الأنظار تتجه إلى وساطة البطريرك الماروني لحل «عقدة الحكومة»

عون يلتقي الراعي وينفي علمه بلقاء مع الحريري

الرئيس ميشال عون والبطريرك بشارة الراعي أثناء لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون والبطريرك بشارة الراعي أثناء لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الأنظار تتجه إلى وساطة البطريرك الماروني لحل «عقدة الحكومة»

الرئيس ميشال عون والبطريرك بشارة الراعي أثناء لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون والبطريرك بشارة الراعي أثناء لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)

التقى أمس رئيس الجمهورية ميشال عون البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي سبق له أنه دعا إلى لقاء مصالحة بينه وبين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري فيما تضاربت المعلومات حول اقتراح مكان اللقاء ما يعكس الانقسام والخلاف فيما بين الجهات المعنية؛ إذ إنه ورغم إعلان رئاسة الجمهورية أن الراعي عرض عقد اللقاء في مقر البطريركية في بكركي نفى الوزير السابق سجعان قزي هذا الأمر، مؤكدا أن دعوة الراعي كانت مقتصرة على اللقاء من دون تحديد المكان.
وتأتي هذه الخطوة في وقت عاد الحريري أمس إلى بيروت التي غادرها بعد فشل اللقاءين اللذين عقدهما مع عون قبل عيد الميلاد، حيث لا تزال الأنظار تتجه إلى دور البطريرك الماروني في إمكانية تحريك مشاورات الحكومة المتوقفة منذ ذلك الحين والتي تلاها رفع سقف السجالات التي سجّلت بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» وتبادل الاتهامات بينهما بالتعطيل.
وفيما أعلن عون بعد اجتماعه بالراعي عن احتمال لقائه بالحريري، أوضح مكتبه الإعلامي أن الراعي طرح على رئيس الجمهورية فكرة اللقاء مع الحريري في بكركي خلال لقائه معه لكن عون لم يكن على علم مسبق به، وذلك في رد على المعلومات التي أشارت إلى أنه سيعقد لقاء بينه وبين الرئيس المكلف في مقر البطريركية المارونية.
وعقد الرئيس عون خلوة مع الراعي استمرت 45 دقيقة، تحدث بعدها رئيس الجمهورية إلى الصحافيين قائلا: «جئنا اليوم نعايد غبطته، لأن الظروف منعتنا من أن نكون هنا يوم عيد الميلاد. وتحدثنا عن الأوضاع العامة التي لا تزال مكتومة، لأن كل الذي يحصل معنا لا يحكى في الإعلام، لأن كل واحد يكتب في الإعلام، مع الأسف، على هواه. وإن شاء الله يكون هذا اللقاء مثمرا في هذا الموضوع».
وفي رد على سؤال عن لقاء يعمل عليه الراعي يجمعه مع الحريري على أن يكون لقاء مصارحة واتفاق على حكومة من دون محاصصة، أجاب عون «هذا احتمال».
من جهتها قالت مصادر مطلعة على اللقاء في «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط»: «كان عرض خلال الجلسة لما حصل في الفترة الماضية واقترح خلالها الراعي أن يجمع الطرفين في بكركي كي يتفقا وذلك استكمالا لموقفه يوم أول من أمس حيث دعاهما إلى جلسة مصالحة وهو الأمر الذي تحسم خطواته التنفيذية بانتظار استكمال بعض الاتصالات وكيف ستكون عليه الأجواء بعد عودة الحريري إلى بيروت»، بينما قالت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» إن عون لم يحسم قراره بشأن اللقاء حتى الساعة.
لكن في المقابل، نفى الوزير السابق سجعان قزي الذي يعمل مع الراعي على خط تقريب وجهات النظر بين عون والحريري هذه المعلومات، مشيرا إلى أنه لم يسجّل أي جديد في عملية تأليف الحكومة. وأكد لـ«الشرق الأوسط» «أن الراعي لم يقدم مبادرة جديدة مختلفة عن مبادرته السابقة وهو كرّر خلال لقائه مع الرئيس عون ما سبق أن قاله للحريري ودعوته يوم أول من أمس لعقد لقاء مصالحة بين الطرفين من دون أن يحدد مكان اللقاء. وأوضح قزي «البطريرك الراعي أكد لي أن دعوته لم تكن مرتبطة بتحديد أي مكان للقاء بل الهدف هو فقط حث الطرفين والتمني عليهما الاجتماع وإنهاء الخلافات حول الحكومة، أما إذا أرادا اللقاء في بكركي فأهلا وسهلا بهما».
وعن موقف الحريري في هذا الشأن، قال قزي: «لم يتم التواصل حتى الساعة بين الراعي والرئيس المكلف الذي عاد قبل ساعات من السفر وليس مستبعدا أن يزور البطريرك في زيارة معايدة كما جرت العادة بحيث ستكون أيضا مناسبة للبحث في هذا الموضوع».
في موازاة ذلك لا تزال المواقف السياسية مستمرة لجهة الحث على الإسراع بتشكيل الحكومة بعيدا عن السباق على المحاصصة.
ووصف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ما يحصل في موضوع التأليف بالجريمة الموصوفة، مجددا التأكيد على أن الحل هو في انتخابات نيابية مبكرة. وقال في بيان له إن «ما يجري على صعيد تشكيل الحكومة هو جريمة موصوفة في حق اللبنانيين، إذ رغم كل المآسي التي يعيشها الشعب اللبناني، والانهيار المالي الموصوف، والقلق المجتمعي على الحاضر والمصير، فإن ما يعيق تشكيل الحكومة ليس الخلاف عل طبيعة الإصلاحات المطلوبة، ولا حول أي وزير إصلاحي أكثر من الآخر، بل كل الخلاف يتمحور حول من يأخذ ماذا. إنها مأساة ملهاة في الوقت الذي يتلوع الشعب اللبناني بكل فئاته بنار الأزمة الحالية. إنه بالفعل زمن بائس. لا أمل يرجى من المجموعة الحاكمة الحالية، والحل الوحيد هو بالذهاب فورا إلى انتخابات نيابية مبكرة».
من جهته شدد مدير مكتب رئيس مجلس النوب نبيه بري النائب هاني قبيسي على وجوب «الإسراع في تذليل العقبات كافة من أمام تشكيل الحكومة»، وقال أمام وفود وفعاليات من عدد من المناطق: «من غير الجائز إبقاء البلد في دائرة المراوحة من دون سلطة تنفيذية تقوم بواجباتها في تأمين الرعاية لمتطلبات الناس واحتياجاتهم في كل ما يعزز أمنهم المعيشي والصحي، خصوصا في ظل تفشي جائحة «كورونا». فالمطلوب حكومة اليوم قبل الغد تكون قادرة على طمأنة الناس على مستقبلهم وتستعيد ثقتهم بالدولة ومؤسساتها».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».