الكاظمي يعلن جاهزية الجيش العراقي لحماية السيادة في ذكراه المئوية

وزير الدفاع يحذّر من حرب أهلية بسبب الصواريخ العشوائية

استعراض للقوات المسلحة العراقية في عيدها المئوي أمس (رويترز)... وفي الإطار الكاظمي خلال مشاركته في احتفالات عيد الجيش أمس (إ.ب.أ)
استعراض للقوات المسلحة العراقية في عيدها المئوي أمس (رويترز)... وفي الإطار الكاظمي خلال مشاركته في احتفالات عيد الجيش أمس (إ.ب.أ)
TT

الكاظمي يعلن جاهزية الجيش العراقي لحماية السيادة في ذكراه المئوية

استعراض للقوات المسلحة العراقية في عيدها المئوي أمس (رويترز)... وفي الإطار الكاظمي خلال مشاركته في احتفالات عيد الجيش أمس (إ.ب.أ)
استعراض للقوات المسلحة العراقية في عيدها المئوي أمس (رويترز)... وفي الإطار الكاظمي خلال مشاركته في احتفالات عيد الجيش أمس (إ.ب.أ)

في وقت شهدت فيه العاصمة العراقية بغداد أمس الأربعاء استعراضا عسكريا بمناسبة مئوية الجيش العراقي، هو الأول من نوعه منذ عام 2003، فإن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي القائد العام للقوات المسلحة، أكد في خطاب بهذه المناسبة أن «العراق لن يكون ملعبا للصراعات الإقليمية والدولية بعد اليوم»، معلنا عن انسحاب أكثر من نصف القوات الأميركية من البلاد خلال الأيام المقبلة. قبل أن يؤكد جاهزية الجيش العراقي لحماية تراب الوطن.
وقال الكاظمي، إنه «تم سحب دفعات من القوات الأميركية من العراق ضمن توقيتات فنية خلال الأشهر الماضية»، مبينا أن هذه الخطوة جاءت «كثمرة للحوار الاستراتيجي المتواصل مع الولايات المتحدة». وبين أن «هذا الانسحاب سوف يكتمل في الأيام المقبلة ولن يتبقى إلا مئات منهم فقط للتعاون في مجالات التدريب والتسليح والدعم الفني». ولفت إلى أن «هذا التطور قد تأسس على ضوء جاهزية قواتنا المسلحة البطلة والقوات الأمنية بمختلف صنوفها، لحماية أرض العراق وصون كرامة شعبه».
وقال الكاظمي في خطابه وسط الجنود: «لن نسمح باختطاف القرار الوطني العراقي من أي جهة كانت.. ولن نخضع للمزايدات السياسية والانتخابية».
وكان رئيس الوزراء شارك أمس الأربعاء في استعراض كبير في ساحة الاحتفالات الكبرى داخل المنطقة الخضراء بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس الجيش العراقي. وبدا هذا الاستعراض الذي شاركت فيه كل صنوف القوات المسلحة العراقية بمثابة استعراض للقوة بعد محاولات إضعاف الجيش وتحميله مسؤولية النكسات والخلافات السياسية.
في سياق ذلك وفي تطور لافت في سياق المواجهة مع الفصائل المسلحة القريبة من إيران حذر وزير الدفاع العراقي جمعة عناد مما سماه اندلاع حرب أهلية في العراق، في حال استمر إطلاق الصواريخ العشوائية على المنطقة الخضراء.
وقال الجبوري في تصريحات متلفزة إن «مَن يتلقى المفخخات، لا يعصى عليه أحد يحاول نصب قاذفة صواريخ، لكن الموضوع ممكن أن يجر البلاد إلى حرب أهلية». وأضاف: «يجب أن نكون حكماء ونعمل بطريقة علمية، ولا نجر البلاد إلى حرب أهلية... يوجد أناس لا يفهمون»، مشيراً إلى أن «الصاروخ ممكن أن يضر بالبلاد ويدمرها، ولا يقع الصاروخ إلا على الجندي والمدني، والأجانب في مقراتهم منذ سنة ولم يحصل لهم شيء».
وأشار إلى أن «السياسيين تمت مخاطبتهم بوضع الخلافات الشخصية جانباً، ووضع مصلحة البلد أولاً، لأنه إذا حدث شيء ما، فالكل سيخسر ولا يوجد رابح». وأوضح عناد قائلا «نعمل على تأمين البعثات الدبلوماسية وملاحقة مطلقي الصواريخ»، مضيفاً أن «هناك من يريد جرنا لصدام مسلح ولن نسمح بذلك». وبيّن أن «الجيش يواجه تحديات كبيرة أهمها ملاحقة فلول (داعش) ونقصُ التدريب وضعف جهاز الاستخبارات».
من جهتها، ردت إحدى الجهات المحسوبة على بعض الفصائل المسلحة على تصريحات وزير الدفاع العراقي، مشيرة إلى أن التصريحات تنطوي على عزم القوات المسلحة على القيام برد معين.
وقال المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء كاظم الفرطوسي في تصريح صحفي إن «التصريحات فيها تحذيرات أو مخاوف عندما تخرج من جهة مستفيدة لا تحمل حسن نية، خصوصاً من الجهات الحكومية»، مضيفا أن «التصريحات ربما تأتي لغرض التمهيد لعمل معين ضد جهات محددة». وبين الفرطوسي أن «النسيج والمجتمع العراقي بعيدان كل البعد عن الحرب الأهلية، وليس هناك أي بوادر لأي حرب أهلية، ولهذا ليس هناك أي داع لإطلاق هذه التصريحات من قبل وزير الدفاع»، مردفاً بأن «هذه تصريحات مرفوضة وغير مسؤولة».
وأضاف «الفصائل لا يمكن أن توجه سلاحها نحو العراقيين، بأي ظرف كان وبأي وقت كان، وليس هناك أي توجيه أو تفكير أو تفاهم بحمل السلاح في وجه أي عراقي مهما كان»، مشيرا إلى أن «الفصائل هي لمقاومة المحتل فقط». غير أن تحذيرا آخر جاء هذه المرة على لسان رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي الذي عد العراق يتعرض اليوم إلى خطر وجودي يهدد وحدته وسيادته وأمنه.
وقال العبادي في بيان له أمس الأربعاء مخاطبا أفراد الجيش العراقي إن «العراق يمر اليوم بأخطر التحديات التي تواجه وحدته وأمنه وسيادته». مبينا أنه «مطلوب من الجيش كقوة وطنية نظامية أن تحمي الدولة وتدافع عن وجودها وكرامتها وقوتها». وأضاف العبادي مخاطبا الجيش «أدعوك أيها الجيش وكما عهدتك أن تبقى سورا للوطن وليس سورا لطائفة أو حزب أوحاكم. أنت حارس شرعية الدولة وحامي أسوار القانون والسيادة». مشيرا إلى أن «قوة الدولة تتمثل بوحدة الجيش ووطنيته والتصاقه بآمال الشعب».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.