أقدم محلات لندن يعرض أرشيفه من أطقم الطعام الملكية للبيع

صنع كأس تتويج الملكة إليزابيث وتكريم تشرشل ومائدة نابليون... وقائمة عملاء تضم عائلات مالكة عربية

مائدة الإمبراطور نابليون
مائدة الإمبراطور نابليون
TT

أقدم محلات لندن يعرض أرشيفه من أطقم الطعام الملكية للبيع

مائدة الإمبراطور نابليون
مائدة الإمبراطور نابليون

تخيل أنك ضيف في مأدبة ملكية أو مدعو للعشاء في قصر أمير موناكو أو مهراجا هندي، الخيال يسبح بك ما بين المائدة العامرة بالأطباق الشهية وما بين الأواني والأطباق والكؤوس المزخرفة بالفضة والذهب إلى الكريستال المتألق. مثل هذه المآدب نراها في الأفلام وفي المسلسلات مثل «ذا كراون» الذي صور الحياة في قصور بريطانيا ومسلسل «داونتن آبي» الذي صور حياة النبلاء والعائلات الأرستقراطية. من الخيال للواقع يمكنك الآن رؤية أطقم من الخزف الفاخر الملون والمذهب بجميع التصميمات الراقية، وهي نسخ طبق الأصل من أطقم حلت على موائد ملوك الشرق والغرب، وزينت غرف طعام النبلاء والمشاهير، وهو ما يقدمه مزاد «سوذبيز» المقام أونلاين حالياً.
المزاد يغوص في أرشيف أحد أشهر صانعي أطقم الضيافة الراقية، توماس غود، في لندن، الذي يعود بتاريخه إلى 1827 عندما افتتح أول محلاته بحي ماي فير اللندني. 200 عام من الفخامة والتاريخ متاحة أمام من يريد أن يزايد أو من يريد أن يمتع بصره بتصاميم رفيعة وقصص لشخصيات تاريخية.
أما كيف تجمعت كل تلك القطع لدى توماس غود، فذلك يعود لأن مالك المحل حرص على صناعة قطعة طبق الأصل من كل قطعة مباعة. وعبر حوار قصير مع «الشرق الأوسط»، قال جوني ساندلسون رئيس مجلس إدارة «توماس غود»، إن طرح قطع من أرشيف المتجر أتاح له الفرصة للتعرف على جوانب لم يكن يعرفها عن المحل وعن القطع التي صنعها، «وجدنا قطعاً استثنائية خلال الإعداد للمزاد، مثل قطع زجاجية صنعناها للعائلة المالكة البريطانية عبر 100 عام إلى قطع أخرى لم تخرج للنور».
يشير إلى علاقات قوية مع عائلات ملكية حول العالم، ويشير إلى أن المتجر تعامل مع عائلات ملكية في السعودية والإمارات والبحرين والكويت، ويضيف: «لدينا سجلات لطلبيات لعائلات مالكة من الشرق الأوسط تعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية».
أهم القطع
يحمل أرشيف توماس غود أطباقاً تحمل شعارات المملكة العربية والسعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عمان والكويت، تحمل للناظر نفحات من التاريخ الحافل بالضيافة والكرم العربيين.
ومن العائلة المالكة البريطانية، يضم المزاد كأس التتويج التي صنعت للاحتفال بتتويج الملك إدوارد الثامن. هناك أيضاً مجموعة قطع تحمل عنوان «مائدة الإمبراطور»، التي تضم قطعاً من طاقم ضيافة صنع خصيصاً لنابليون الأول.
من المجموعات المعروضة في المزاد مجموعة من الأطباق التي صنعت لقصر باكنغهام وتحمل الشعار الملكي في وسط كل طبق وبعضها يحمل التاج الملكي وختم القصر.

طقم أطباق لبيت الدمية
الخاص بالملكة ماري
من القطع الطريفة في المزاد طقم خاص صنعه توماس غود ليوضع في غرف بيت الدمية الخاص بالملكة ماري في قلعة ويندسور، وهو من القطع البارزة في مجوعة القطع الملكية «رويال كوليكشن».
ويعتبر بيت الدمية في قلعة ويندسور أكبر وأشهر بيت دمى في العالم، يبلغ ارتفاعه خمسة أقدام ومزود بتوصيلات الكهرباء والماء. البيت به كل التفاصيل الدقيقة مثل الصنابير المصنوعة من الفضة والثريات المصغرة ومجموعات كتب مصغرة. عمل في تصميم وتنفيذ البيت حوالي 1500 حرفي لصناعة كل عناصر البيت دقيقة الحجم، من هؤلاء توماس غوود الذي كلف في عام 1922 بصناعة طقم طعام من البورسلين من 76 قطعة وزعت على غرفة الطعام الرئيسة وغرفة الحضانة والمطبخ.
وكالعادة احتفظت سجلات المحل بنسخة من كل قطعة صنعت لبيت الدمية، وسيقدم المزاد الأطقم الثلاثة مع خطاب شكر من الملكة ماري.
«مائدة الإمبراطور»
طقم من الخزف «سيفر» صنع للإمبراطور نابليون الأول، وهو من المجموعة الخاصة به، مطلي ومزين باليد برسومات على هيئة ورود وأكاليل. ولا شك أن الصلة الإمبراطورية للطقم تفسر سعره الذي يتراوح ما بين 350 ألفاً إلى 450 ألف جنيه إسترليني.
من السجلات نعرف أن عائلة إمبراطور روسيا تعاملت مع المتجر، ويروي لنا ساندلسون أن القيصر ألكساندر طلب صناعة نسخة من أطباق صنعها المحل للإمبراطورة كاثرين العظيمة. يرى ساندلسون استمرارية وامتداداً للتاريخ في أن مصمم الأزياء الإيطالي جياني فيرساتشي طلب من المتجر صنع أطباق له بالتصميم نفسه الذي صنع للإمبراطورة، وإن أضاف بعض التغييرات، «أن يعجب فيرساتشي بتصميم أطباق صنعناها منذ 100 عام، ويطلب إعادة صنعها مع تعديلات طفيفة أمر موحٍ».
كؤوس تذكارية
من القطع التي تميز بصنعها توماس غود الكؤوس التذكارية للمناسبات المهمة، لعل أحدثها الكأس التي يجري العمل عليها حالياً لتسجيل اليوبيل البلاتيني لاعتلاء الملكة إليزابيث الثانية العرش، الذي يحل في 2022.
ويقدم منها في المزاد كأس صممت لتتويج الملك إدوارد الثامن، الذي لم يحدث بسبب تخليه عن العرش ليتزوج المطلقة الأميركية واليس سيمبسون. وهناك أيضاً المزهرية الحمراء التي صنعت لتسجيل تنصيب شقيقه الملك جورج السادس، ولتسجيل تتويج ابنته الملكة إليزابيث الثانية نرى قطعة طبق الأصل من كأس التتويج المتميزة بثلاثة مقابض.
ولم تكن الكؤوس التذكارية حصراً على العائلة الملكة، فقد صنع المحل كأساً خاصة لتسجيل مناسبة مهمة لرئيس الوزراء الراحل وينستون تشرشل عندما منحته الولايات المتحدة الأميركية الجنسية الشرفية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».