«داعش» يكثّف هجماته ضد قوات النظام في سوريا

عناصر من قوات النظام السوري (أرشيفية - رويترز)
عناصر من قوات النظام السوري (أرشيفية - رويترز)
TT

«داعش» يكثّف هجماته ضد قوات النظام في سوريا

عناصر من قوات النظام السوري (أرشيفية - رويترز)
عناصر من قوات النظام السوري (أرشيفية - رويترز)

قُتل 15 شخصاً، على الأقل، غالبيتهم من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها، جراء هجوم لتنظيم «داعش» الإرهابي في شمال سوريا، في ثاني هجوم من نوعه خلال أقل من أسبوع يستهدف حافلات عسكرية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
ويصعّد التنظيم المتطرف في الآونة الأخيرة من وتيرة هجماته ضد قوات النظام؛ ما يعكس - وفق محللين - صعوبة القضاء نهائياً على خلاياه التي تنشط في البادية السورية المترامية الأطراف.
واستهدف عناصر التنظيم ليل الأحد، حافلة تقل عسكريين وسيارات وصهاريج وقود في منطقة وادي العذيب في شمال محافظة حماة، أثناء مرورها على طريق يربط محافظة الرقة (شمال) بدمشق، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، متحدثاً عن «كمين»، أعقبه اشتباكات.
وتسبب الهجوم بمقتل ثمانية عناصر من قوات النظام وأربعة من قوات الدفاع الوطني الموالية لها على الأقل، إضافة إلى ثلاثة مدنيين، كذلك، أصيب 15 آخرون بجروح، وفق «المرصد».
وكانت حصيلة أولية لـ«المرصد» ليلاً أفادت بمقتل تسعة أشخاص بينهم مدنيان، في حين أحصت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) مقتل «تسعة مدنيين وإصابة أربعة آخرين بجروح جراء اعتداء نفّذته التنظيمات الإرهابية».
ونقل الإعلام الرسمي عن محافظ حماة طارق كريشاتي قوله إن الهجوم «تمّ غالباً بالأسلحة الرشاشة».
وفي أعقاب الهجوم، خاضت وحدات الجيش، وفق ما نقلت صحيفة «الوطن» المقربة من دمشق عن مصدر على الأرض، حدوث «اشتباكات ضارية مع الإرهابيين».
واستقدمت قوات النظام تعزيزات إلى المنطقة بحسب «المرصد»، تزامناً مع شن الطائرات الروسية غارات مكثفة على البادية السورية.
ولم يعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجوم الذي وقع بعد ثلاثة أيام من هجوم مماثل كان قد تبنى تنفيذه الخميس.
واستهدف حافلة عسكرية في محافظة دير الزور (شرق)؛ ما أودى بحياة 39 عنصراً من قوّات النظام، بينهم ثمانية ضباط، بحسب «المرصد».
ويعدّ ذلك الهجوم وفق مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن «الأكثر دموية» منذ إعلان «قوات سوريا الديمقراطية»، ائتلاف فصائل كردية وعربية تدعمه واشنطن، في مارس (آذار) 2019 دحر التنظيم والقضاء على «الخلافة» التي أعلنها صيف عام 2014 على مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور.
وانكفأ التنظيم حينها إلى البادية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق، حيث يتحصن مقاتلو التنظيم في مناطق جبلية.
ورغم الخسائر الفادحة التي تكبّدها، يواصل التنظيم خوض حرب استنزاف ضد قوات النظام السوري والمقاتلين الموالين له من جهة والقوات الكردية من جهة ثانية، رغم الغارات الجوية التي تستهدف تحرّكاته بين الحين والآخر. وينطلق في هجماته تحديداً ضد قوات النظام، من نقاط تحصّنه في منطقة البادية.
ويقول عبد الرحمن «عاود التنظيم تصعيد نشاطه وشنّ هجمات تستهدف قوات النظام منذ الربيع الماضي»، متحدثاً عن «هجمات بشكل شبه يومي تشنّها خلايا تابعة للتنظيم تنفذ العمليات ثم تتوارى في البادية».
ويعكس الهجوم الأخير، وفق ما يشرح الباحث في شؤون التنظيمات المتطرفة أيمن التميمي، صعوبة القضاء على «الخلايا النائمة» التابعة للتنظيم في منطقة مترامية المساحة كالبادية.
ويوضح «على القوات الحكومية السورية وحلفائها أن يغطوا منطقة شاسعة ذات كثافة سكانية منخفضة، يسهل على تنظيم (داعش) البقاء فيها وشنّ هجمات منها».
وبعدما خرجت مناطق كثيرة عن سيطرة النظام في بداية النزاع، تمكّنت دمشق بدعم من حليفتيها روسيا وإيران من تحقيق انتصارات ميدانية متتالية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وباتت تسيطر اليوم على أكثر من 70 في المائة من مساحة البلاد.
وأسفر النزاع منذ اندلاعه في عام 2011، عن أكثر من 387 ألف قتيل، وأدى إلى استنزاف البنى التحتية والاقتصاد، عدا عن تشريد أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد، وتهجير 5.5 ملايين خارجها، وفق الأمم المتحدة.



«هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

حديث إسرائيلي رسمي عن إنشاء «مناطق عازلة» في قطاع غزة، أثار تساؤلات بشأن مدى تأثيراتها على اتفاق الهدنة المحتمل، الذي يطالب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بحدوثه قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، خصوصاً أنها تأتي بعد عودة وفد التفاوض الإسرائيلي من الدوحة عقب مشاورات بشأن وقف إطلاق النار.

التصريحات الإسرائيلية عدّها خبراء، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مناورات وضغوطاً ستُعمق «مخاوف إخفاق التوصل لاتفاق قريب»، خصوصاً أنها تأتي مع اقتحام وزير إسرائيلي المسجد الأقصى، وأجواء «غير مشجعة» على حسم صفقة قبل نهاية العام.

وتوقعوا أن يذهب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى الاتفاق «متأخراً» قبل تنصيب ترمب، مع إشغال الرأي العام الداخلي عن الأزمة بتصعيد مع الحوثيين، في ظل تزايد الانتقادات الداخلية مع طلب الرئيس إسحاق هرتسوغ بالذهاب لـ«صفقة»، وصدور فتوى من الحاخام الأكبر دافيد يوسيف، تُشجع على إبرامها بأي ثمن.

وخلال وجوده في «محور فيلادلفيا» بغزة، الأربعاء، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن «الأمن (بالقطاع) سيبقى في يد الجيش الإسرائيلي، وسنتأكد أيضاً من أنه ستكون هناك مناطق عازلة ومواقع سيطرة في غزة، وبهذا نحن سوف نعمل على إطلاق سراح جميع المختطفين».

وعقب سماع كلمات وزير الدفاع، عبّرت مصادر في فريق التفاوض الإسرائيلي، عن قلقها لأنها «ترى صفقة الاختطاف تتحرك بعيداً»، وفق ما كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الأربعاء.

وترى المصادر ذاتها أن «أيام اتخاذ القرار الحاسمة تتطلب المرونة وحسن النية، ومن ثم لا يجب أخذ نقطة حاسمة بإعلان عدم إنهاء الحرب، أو أن الجيش سيسيطر على غزة»، مؤكدة أن «هذه التصريحات تسببت في أضرار جسيمة».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية على مستشفى العودة بمخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وقال نتنياهو في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الأسبوع الماضي: «لن أوافق على إنهاء الحرب قبل أن نجتث (حماس)، لن تُترك لها السلطة في غزة على بُعد 30 ميلاً من تل أبيب. هذا لن يحدث».

وتزامنت تصريحات كاتس مع إصدار «حماس»، الأربعاء، بياناً، قالت فيه إن «الاحتلال وضع قضايا وشروطاً جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، ما أجَّل التوصل إلى الاتفاق الذي كان متاحاً»، في حين كذّب مكتب نتنياهو ذلك، واتهم الحركة بأنها «تنسحب من التفاهمات التي تم التوصل إليها، وتواصل خلق الصعوبات أمام المفاوضات».

وتصريحات «المناطق العازلة»، بعد أخرى من نتنياهو «تُعمّق مخاوف الإخفاق في التوصل لاتفاق لدى الرأي العام»، وفق الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، عادّاً إياها «دغدغة مشاعر للرأي العام الإسرائيلي، وضغوطاً ومساومة لـ(حماس) والوسطاء، خصوصاً أنها تصريحات يمكن التراجع عنها وليست قرارات».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن تلك التصريحات جزء من مناورات المفاوضات، ويجب ألا تُشكل ضغطاً ولا إحراجاً، عادّاً تلك الأحاديث أدوات في يد نتنياهو، يُخاطب بها الداخل لقبض أفضل ثمن المحادثات، مثلها مثل اقتحام المسجد الأقصى، الخميس، من جانب وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.

فلسطيني جريح في غارة إسرائيلية ينتظر بالمستشفى الأهلي في غزة خلال وقت سابق (رويترز)

ويضاف لتلك التصريحات ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الخميس، عن مسؤولين إسرائيليين بشأن «دراستهم تنفيذ هجوم كبير في عمق اليمن»، خاصة بعد إطلاق الحوثيين ليلة الثلاثاء-الأربعاء صاروخاً باليستياً للمرة الرابعة خلال أسبوع.

ويؤيد نتنياهو مسار توجيه ضربة، قائلاً، مساء الأربعاء، «الحوثيون سيتعلمون أيضاً ما تعلمته (حماس) و(حزب الله) ونظام (بشار) الأسد وآخرون، حتى لو استغرق الأمر وقتاً».

وذلك التلويح يُعد وفق أنور «جزءاً من مناورات نتنياهو لاستنزاف الوقت، ومحاولة إشغال الرأي العام، بعيداً عن جدل مفاوضات الهدنة في الداخل الإسرائيلي، في ظل انتقادات ومطالب رئاسية ودينية بإبرام الصفقة».

ووجّه رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، اتهامات جديدة إلى نتنياهو، قائلاً: «إنه لا يريد حقّاً صفقة الرهائن. لو كان مصمماً على التوصل إلى صفقة، لذهب إلى القاهرة أو قطر بنفسه. كان سيحشد المجتمع الدولي بأكمله، ويتوصل إلى اتفاق بالفعل».

وحثّ الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ خلال إضاءة شمعة عيد الأنوار اليهودي، الأربعاء، على إبرام اتفاق، قائلاً: «أتوق وأعمل وأصرخ بكل طريقة ممكنة من أجل العودة الفورية للرهائن»، مضيفاً: «أدعو قيادتنا إلى العمل بكل قوتها، باستخدام كل أداة تحت تصرفنا، لتأمين صفقة، هذه مسؤوليتكم، وأنتم تتمتعون بدعمي الكامل لتحقيق ذلك».

فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في خان يونس (إ.ب.أ)

وأصدر الحاخام الأكبر لليهود السفارديم في إسرائيل، دافيد يوسيف، فتوى في مقابلة مع موقع ديني يهودي، أشار فيها إلى أنه «مسموح ويجب إطلاق سراح الإرهابيين، حتى القتلة الذين تلطخت أيديهم بالدماء، في مقابل الرهائن».

وبرأي أنور، فإن تلك الانتقادات والتصريحات تُعزز مسار الاتفاق، وتمهد الفتوى أيضاً بشكل ديني شرعي الطريق لإبرام الصفقة، وهذا ما يريده نتنياهو، ألا يكون وحده مَن سعى لذلك حتى لا يلام، وذلك حرصاً على مصالحه السياسية فقط لا غير.

ويتفق مطاوع أيضاً على أن التصريحات الرسمية والفتوى نوع من التمهيد لنتنياهو، ليقدم على الصفقة بتنازلات في الوقت المناسب دون أن تُشكل عليه أي لوم سياسي مستقبلي حال الذهاب لاتفاق.

ولم تكشف وسائل إعلام إسرائيلية أي سيناريوهات محتملة لنتائج اجتماع الكابنيت، الخميس، بشأن الاتفاق، ولم يحسم مستشار رئيس الوزراء القطري، ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، موعداً للصفقة، قائلاً: «لا يمكن لأحد التنبؤ بوقت زمني محدد للوصول إلى اتفاق هناك»، مؤكداً أن «المفاوضات ما زالت جارية بين القاهرة والدوحة».

ويرجح مطاوع أن «يذهب نتنياهو متأخراً للصفقة للحصول على أفضل المكاسب دون أن يتجاوز مهلة ترمب»، مؤكداً أنه «غير مضطر للذهاب المبكر، في ظل إحساسه بالانتصار وعدم اكتراثه بالرهائن».

كما يعتقد أنور أن تحذير ترمب لا يزال عامل ضغط قوياً على طرفي الحرب، متوقعاً ألا يتجاوز نتنياهو موعد المهلة، خصوصاً مع دخول المفاوضات مرحلة التفاصيل النهائية، وظهور عوامل مشجعة لقبول الاتفاق مثل الفتوى الدينية.