مدير المناهج السودانية في عين العاصفة بسبب لوحة لمايكل أنجلو

القراي انتقد الحملة ضده ووصفها بـ«الجائرة»... واتجاه لإقالته ووزير التعليم متمسك به

مدير المناهج السودانية د.عمر أحمد القراي
مدير المناهج السودانية د.عمر أحمد القراي
TT

مدير المناهج السودانية في عين العاصفة بسبب لوحة لمايكل أنجلو

مدير المناهج السودانية د.عمر أحمد القراي
مدير المناهج السودانية د.عمر أحمد القراي

يشن «إسلاميون» ودعاة محسوبون على نظام الرئيس المعزول عمر البشير، حملات تحريض ووعيد، بلغت حد التهديد بالقتل وتحريم تدريس منهج أكاديمي، تستهدف مدير المناهج والبحث التربوي السوداني عمر أحمد القراي، لاحتواء كتاب التاريخ المقرر للصف السادس «أساس» على صورة للوحة «خلق آدم» للفنان الإيطالي الشهير «مايكل أنجلو»، التي اعتبرتها الإسلاميون «تجسيداً» للذات الإلهية.
ويدفع القراي ومؤيدوه بأن اللوحة عمل فني «مهم» يعبر عن مرحلة من مراحل تاريخ الفن تستحق الدراسة، وأنها مجرد عمل فني لا علاقة له بالتفاسير الدينية، وأن الحملة يقودها أنصار النظام المعزول الذين صاغوا المناهج التعليمية وفقاً لرؤاهم الدينية، تتخذ من اللوحة ذريعة للحيلولة دون المساس بالمناهج التي أعدوها.
واشتعلت وسائط التواصل الاجتماعي بحملات متباينة، تطالب الأولى بإقالة مدير المناهج، وتتهمه باستغلال المناهج لنشر «الفكر الجمهوري» لمؤسسه محمود محمد طه، الذي أعدم خلال فترة حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري إبان تحالفه مع التيار الإسلامي بقيادة الدكتور حسن الرتابي، وأطلقت وسم «إزالة القراي»، بينما ترى الحملة الأخرى المؤيدة للقراي في إعادة كتابة المناهج ذات الصبغة «الإخوانية» واحداً من أهداف الثورة التي أسقطت النظام الإسلاموي الذي كان يحكم السودان، وإزالة ظلاله «المتطرفة» التي حاول النظام المعزول فرضها على التدين السوداني المتسامح.
واختار رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، الخبير التربوي د. عمر القراي، مديراً للمركز القومي للمناهج والبحث التربوي، التابع لوزارة التربية السودانية، وأوكل له مهمة إعادة كتابة المناهج المدرسية وتطويرها وتنقيتها من «الآيديولوجيا الإخوانية» التي اتسمت بها طوال ثلاثين عاماً من حكم الإسلاميين للسودان. ويحوز «القراي» على سيرة ذاتية ثرية في المجال التربوي والمناهج، فهو حاصل على دكتوراه التربية من جامعة أوهايو في تخصص علم المناهج، وعمل في العديد من المنظمات المحلية والدولية والجامعات كأستاذ مشارك، إلى جانب عمله مستشاراً خاصاً في مجال التعليم والمرأة وحقوق الإنسان.
ويستخدم مناوئو القراي من الإخوان وأعوان النظام المعزول، انتماءه للفكر «الجمهوري» الذي أعدم الرئيس الأسبق جعفر النميري مؤسسه الأستاذ «محمود محمد طه» بتهمة الردة، ذريعة للانتقاص منه وللإبقاء على «مناهجهم»، لكن الرجل يرد دائماً بأنه لا يكتب المناهج. يشار إلى أن محكمة أخرى عقدت بعد سقوط نظام النميري، برأت «طه» واعتبرت الحكم باطلاً وأنه استند على حيثيات سياسية ليست قانونية. ومنذ أسابيع ظل الرجل يتعرض لهجوم عنيف، وحملات تكفير واسعة استخدمت فيها منابر المساجد، ومنصات التواصل الاجتماعي، استندت فيها على كتاب التاريخ للصف السادس بمرحلة أساس، الذي يحتوي على لوحة «خلق آدم»، باعتبارها تجسيداً للذات الإلهية، بشكل أساس، بجانب مواد اعتبرها مناوئو الرجل من الإخوان وحلفائهم مناوئة للدين الإسلامي.
وفي مؤتمر صحافي عقده الرجل الأسبوع الماضي، قال القراي إن الكتاب موضوع الانتقاد يتضمن باباً يتحدث عن تاريخ نهضة الفنون في أوروبا، وإن اللوحة وردت مع عدد من اللوحات التي رسمت في تلك الفترة التاريخية المهمة، وإن الحملة ضده تستخدم اللوحة ذريعة للإبقاء على مناهج «الإخوان» التي يسعى وفريقه لتغييرها وكتابة مناهج جديدة عصرية، بدون حمولة فكرية «آيديولوجية» محددة.
وأصدر «مجمع الفقه الإسلامي» - تابع لوزارة الشؤون الدينية - فتوى بتحريم تدريس منهج التاريخ الذي أعده فريق القراي، وقال إن الكتاب وجه إساءة قبيحة للذات الإلهية، بتصويرها مجسدة للتلاميذ، وصور الإسلام كدين إرهاب وعنف، ومجد الحضارة الغربية على حساب الحضارة الإسلامية، إلى جانب احتوائه على مضامين وصور توصل رسالة خاطئة في العقيدة والثقافة والتاريخ.
وتبعاً لذلك استخدم أئمة مساجد ورجال دين وسياسيون محسوبون على «الإخوان»، وموالون لنظام الإنقاذ، حملات منسقة للحط من المناهج التي يعدها فريق القراي، واتهموا فيها الرجل بالكفر والزندقة، وطالبوا بإقالته وإلغاء المناهج التي أعدها فريقه، ووصفوه بأنه يسعى لنشر «الفكر الجمهوري» عن طريق المناهج التي يعمل على إعادة كتابتها.
ونقلت تقارير صحافية محلية، أن الرجل دون بلاغات جنائية ضد خطيب المسجد الكبير «كمال رزق» - المحسوب على الإخوان - اتهمه فيها بتهمة تكفيره والتحريض على قتله، وأنه شرع في إجراء بلاغ ضد خطيب مجمع الفتح الإسلامي محمد الأمين إسماعيل.
وبمواجهة الحملة التي تستهدفه، قال مدير المناهج والبحث التربوي، إنه سيظل في وظيفته ولن يستقيل، ولن يخيفه أو يرهبه الهجوم المتطرف ضده، ورهن استقالته من منصبه بتغيير المناهج التي يعمل على إعادة كتابتها، أو صدور قرار بإقالته من قبل رئيس الوزراء.
ووصف الحملة ضده، بأنها «جائرة وغير نزيهة وغير شريفة الخصومة»، وقال بحسب وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، إن صورة «خلق آدم» لم تأت معرفة ومشروحة، وإنما قدمت ضمن نماذج للوحات فنية عديدة، وإنها لم تظهر لأول مرة في السودان، وكانت تدرس في منهج الفنون بالجامعة الإسلامية، دون أن ينتقدها أحد.
وانتقد القراي تدخل مجمع الفقه الإسلامي في شؤون المناهج، ونقلت عنه «سونا» قوله: «إنه يرفض كون مجمع الفقه هو الجهة التي تجيز المناهج، وإن الجهة الوحيدة التي تجيز المناهج هي المركز القومي للمناهج، وليس مجمع الفقه».
وهو ما وافقه عليه القيادي في الجبهة الثورية «ياسر عرمان» وفقاً لتغريدة على صفحته على «تويتر»، جاء فيها: «الهجوم على القراي تقوده الثورة المضادة، مع بعض الاستثناءات النادرة. قضية المناهج طالها تخريب النظام السابق، وتحتاج لمؤتمر لجميع المختصين، وتوسيع دائرة الحوار حولها»، وأضاف: «بروفسور محمد الأمين التوم - وزير التربية - بشجاعته المعتادة رفض الخنوع وفصل القراي».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر في مجلس الوزراء، أن هناك اتجاها لإقالة الرجل، لأسباب لا علاقة لها بالجدل حول «اللوحة»، وإنما بسبب ظهوره المتكرر في وسائل الإعلام بما يخالف طبيعة وظيفته، وتناوله لقضايا خلافية لا علاقة لها بالمناهج، بيد أن المصادر أكدت للصحيفة تمسك وزير التربية والتعليم محمد الأمين التوم بمدير المناهج ورفضه لاستقالته أو إقالته.
وتعد لوحة «خلق آدم» التي أثارت كل هذه الجدل، واحدة من أعظم الكنوز الفنية في العالم، وهي معلقة على سقف كنيسة «سيستين» في الفاتيكان، وفسرها نقاد الفن بأنها «صورة تشريحية دقيقة للدماغ البشري مرسومة على شكل الإله»، وقالوا إنها تجسد التكوين التشريحي الداخلي للدماغ، بما يجعل «يد الإله» الممتدة لآدم دون أن تلمسه، تبدو كإشارة دماغية تنقل الحياة للرجل الذي يمثل «آدم».



إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
TT

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)

أشاد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالاتفاق الذي توصّل إليه طرفا الصراع في اليمن لتبادل المحتجَزين، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة سلطنة عمان، واصفاً هذه الخطوة بأنها «تعزز جهود التهدئة وبناء الثقة في اليمن».

وفي تغريدة على منصة «إكس»، نوّه آل جابر بالجهود التي بذلها فريقا التفاوض من الطرفين، مؤكداً أن الاتفاق يعالج قضية ذات بُعد إنساني، ويتيح لكل المحتجَزين العودة إلى أُسرهم، كما أعرب عن تقديره توجيهات القيادة السعودية، ومتابعة وزير الدفاع، وتعاون الحكومة اليمنية، والمساعي الصادقة من سلطنة عمان.

كان الوفد الحكومي اليمني ووفد الجماعة الحوثية قد أعلنا، الثلاثاء، توصلهم لاتفاق يقضي بتبادل 2900 محتجَز وأسير من الطرفين، حيث يشمل الاتفاق الإفراج عن 1700 أسير حوثي، مقابل 1200 محتجَز من الجانب الحكومي؛ بينهم 7 سعوديون و23 سوادنياً من قوات «تحالف دعم الشرعية» في اليمن.

من جانبها، رحّبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاتفاق المبدئي لإطلاق سراح المحتجَزين ونقلهم وإعادتهم إلى أوطانهم، داعية جميع الأطراف إلى ترجمة الالتزامات إلى أفعال على أرض الواقع.

وقالت رئيسة بعثة اللجنة في اليمن، كريستين شيبولا: «نُعوّل على تعاون أطراف النزاع، ومن الضروري أن تحترم الأطراف التزاماتها بموجب الاتفاق، وأن تعمل على تحديد المحتجَزين المقرر إطلاق سراحهم دون تأخير».

كما أشادت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبده شريف، بالجهود المبذولة من اللجنة الدولية وسلطنة عمان، مؤكدة أن التعاون المستمر من جميع الأطراف أمر أساسي لإحراز تقدم نحو إطلاق سراح المعتقلين.

بدورها، رحبت وزارة الخارجية العمانية بالاتفاق، وثمّنت الروح الإيجابية التي سادت المفاوضات بين 9 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكدة دور المملكة العربية السعودية، وجهود مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الأطراف المشارِكة في نجاح هذا المسعى الإنساني.

خطوة إنسانية وتوقعات بالتنفيذ

في تعليق حكومي يمني، أعرب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني عن ترحيبه بالاتفاق الذي يشمل شخصيات سياسية بارزة مثل الأستاذ محمد قحطان، واصفاً الخطوة بأنها «إنسانية مهمة طالَ انتظارها، وتُخفف من معاناة آلاف الأُسر اليمنية، وتمثل تقدماً ملموساً في أحد أكثر الملفات الإنسانية إيلاماً».

وأكد الإرياني أن الاتفاق جاء ثمرة توجيهات ومتابعة القيادة السياسية بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي، وتجسيداً لالتزام الحكومة بالتعامل مع ملف الأسرى والمحتجَزين كقضية إنسانية وأخلاقية، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو انتقائية؛ لضمان الإفراج عن الجميع دون استثناء.

كما أشاد بالدور المحوري للسعودية وجهود قيادتها في متابعة هذا الملف الإنساني، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، مشيراً إلى حرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني وتعزيز فرص التهدئة وبناء الثقة.

وأشار الإرياني أيضاً إلى مساهمة سلطنة عمان في استضافة جولات التفاوض، وتهيئة الأجواء المناسبة للتوصل إلى الاتفاق، مُعرباً عن تقديره الجهود الدولية والمبادرات الأممية التي أسهمت في تقريب وجهات النظر.

ولفت إلى أن الحكومة اليمنية ستواصل تنفيذ الاتفاق بكل مسؤولية؛ لضمان الإفراج الكامل عن جميع المحتجَزين والمختطَفين والمخفيين قسراً، ووضع حد لمعاناة آلاف الأُسر اليمنية التي طال انتظارها لهذا اليوم.


العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
TT

العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، التحذير من خطورة الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية على الدولة اليمنية.

وشدد العليمي على أن أي مساع لفرض واقع خارج إطار المرجعيات المتوافق عليها تهدد المركز القانوني للدولة وتضعف مؤسساتها، بما يفتح الباب أمام إعادة إنتاج الصراعات داخل الشرعية، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.

وأشار العليمي إلى أن الشراكة السياسية القائمة يجب أن تُحترم كأداة لحماية الدولة، وأن أي محاولة لتحويلها إلى وسيلة لفرض أجندة أحادية تعرّض البلاد لمخاطر كبيرة، بما في ذلك تعطيل مؤسسات الدولة، واستخدامها غطاءً لمشاريع خارجة عن التوافق الوطني.

وأضاف أن الحفاظ على وحدة القرار اليمني والتوافق الوطني العريض يمثل مصلحة عليا، ويعد شرطاً أساسياً لاستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، وضمان استقرار المجتمع اليمني، ومنع تفتيت الشرعية أو إضعافها.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي عقد اجتماعاً مع رئاسة «هيئة التشاور والمصالحة» بحضور نواب رئيس الهيئة عبد الملك المخلافي، وصخر الوجيه، وجميلة علي رجاء، وأكرم العامري، لمناقشة الإجراءات الأحادية الأخيرة وتداعياتها على الشراكة السياسية.

وركز الاجتماع على دور الهيئة كأحد أعمدة التوافق الوطني التي أنشأها إعلان نقل السلطة لحماية مؤسسات الدولة من الانزلاق نحو الفوضى، وضمان استمرار التعاون بين القوى الوطنية المناهضة لمشروع الحوثيين المدعوم من إيران.

مسؤولية جماعية

أكد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - أن الهيئة مطالبة بتحمل مسؤولية جماعية تتجاوز ردود الفعل، نحو بناء أدوات حاكمة تحمي مؤسسات الدولة وتردع أي محاولات لاستغلالها في مشاريع خارج التوافق.

وشدد على أن القضية الجنوبية، رغم عدالتها، يجب أن تعالج ضمن المرجعيات المتفق عليها، وعدم السماح بتحويلها إلى ذريعة لإجراءات أحادية قد تقوض فرص الحل السلمي، وتضعف التعاطف سواء الإقليمي أو الدولي، وتعيد القضية من مسارها السياسي الآمن إلى مسار تصادمي قد يفاقم الأزمات.

كما حذر العليمي من أن التهاون مع هذه الإجراءات الأحادية سيؤدي إلى إفراغ مجلس القيادة وهيئاته المساندة من مضمونها التوافقي، وتهديد المركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج صراع داخلي جديد داخل الشرعية، ما يضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة (سبأ)

ولفت إلى أن المصالح العليا لليمن تتمثل اليوم في الحد من المعاناة الإنسانية، والحفاظ على وحدة القرار، واستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، ومنع عزل أو إضعاف الشرعية.

واطلع الاجتماع على إحاطة من رئاسة هيئة التشاور حول مقارباتها بشأن المستجدات الجارية، مؤكدة دعم الهيئة الكامل لمجلس القيادة والحكومة، وأهمية المضي قدماً في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض قيادة مجلس القيادة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التوافق الوطني العريض، وحشد الطاقات كافة لمواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

حماية الدولة ووحدة القرار

في سياق تحركات العليمي، ذكرت المصادر الرسمية أنه التقى بقيادات وزارة الخارجية ورؤساء البعثات الدبلوماسية، بحضور وزير الخارجية شائع الزنداني، لبحث مستجدات الوضع المحلي، خصوصاً الإجراءات الأحادية التي دفعت بعض المؤسسات لإصدار بيانات سياسية خارجة عن اختصاصها.

وحذر من أن هذا المسار يهدد وحدة القرار، ويخلق سلطة موازية بالقوة، مما قد يؤدي إلى ارتباك قانوني وسياسي داخلي، ويضعف جهود المجتمع الدولي في دعم استقرار اليمن.

وشدد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن المواقف السياسية العليا تتحدد عبر مجلس القيادة ومؤسسات الدولة المختصة، وعلى رأسها وزارة الخارجية، وليس من خلال بيانات منفردة أو اصطفافات أحادية.

العليمي مجتمعاً مع قيادة وزارة الخارجية ومع البعثات الدبلوماسية عبر الاتصال المرئي (سبأ)

كما أشار إلى أن أي ازدواج في السلطة أو القرار من شأنه إعاقة برامج الدعم وإعادة اليمن إلى مربع الدولة الفاشلة المتنازع عليها، ومنح الحوثيين فرصة لتعزيز نفوذهم وتحشيد المقاتلين خلف شعارات زائفة.

وأكد العليمي على أهمية تحصين مؤسسات الدولة من أي تسييس إداري، ومنع استخدام الوزارات والمؤسسات السيادية والخدمية في أي مشاريع خارج نطاق المرجعيات الرسمية، مع اتخاذ مسار قانوني واضح ضد أي تجاوزات تهدد وحدة القرار أو المركز القانوني للدولة. وشدّد على توجيه الجهد الوطني نحو مواجهة الميليشيات الحوثية، واستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وحماية مصالح اليمن العليا على الصعيدين الداخلي والدولي.


قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
TT

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)

جدّد قلق إسرائيلي من «تطور تسليح الجيش المصري» في سيناء الحديث عن تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، الصامدة منذ 1979، إلا أن مصدرين مطلعين بمصر قالا لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر ليست لديها أي نية أو دافع لإجراء تعديلات، وإن كل ما يهمها هو تأمين حدودها وفق مقتضيات الأمن القومي».

وبحسب المصدرين، فإن «مصر ترغب في زيادة تسليح القوات المصرية في سيناء، وخصوصاً القريبة من إسرائيل بأسلحة ووسائل تكنولوجية حديثة تمكنها من مراقبة الحدود وتحقيق المرونة اللازمة في حفظ الأمن القومي المصري بشكل دائم وتحت أي ظروف بالنظر للأحداث التي شهدتها المنطقة خلال العامين الماضيين، وشكلت تهديداً كبيراً لأمن مصر».

وشدّد المصدران على أن مصر تنتظر ما سيحدث في لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة نتنياهو للولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي، مع «وجود اعتقاد لدى العديد من المسؤولين المصريين أن ترمب سيضغط بشدة على نتنياهو للتعاطي مع المطالب المصرية والعمل بشكل أكبر لتحقيق التهدئة اللازمة لإعادة العلاقات الطبيعية بين إسرائيل وجيرانها وبقية دول المنطقة».

ووفق المصدرين، فإن «الأنباء التي تتداول عن مطالب مصر بتعديل معاهدة السلام مع إسرائيل لزيادة القوات المصرية في سيناء غير دقيقة، لأن هناك ملاحق للاتفاقية تحقق المرونة اللازمة بشأن زيادة عدد القوات وقت الحاجة».

وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية حذّرت من «نشر الجيش المصري مؤخراً منظومة الدفاع الجوي الصينية (HQ-9B) في شمال سيناء، وهي واحدة من أكثر الأنظمة تطوراً عالمياً». وسلّطت الصحيفة الضوء على ما تتميز به هذه المنظومة من قدرة على اعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مسافات تصل إلى 300 كيلومتراً وارتفاع 30 كيلومتراً، مع إمكانية تتبع أهداف متعددة في وقت واحد ومواجهة تهديدات متقدمة، مثل الصواريخ فرط الصوتية.

مصر وقّعت مع إسرائيل صفقة غاز كبرى مؤخراً (أ.ف.ب)

واعتبر التقرير العبري «نشر مصر لهذه المنظومة المتطورة جزءاً من جهود القاهرة لتعزيز أمنها الجوي أمام التهديدات الإقليمية، لكنه يجدد الشكوك حول الالتزام ببنود اتفاق السلام الذي يحدّ من التسليح في سيناء».

ويرى نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر لا تحتاج لتعديل اتفاقية السلام كما يتردد، لأنه تم تعديل ملحق الاتفاق في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021 بحجم القوات والمعدات الموجودة حالياً في سيناء، ولكن مصر قد تطلب في ذلك الشأن تطوير تسليح ومعدات قوات المنطقة (ج) القريبة لغزة وإسرائيل بوسائل وأجهزة مراقبة إلكترونية حديثة لمراقبة حدودها مع إسرائيل، التي يبلغ طولها نحو 220 كيلومتراً، وذلك لضبط الحدود أمنياً ومنع التهريب والتسلل بأنواعه المختلفة».

وأوضح: «دائماً كانت ترفض إسرائيل مطلب التسليح الحديث للقوات المصرية في تلك المنطقة خلال محادثات لجنة التنسيق المشتركة لأجهزة الاتصال بين الجانبين».

كامل قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الطلب الرئيسي لمصر هو إعلان نتنياهو تنفيذ جميع بنود اتفاق شرم الشيخ الخاص بغزة، والانسحاب الكامل من قطاع غزه، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

خبير الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد قال إن «العلاقات بين مصر وإسرائيل باردة حالياً، ولكن يتم احتواء الخلافات من خلال التنسيق المشترك والوساطة الأميركية، والخلافات تركز على غزة والأمن الحدودي».

وشرح عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط» أن «اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية تحدد حدوداً صارمة للقوات المصرية في سيناء، مقسمة إلى مناطق (A ،B ،C ،D). وأي زيادة في القوات أو المعدات الثقيلة تتطلب موافقة إسرائيلية مسبقة».

أما الأستاذ المتخصص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، طارق فهمي، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل تضغط عبر تسريبات لإعلامها من أجل عمل تعديلات جديدة، لأن آخر تعديل على الملحق الخاص بالاتفاقية تم في 2021، واتفقت اللجنة العسكرية المشتركة على زيادة عدد وقدرات قوات حرس الحدود المصرية بمنطقة رفح، وحالياً هناك محاولات إسرائيلية لتعديل هذا الملحق الأمني لضمان بقاء القوات الإسرائيلية في محور صلاح الدين، وهي المنطقة (د) لديهم، بينما مصر ترى ذلك انتهاكاً لمعاهدة السلام».

وفي تقدير فهمي، فإنه «ستتم مواءمات بين الطرفين بشكل أو بآخر دون حدوث مخالفات كبيرة للمعاهدة»، منوهاً إلى أنه «لا توجد أي خروقات من جانب مصر للمعاهدة، وأغلب الأمور التي تتم حالياً وسابقاً في سيناء تكون بالتنسيق، ومصر ليست في حاجة لاستئذان أحد لحفظ أمنها أو تسليح قواتها».

فهمي وهو محاضر في كلية الدفاع والأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، شدّد على أنه «لن تكون هناك قمة بين السيسي ونتنياهو في هذا التوقيت، بصرف النظر عن أي لقاءات أخرى يمكن أن تتم، ونحن في انتظار نتائج القمة بين نتنياهو وترمب أولاً، وبعد ذلك تتم التوافقات، وحينما يتم الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، وتكون هناك جدية في تنفيذه من جانب إسرائيل، يمكن عقد قمة عربية تشارك فيها عدة دول، بجانب الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر، ثم قمة رباعية بين مصر وإسرائيل وأميركا والأردن. وكل ذلك يتم في الولايات المتحدة، ولا توجد مخططات لقمم تعقد بالشرق الأوسط».