سجين موريتاني يروي معاناته في أول كتاب عن معتقل غوانتانامو

كتبه المؤلف بخط يده في 466 صفحة من خلف القضبان وخضع لتنقيح قبل نشره

محمد ولد صلاحي
محمد ولد صلاحي
TT

سجين موريتاني يروي معاناته في أول كتاب عن معتقل غوانتانامو

محمد ولد صلاحي
محمد ولد صلاحي

تهافت القراء في الولايات المتحدة على شراء أول كتاب يروي فصول 13 عاما من التعذيب والإهانة واليأس قضاها الكاتب في معتقل غوانتانامو الحربي الأميركي مجتذبا اهتماما بقضيته فاز به بشق الأنفس. ونشر كتاب «يوميات في غوانتانامو» أول من أمس بعد معركة قضائية استمرت سبع سنوات، ويروي فيه الموريتاني محمد ولد صلاحي محنته في السجن الأميركي بقاعدة بحرية في خليج غوانتانامو بكوبا.
ويستعيد صلاحي في يومياته حمامات الثلج والإذلال ومناسبات التحقير التي لا تعد ولا تحصى في رواية تسرد بصيغة المتكلم يتحدث فيها السجين عن فترة استجوابه خلال الحرب الأميركية على الإرهاب وهو سجين لم توجه له السلطات الأميركية أي اتهامات وأمرت محكمة اتحادية بإطلاق سراحه عام 2010، غير أن هذا الحكم نقض في وقت لاحق واستمر حبس صلاحي. وتزامن نشر الكتاب مع خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن حالة الاتحاد بعد سبع سنوات من تعهده بإغلاق المعسكر خلال العام الأول من توليه الرئاسة، غير أن هذه الجهود أعاقها المشرعون الأميركيون الذين يعتقدون أن نزلاء غوانتانامو يشكلون تهديدا على الأمن القومي الأميركي.
وفي بادئ الأمر صنفت الحكومة الأميركية المخطوط الأول الذي كتبه المؤلف بخط يده في 466 صفحة على أنه وثيقة سرية وخضع لتنقيح هائل قبل نشره.
وقالت هينا شمسي، محامية صلاحي من اتحاد الحريات المدنية الأميركي «إنه رجل بريء اعتقل بشكل غير قانوني ويجب أن يروي حكايته بنفسه من دون رقابة».
ويضيف صلاحي، وهو مهندس إلكترونيات يبلغ من العمر 44 سنة، والمسجون في غوانتانامو منذ عام 2002 بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة وتجنيد ثلاثة من المشاركين بهجمات 11 سبتمبر (أيلول)، إنه تعرض للكثير من الضرب على يد المحققين بحيث كان «يرتجف كمرضى باركنسون» متهما أحد المحققين بأنه كان قاسيا لدرجة تدل على أنه كان «ينفذ حكما بالإعدام البطيء».
ولم يوجه القضاء اتهامات رسمية لصلاحي الذي يقول محاميه إن ملفه ليس فيه إلا أدلة بسيطة ضد موكله، رغم أن المعتقل الموريتاني اعترف بسفره إلى أفغانستان للقتال فيها مطلع العقد التاسع من القرن الماضي ضد القوات السوفياتية، وانضم إلى «القاعدة» عام 1991، مؤكدا أنه قطع صلاته بالتنظيم بعد ذلك بفترة قصيرة، ومع ذلك فهو مسجون بموجب «صلاحيات معاملة المقاتلين الأعداء» المعطاة للجيش الأميركي بعد هجمات سبتمبر 2001.
وحل كتاب «يوميات في غوانتانامو» بين المائة كتاب الأكثر مبيعا على موقع «أمازون»، وبين الخمسين الأكثر مبيعا في «بارنز آند نوبل»، أول من أمس الأربعاء.
وقالت الناشرة ليز جاريجا من دار نشر «هاتشيت»: «لقد بدأ بيعه منذ يوم واحد فقط، وهاتفي لا يتوقف عن الرنين بشأنه. هذا يعني أن الكتاب يصل إلى الناس كما أردنا له». وقالت شمسي إن محنة صلاحي هي برهان إضافي على أن التعذيب لا يفلح، مستشهدة بأحد مقاطع الكتاب حين يصف صلاحي ما قاله له محققون في إحدى جلسات الاستجواب «هل هذا كل ما عندك؟.. لا أعرف ولا أذكر.. سننال منك»، مستخدمين تهديدا جنسيا واضحا.
وعقدت عائلة صلاحي مؤتمرا صحافيا في لندن، أول من أمس، تزامن مع بدء طرح الكتاب في بريطانيا تناشد فيه السلطات الأميركية الإفراج عنه. وسجل عدد من المشاهير، منهم الممثلان كولن فيرث وستيفن فراي، مقاطع من الكتاب بصوتهما بثت على الإنترنت. ويقرأ فراي مقطعا عن طريقة معاملة رجال أمن عرب لصلاحي خارج غوانتانامو بناء على تعليمات من الأميركيين «لقد ملأوا كل فراغ بين ثيابي من عنقي وحتى كاحلي بمكعبات الثلج، وكلما ذابت كانوا يضعون غيرها. مكعبات ثلجية صلبة. وبين الحين والآخر كان أحد الحراس يلكمني.. يلكمني في وجهي معظم الوقت».
وقال الموريتاني صلاحي إنه سلم نفسه إلى السلطات بعد أسابيع من هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، ونقل إلى الأردن، حيث تم استجوابه لعدة أشهر قبل أن ينقل إلى أفغانستان ثم كوبا، وفق نسخ من محاضر جلسات إجرائية عسكرية أميركية.
ووصفت اللجنة التي حققت في هجمات 11 سبتمبر صلاحي بأنه «أحد عناصر تنظيم القاعدة البارزين»، مشيرة إلى أنه ساعد في إعداد خلية هامبورغ، وبينها اثنان من خاطفي الطائرات التي نفذت هجمات 11 سبتمبر، ورفيق غرفة الثالث محمد عطا للسفر إلى أفغانستان لتلقي التدريب». وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لشؤون غوانتانامو اللفتنانت كولونيل مايلز كاجينز إنه سيعاد النظر في الوضع القانوني لصلاحي. وفي أحد فصول الكتاب يصف صلاحي الشعور الذي انتابه بالراحة في يوليو (تموز) 2002 لكونه سيتوجه إلى الولايات المتحدة على الرغم من أنه كان يقف عاريا تماما.
يذكر أن وزارة الدفاع الأميركية حذفت بعض المقاطع من شهادات صلاحي، قبل أن يحصل الكتاب على الموافقة الأمنية لنشره.



مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
TT

مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)

تجمّع آلاف البوذيين، أول من أمس الأحد، في وسط بورما؛ للمشاركة في إحياء طقوس دينية شعبية شكّل الاحتفال بها فاصلاً ملوّناً، وسط النزاع الدامي الذي تشهده الدولة الآسيوية.
وحالت جائحة «كوفيد-19» وانقلاب فبراير (شباط) 2021 لعامين متتاليين دون أن تشهد بيين أو لوين، هذا الاحتفال باكتمال القمر الذي يصادف نهاية موسم الأمطار المعروف بـ«تازونغداينغ» أو مهرجان الأضواء. وارتفعت مناطيد الهواء الساخن في الليل البارد وعليها صور لبوذا وأنماط ملونة تقليدية؛ ومنها الدب الأبيض.
ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، تتولى لجنة تحكيم اختيارَ الأجمل منها، الذي يصل إلى أكبر علو ويطير أطول وقت بين 76 منطاداً تشارك في الأيام الخمسة للاحتفالات.
ويترافق هذا الحدث مع كرنفال وعرض رقص تقليدي يوفّر جواً من البهجة بعيداً من أخبار النزاع الأهلي، الذي أودى بحياة ما بين 2400 و4000 شخص في نحو عامين.
وإذا كان الاحتفال بـ«تازونغداينغ» راسخاً في التقاليد البوذية، فإن البريطانيين الذين كانوا يستعمرون بورما هم الذين كانوا وراء مسابقة المناطيد في نهاية القرن الـ19.
ودرَجَ عشرات الآلاف من البورميين والأجانب الفضوليين في السنوات الأخيرة، على حضور هذه الاحتفالات المعروفة على السواء بألوانها وبالخطر الذي تنطوي عليه، إذ تُحمَّل المناطيد بالألعاب النارية التي قد تسبب كارثة إذا انفجرت قبل الأوان.
ويعود الحادث الأخطر إلى عام 2014 عندما قُتل 3 متفرجين بفعل سقوط منطاد على الحشد في تونغي، وسط بورما.