الجزائر: حركة النهضة تنتقد لجوء الحكومة إلى سياسة التقشف في النفقات

وصفت الإجراءات المتخذة لمواجهة انهيار أسعار النفط بعقوبة جديدة ضد الشعب

الجزائر: حركة النهضة تنتقد لجوء الحكومة إلى سياسة التقشف في النفقات
TT

الجزائر: حركة النهضة تنتقد لجوء الحكومة إلى سياسة التقشف في النفقات

الجزائر: حركة النهضة تنتقد لجوء الحكومة إلى سياسة التقشف في النفقات

قال أمين عام حركة النهضة الإسلامية الجزائرية، إن الحكومة «فاشلة في خياراتها الاقتصادية»، ووصف الإجراءات الاستعجالية المتخذة لمواجهة انهيار أسعار النفط بـ«عقوبة جديدة للشعب الجزائري»، في إشارة إلى سياسة التقشف في النفقات، ووقف عمليات التوظيف التي أعلنتها الحكومة منذ شهرين.
وذكر محمد ذويبي، أمس، في لقاء مع أعضاء «مجلس الشورى» للحزب بالعاصمة، أن الوضع الاقتصادي الهش والمبني على سياسة الريع والتبعية المطلقة للمحروقات، والارتفاع المتزايد لفاتورة الاستيراد (60 مليار دولار عام 2014)، يدعو إلى دق ناقوس خطر». وأوضح أن تدني أسعار البترول في الأسواق الدولية «انعكس مباشرة وسلبا على حياة المواطنين، فأين كانت الحكومة إذا؟ ولماذا لم تتوقع تراجع أسعار النفط».
وأضحى انهيار أسعار البترول في الجزائر هاجسا بالنسبة للحكومة والطبقة السياسية بمختلف أطيافها، بل وحتى بالنسبة للمواطنين العاديين، وذلك لأن عيش 40 مليون جزائري مرتبط ارتباطا وثيقا بعائدات المحروقات، التي تمثل 98 في المائة من المداخيل بالعملة الصعبة. وتعول الحكومة على احتياطي الصرف (200 مليار دولار) لمواجهة العجز في الميزانية، غير أن الخبراء يجمعون على أن هذا المبلغ لن يصمد أمام وتيرة الاستيراد المرتفعة لأكثر من ثلاث سنوات.
وذكر ذويبي، أن الحل «ليس في عقاب المواطن بسياسة التقشف، وإنما باسترجاع الأموال المنهوبة أولا، وتوقيف استنزاف البنوك بمختلف عمليات النهب ثانيا، إذ لا يعقل أن تبقى البنوك العمومية عرضة للنهب دون أي مراقبة، وتسير عن طريق الهواتف من قبل النافذين، فالبنك المركزي الجزائري مثلا، يتولى العملية النقدية. ويسير صندوق ضبط الإيرادات وكذلك احتياطي العملة الصعبة في الخارج، ولا توجد هيئة تراقب أعماله، وحتى مجلس المحاسبة، بصيغته الحالية، نزعت منه هذه الصلاحية بأمر رئاسي سنة 2010».
وكان رئيس الوزراء عبد المالك سلال قد أعلن الأربعاء الماضي، عبر التلفزيون الحكومي، أن الحكومة لن تتوقع ارتفاعا في سعر النفط، وقال بهذا الخصوص: «نحن في أزمة»، وهي كلمة تحاشى المسؤولون في البلاد التفوه بها منذ شهور لعلمهم أن وقعها سيكون سلبيا للغاية على الجزائريين، ولأنهم يتوقعون حدوث مظاهرات في المدى القريب إذا عجزت الحكومة عن استيراد المواد الأولية، التي تعودت على جلبها من الخارج في زمن الوفرة.
ومن بين ما ذكر سلال، أن انخفاض أسعار النفط «نعمة على الجزائر، لأن ذلك سيدفعنا إلى تنويع الصادرات». وقد تعرض رئيس الوزراء لانتقاد شديد من طرف المعارضة بسبب هذا التصريح، على أساس أن كل الحكومات المتعاقبة في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (منذ 1999)، تعرف أن التبعية للمحروقات كبيرة، ولم تفعل شيئا للتخلص منها.
وتعهد سلال بتشجيع مؤسسات القطاع الخاص ومنحها تحفيزات للإنتاج، بغرض تخفيض فاتورة الاستيراد، ودعا إلى استهلاك المنتج المحلي. لكن الشائع أن ما تنتجه الشركات المحلية الخاصة، في كل قطاعات النشاط، وخصوصا في مجال الصناعات الغذائية، لا ينافس المنتج الأجنبي من حيث النوعية أو السعر.
وكتب عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب الإسلامي المعارض، «حركة مجتمع السلم» على صفحته بـ«فيسبوك»، تعليقا على ما قاله سلال: «إنني أتعجب كيف لمنظومة سياسية انتقدت حين جاءت للحكم قبل 15 سنة من كان قبلها، وسودت ما أنجزه من سبقها، وادعت بأنها جاءت بالحلول، وأنفقت 800 مليار دولار، وسفهت آراء المعارضين، وخونتهم. وحين قلنا لها بأن الأزمة قادمة ضحكت واستهزأت». وأضاف موجها نقده للنظام: «على هذا النظام أن يعترف بفشله، وأن يوقف مسلسل الفساد ونهب خيرات البلد، التي وضعها بين يدي بعض الخواص، وأن يسمح بانتقال ديمقراطي يمكن الجزائريين من التعاون لإخراج هذا البلد من هذه الأزمة. إن هذا النظام السياسي ليس قادرا على خدمة البلد، بل هو خطر على مستقبلنا جميعا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.