مرفأ بيروت»، مضيفاً: «لا مشكلة لديهم إذا فشلوا؛ هم يمسكون بالبلد، ولو كان همهم الشعب لما أوصلونا إلى ما وصلنا إليه». من هنا، يعد أنه «إذا بقي الحريري، أو شكلوا حكومة من لون واحد، لا شيء سيتغير، وسيبقون متحكمين بالبلد إلى أن تحين اللحظة الإقليمية المواتية للإفراج عن لبنان الذي بات قراره الاستراتيجي في إيران».
ومع موافقة النائب محمد الحجار على أن الفريق الآخر يحاول الضغط على الحريري لإحراجه فإخراجه، يؤكد أن تمسكه اليوم بشروطه وبالمبادرة الفرنسية هدفه الأساس منعهم من الاستمرار بسياستهم السابقة، واعتذاره حتى الآن ليس مطروحاً.
ويضيف الحجار لـ«الشرق الأوسط»: «واضح من كل ممارسات الفريق الذي يحيط بالرئيس عون أنهم يريدون الضغط على الحريري كي يعتذر، وهم الذين كانوا يرفضون عودته من الأساس، وقد ظهر ذلك في محطات عدة، وذلك بهدف التفرد بالبلد. لكن حتى الآن، لا قرار لدى الحريري بالانسحاب، خاصة في ظل هذه الظروف. وفي النهاية، لا بد أن يأخذ القرار المناسب».
ويرى الحجار أن الفريق الآخر لديه الجرأة لتأليف حكومة من لون واحد، رغم كل الظروف المحلية والإقليمية، قائلاً: «لا شيء يحكم تصرفهم، ولا يفكرون إلا بمصلحتهم، رغم كل التحذيرات والمحاولات والجهود التي تبذل لإخراج الحكومة، وكان آخرها من قبل البطريرك الماروني بشارة الراعي، لأنه -كما قال جنبلاط- إذا حصل أي أمر ما للرئيس عون، عندها يكون باسيل ضامناً الثلث المعطل».
وفي رد على سؤال عما إذا كان الحريري قادراً على المواجهة وحيداً، لا سيما إذا قرر جنبلاط عدم المشاركة في الحكومة، قال الحجار: «جنبلاط لم يعلن ذلك، ولكن معركة الحريري الأساسية هي في تشكيل حكومة وفق المبادرة الفرنسية من الاختصاصيين غير الحزبيين بعيداً عن الحصص، وبالتالي إصراره على رفض العودة إلى الوراء، في وقت يتنصلون هم فيه من وعودهم التي قدموها للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون».
وفي الإطار نفسه، أكد نائب رئيس تيار المستقبل، مصطفى علوش، أن الحريري لا يزال مصرا على 18 وزيراً من المستقلين وأصحاب الاختصاص كتشكيلة حكومة، من دون الثلُث المعطل، ومن دون سيطرة فريق واحد على الوزارات الأمنية.
ورداً على سؤال حول لقاء محتمل بين الحريري والنائب باسيل، أجاب علوش: «لا جدوى ولا سبب لهذا الاجتماع لأن الرئيس عون ينوب بالمهمة، ولكن إذا كانت القضية لتعويم باسيل فليس سعد الحريري المسؤول عن الأمر.
وإذا كانت القضية تؤدي إلى إنتاج حكومة، فالحري بباسيل أن يسهل الحكومة». وأضاف: «طلب لقاء الحريري مع باسيل طلب مزمن لدى رئيس الجمهورية، وفي الحقيقة وزير العهد (باسيل) يحاول أن يحصل على ولاية العهد بشكل مبكر، لكن بالنهاية لا يمكن إجبار المسؤولين أن يعترفوا بهذه المسألة، ومن ضمنهم الرئيس الحريري».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.