العالم الإسلامي بعيون النساء

مصورات من الشرق الأوسط لا يزلن عازمات على التحدي

من أعمال الفنانة الإيرانية نشوى توكليان
من أعمال الفنانة الإيرانية نشوى توكليان
TT

العالم الإسلامي بعيون النساء

من أعمال الفنانة الإيرانية نشوى توكليان
من أعمال الفنانة الإيرانية نشوى توكليان

هناك انطباع سائد بأن النساء في الشرق الأوسط، أسيرات مقموعات خلف الأسوار والحجاب، إلا أنهن يشكلن في واقع الأمر قوة في المجتمع والفن. فقد لعبت النساء دورا رئيسا في الربيع العربي ولا تزال تواصل القيام بهذا الدور في المشهد الفني الذي يعيش حالة من الانتعاش، وخاصة التصوير.
وقد تجاوزت بعض المصورات من الشرق الأوسط الحواجز بكاميراتهن وصنعن قوالب خاصة بهن، لا يزلن عازمات على التحدي. ويشكل متحف الفنون الجميلة في بوسطن الذي عقد تحت شعار «هي من تروي القصة: مصورات من إيران والعالم العربي»، محاولة طموحة ومهمة للأعمال التي قامت بها 12 سيدة، بعضهن يتمتعن بشهرة دولية.
وتشير أمينة المتحف، كريستين غريشر، في فهرس المعرض إلى أن هذا العرض، الذي سيقام خلال يناير (كانون الثاني)، يهدف إلى استكشاف «ثنائية المنظور وغير المنظور والمباح والمحظور، والمعلن والمسكوت عنه والشائق والمروع»، وتدور الصورة المائة وفيلما فيديو بشكل عام حول هذه الفكرة لتفتح نافذة واسعة حول ما يشغل النساء في المنطقة التي عادة ما تكون الأخبار التي يجري تداولها عنها في المقالات الإخبارية هنا عن العنف واللاجئين. الأفكار في هذا المعرض تبدو أكثر من الصور، التي تتنوع جودتها ما بين متميز ومقنع إلى مجرد اشتقاق في بعض الحالات.
لم يكن من السهولة بمكان أن تتمكن المرأة في الشرق الأوسط من العمل في مجال التصوير، وتذكر بشرى المتوكل، التي ولدت في اليمن أن رجلا سألها ذات مرة عن عملها، وعندما أخبرته بأنها مصورة قال لها مداعبا: «من الجيد أن يكون المرء صاحب هواية». كانت بشرى قلقة للغاية بشأن معرضها الأول، وربما يعود جانب من السبب في ذلك إلى أنها عرضت بعض صورها الخاصة، لكن المعترض الوحيد على ذلك كان والدتها التي تساءلت: «من التي تعرض صورا لنفسها؟». وأجابت بشرى: «والدتي، إنها فن. إنها معروضة في متحف»، لكن والدتها ردت عليها: «ومن الذي يبيع صورا لنفسه».
في الوقت ذاته، تشكل إيران صعوبة خاصة بالنسبة للمصورين من الجنسين، بحسب «نيويورك تايمز»، فتقول شادي غاديريان، من إيران في شريط فيديو، إن المصورات في بلادها عرضة للاتهامات بالخيانة والعمالة، فقد اعتقلت الكثيرات من زميلاتها وتلقين أحكاما بالسجن، وبعضهن لم يفرج عنهن حتى الآن. بينما قالت نشوى توكليان، مصورة إيرانية كانت تعمل لصحيفة «نيويورك تايمز»، في مقابلة معها: «هناك خطوط حمراء، لكن أين هي؟ أنا لا أعلم. ولا أحد يعلم أين توجد تلك الخطوط الحمراء».
تحتاج المصورات الصحافيات في إيران إلى تصريح من وزارة الإعلام للتصوير، وقد سحب تصريح توكليان أكثر من مرة، وهو ما دفعها في النهاية للتحول إلى التصوير الفني. وتشير إلى أن التصوير انتعش في إيران كما هو الحال مع التصوير بالهواتف الجوالة في المتنزهات. وتقول جوهار داشتي، مصورة إيرانية، إنه في أعقاب انتخابات عام 1997 افتتح مائة معرض، كانت تقام عادة في شقة خاصة بالطابق الثالث من البنايات السكنية، حيث يحضر عدد كبير من الأفراد حفلات الافتتاح.
وتقول توكليان إن السلطات لا تدرك في الأغلب الرسالة التي يتمكن مرتادو المعارض من فهمها بسهولة، وإن المشاهدين الغربيين قد تغيب عنهم هذه الرسائل أيضا، رغم أنها قد تكون أكثر جدوى من قيمتها الجمالية. والصور التي تعرضها توكليان، والتي تبدو محيرة في البداية، تعرض نساء بعيون مغلقة يحركن أفواههن - في أداء صامت. ويشرح التعليق المصاحب للصور أن هؤلاء النساء مغنيات محترفات وأن الصور اعتراض ضد القيود المحافظة التي تمنع النساء من الغناء بشكل علني.
تبدو الصور الأخرى مبهمة بعض الشيء أيضا، فالنساء المصريات اللاتي يركبن مترو الأنفاق في صور رنا النمر تبدو عليهن علامات الاكتئاب (كما هو الحال بالنسبة لراكبي مترو الأنفاق الأميركيين)، لكن لا توجد صورة تجمع ذلك التناقض لتوضيح تعليق رنا في الفهرس بأن شخصياتها عرضة للمرض بسبب التمييز والاضطهاد الديني، وهو موروث لدى باقي المجتمع المصري والعربي والعالم.
وتشعر المتوكل بحالة من الغضب إزاء الانطباع السائد لدى الغرب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) بمساواة العرب بالشر، فقد اضطرت بعد الهجوم الإرهابي إلى اتخاذ العلم الأميركي غطاء لرأسها. كانت الفكرة السائدة في المعرض هي الفكرة الراسخة لدى الغرب بشأن الحجاب، الزي الذي يثير الجدل في الشرق الأوسط. وتعرض الصور الأولى في سلسلة صور المتوكل التي جاءت تحت عنوان «أم وابنة ودمية» ثلاث سيدات في زي وألوان وأنواع مختلفة من الحجاب، تبعها الكثير من الصور لهن متشحات بالسواد. وتحاول المتوكل في هذه الصور القول إن إجبار الفتيات الصغار على ارتداء الحجاب الكامل أمر لا يتعلق بالدين، بل بحب السيطرة.
وتصور غاديريان سيدة ترتدي الحجاب وتغطي شعرها وصدرها، في مكان تصوير يعود للقرن التاسع عشر، لكنها تمسك في يديها بأشياء معاصرة مثل قنينة بيبسي وجهاز تسجيل، اللذين كانا محظورين رسميا لسنوات في إيران. وتحاول من خلال ذلك تأكيد أن التغيير الذي يحدثه التاريخ في الحياة وحتى في التصوير يأتي بجرعات قليلة للغاية.
أما الفنانة جناني العين، نصف آيرلندية ونصف عراقية، فقد ركزت على مسألة الحجاب، حيث تعرض صورا لخمس سيدات يتنوع مظهرهن ما بين الحجاب الكامل إلى سيدة حاسرة الرأس وأخرى تكشف عن ساقيها. ثم أعادت تصوير هؤلاء السيدات، حيث ظهرت السيدة المحجبة في الأولى، غير محجبة في الصورة الثانية. درست جناني لوحات الاستشراق في القرن التاسع عشر لفنانين مثل ديلاكروا وجيرومي وقالت إن هذه الرسومات خيالية تماما وإن الصور في تلك الفترة كانت مقبولة وأعيد إنتاجها. وأشارت، خلال الندوة التي عقدت على هامش المعرض، إلى أن الصور التي التقطت في الشرق الأوسط للسوق الغربية دفعت الخيال الغربي لنزع الحجاب عن النساء المحجبات.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».