تحقيقات عقب تصريحات لمستشار للكاظمي أغضبت جماعات طهران

قال إن سليماني لم يكن يراعي الأصول العامة للدولة العراقية

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ف.ب)
TT

تحقيقات عقب تصريحات لمستشار للكاظمي أغضبت جماعات طهران

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ف.ب)

أثارت تصريحات أدلى بها مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون المصالحة الوطنية، هشام داود، حول قائد «فيلق القدس» الإيراني السابق قاسم سليماني، غضب واستياء الجماعات المقربة من إيران، ما اضطر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، إلى فتح تحقيق معه و«تجميد عمله»، طبقاً لمصادر حكومية.
كان داود قال في إطار «ريبورتاج» أنتجته قناة BBC»» البريطانية، إن الجنرال الإيراني «كان يعتقد أنه ليس فقط منسقاً مع العراق، بل إنه مسؤول عن جزء في العراق، وبالتالي يدخل ويخرج متى يشاء». وأضاف: «كان الرجل يشعر بمسؤوليته كمواطن إيراني حتى خارج بلاده، وهذه المسؤولية تطغى وتعلو على مسؤولية الآخرين، بالتالي، فإن الأصول العامة للدولة العراقية لم تكن ضمن أولوياته». وتابع: «نحن كدولة فرضت على قاآني (قائد فيلق القدس الحالي) أن يأتي بفيزا (سمة دخول)، وأن يدخل من الباب الصحيح».
تصريحات داود، وهو باحث في الشؤون الاجتماعية والدولية وحاصل على تأهيل علمي من الجامعات الفرنسية ورشح لشغل منصب وزير الثقافة في حكومة الكاظمي، لكنه لم يحظ بقبول كتل نيابية في البرلمان، أثارت غضب واستياء المنصات الإعلامية وبعض الشخصيات القريبة والموالية لإيران، حيث طالب عضو لجنة الأمن والدفاع وتحالف «الفتح» في البرلمان مهدي الآمرلي، الحكومة، بإقالة داود ومحاسبته على تصريحاته «المسيئة» ضد سليماني. كما هاجم النائب عن كتلة «صادقون» التابعة لـ«عصائب أهل الحق»، عبد الأمير التعيبان، المستشار دواد. وكذلك فعل رئيس كتلة «الفتح» النيابية محمد الغبان.
وحفلت منصات إعلامية تابعة للفصائل الولائية بتهديدات علنية لداود، ولوحت بـ«مصير مماثل لـ(دجلة الكربولي)، سنصلك بنيراننا وسنخط موقفنا على جبهتك»، في إشارة إلى قيام عناصر تنتمي لتلك الفصائل بحرق مقر قناة «دجلة» الفضائية نهاية شهر أغسطس (آب) 2019. وتداولت منصات ومواقع تابعة لجماعات مسلحة بياناً صدر عما تسمى «لجاناً شعبية» توجه أفرادها بقتل داود.
ومع موجة الانتقادات والتهديد والوعيد التي تعرض لها المستشار داود، اضطر إلى إصدار إيضاح حول ما ورد في المقابلة التلفزيونية قال فيه: «وإذ أتفهم ردود الأفعال الغاضبة هذه، لا بد من التوضيح مجدداً بأن الدقائق المقتطعة تلك جاءت ضمن فيلم تسجيلي طويل لم يبث بعد. وأن من يتفحص ما صدر عني لن يجد أي تقليل من شأن الشخصيات المهمة التي وردت أسماؤها، أرجو أن يكون هذا التوضيح بمثابة اعتذار لكل من فهم حديثي بغير مقاصده». وأضاف أن «المقابلة الصحافية كانت في نطاق فيلم تسجيلي ذي طابع تاريخي، وأنها جرت قبل أكثر من شهرين». وتابع: «تحدثت في هذا الفيلم بلغة حرة باعتباري باحثاً وأكاديمياً مختصاً في الشأن العراقي، ولم أتحدث بصفة رسمية. إن ما ورد في حديثي ينطلق من كوني باحثاً استقيت معلوماتي من أبحاث أجريتها في السنوات السابقة، وهي ليست بالضرورة معلومات حكومية».
من جهة أخرى، وجه مكتب رئيس الوزراء، أمس، كتاباً إلى قيادة العمليات المشتركة والقوات الأمنية، منع فيه «منعاً باتاً» ظهور جميع منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية في مقابلات إعلامية، أو الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام بشتى أنواعها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».