بطء النمو وتراجع السوق الصينية يحفزان الابتكار واستعمال الأحجار

معرض الساعات الفخمة بجنيف.. كثير من الإبداع وقليل من الحذر

 جانب من المعرض يمثل جناح «لانغه أند صونه» (Lange & Sohne)
جانب من المعرض يمثل جناح «لانغه أند صونه» (Lange & Sohne)
TT

بطء النمو وتراجع السوق الصينية يحفزان الابتكار واستعمال الأحجار

 جانب من المعرض يمثل جناح «لانغه أند صونه» (Lange & Sohne)
جانب من المعرض يمثل جناح «لانغه أند صونه» (Lange & Sohne)

في الدورة الـ24 من معرض الساعات الفاخرة الذي تحضنه جنيف كل سنة، كانت هناك مشاعر متضاربة. فالتفاؤل المعقود على نمو المنتجات الفخمة عموما والساعات خصوصا، كان مشوبا ببعض الحذر. فشهر العسل الذي عاشه القطاع لثلاث سنوات تقريبا بدأ يخف ويكتسب إيقاعا جديدا يتطلب بدوره استراتيجيات جديدة، بعد أن أصبح كل صناع المنتجات المترفة، يعرفون أن سوقهم الصينية لم يعد ينمو بالوتيرة نفسها التي تعودوا عليها من قبل لعدة أسباب، منها انحسار ظاهرة تقديم الهدايا وإنفاق المال العام لمكافحة الفساد والتبذير، وعدم استقرار الأسواق العالمية.
لكن ليست كل المشاعر كانت سلبية أو متشائمة، بل العكس، كل من تتحدث معه يعرب عن آمال كبيرة أن 2014 سيكون عاما إيجابيا وبقوة الحصان، في إشارة إلى أن العام الجديد حسب الأبراج الصينية هو عام الحصان. وحسب ما عرضوه من إبداعات فإن قراءتهم للسوق واستباقهم لأحداثه كانت ذكية وفي محلها، لا سيما إسهابهم في استعمال الأحجار الكريمة والمواد المترفة لمخاطبة المرأة والرجل على حد سواء. وبينما تميز كثير من هذه الإصدارات بحجم متوسط يتمكن الجنسان من استعمالها، فإن بعضها أيضا خضع لعملية دمقرطة تجعلها في متناول شرائح جديدة من الزبائن المتعطشين لوظائف معقدة وتقنيات عالية، وفي الوقت ذاته بأسعار مقدور عليها. هذه التوجهات فضلا عن مخاطبة المرأة بقوة، من شأنها أن تجعل المعرض في الـ24 أفضل من دورته السابقة في عام 2013، التي لم ترقَ إلى المستوى نفسه من ناحية التطوير وتقديم الجديد.
ففي الأسبوع الماضي، وعلى مدى ثلاثة أيام، تراوحت المعروضات بين تحف هندسية تضجّ بالتعقيدات ونماذج ثمينة بإصدارات محدودة، وبين ساعات عملية بأسعار مقدور عليها لأول مرة بالنسبة للبعض، مرورا بالقطع الفنية المرصعة بالمجوهرات في فئة الساعات النسائية والرجالية.
عندما تلج جناح أي من الـ16 شركة مشاركة، تشعر بروح مختلفة وشخصية خاصة لكل واحدة منها، لكن هناك دائما قاسما مشتركا بينها، يتمثل في منافسة شريفة وشرسة في الوقت ذاته على تحقيق السبق، مما يصب في صالح الزبون. من استعمال الأحجار الكريمة، أو التوربيونات الطائرة، أو العلب الرفيعة، أو الغوص في أعماق البحار، وما يرافق ذلك من تقنيات فنية وحرفية عالية، كان التحدي كبيرا في المعرض. فسمعة كل شركة ترتبط بمدى نجاحها في مخاطبة زبائن مهمين، أغلبهم من هواة اقتناء الساعات المتخصصة، والوكلاء والموزعين، إلى جانب وسائل الإعلام. هذا السباق على تقديم الجديد والمبتكر، شهد كلا من «كارتييه»، «بياجيه» و«فان كليف أند أربلز» يتنافسون على تقديم ساعات معقدة ومرصعة في الوقت ذاته بالأحجار الثمينة، كما شهد شركات أخرى مثل «فاشرون كونستانتان» تستعرض فنيتها وحرفيتها من خلال ساعات أقرب إلى اللوحات الفنية منها إلى مجرد ساعات تقرأ الوقت. أما «آي دبليو سي» التي تغازل البحار منذ سنوات، فقد أكدت قدراتها على الغوص في الأعماق من خلال تطوير مجموعة موجهة للبحر والغطاسين، فضلا عن باقي الشركات التي تنافست فيما بينها لتسجل سبقا في مجالها، بدءا من «لانغه أند صونه» إلى «جيجير لوكولتر» و«مونبلان» و«رالف لوران» وغيرهم. كان واضحا أن تراجع النمو الصيني لم يؤثر على الإبداع هنا ولا حتى حركة البيع والشراء، التي تشهدها هذه الشركات، بدليل أن بعضها بيع بالكامل خلال المعرض.
هناك أيضا عنصر مهم لم يتجاهلوه، وهو إعادة استقطاب شريحة من الزبائن القدامى فاتها القطار منذ نحو عشر سنوات تقريبا، بسبب الارتفاع الصاروخي للأسعار، وأصبح لزاما الآن الالتفات إليهم من خلال إصدارات في متناول اليد. لكن يبقى التحدي الأكبر دائما هو تطوير التقنيات لتحقيق سبق أو لتكسير رقم قياسي.
وإذا كانت كل الشركات تركز على التصميم الأنيق والخامات الثمينة أو الترصيعات، فإنها كانت تدرك بأن هذه العناصر وحدها لا تشفع لهم أو تضمن لهم النجاح، لهذا أرفقوها بتقنيات جد متطورة كان لها الفضل الكبير في تحريك عملية البيع ومواجهة تباطؤ السوق الصينية وسعر الذهب. فمعظم الإصدارات المطروحة، إن لم نقل كلها، تتمتع بتعقيدات مثيرة تخاطب الهواة والمستثمرين على حد سواء. بعبارة أخرى، كان هناك بعض الحذر والكثير من الإبداع، حيث اعترف بعض المشاركين في المعرض ممن حاورتهم «الشرق الأوسط»، أنهم كانوا يتوقعون بعض الفتور في مبيعات عام 2013، لأن الإصدارات لم تكن لافتة وجديدة إلى حد يغري باقتنائها، مما يفسر جانبا من الوعكة الخفيفة التي ألمت بهذا القطاع. في عام 2014، جرى تدارك الأمر من خلال التركيز على إصدارات مفعمة بالحيوية والتطور والفخامة.
«فاشرون كوستنتان» مثلا قدمت رق ساعة بتعقيد minute repeater على الإطلاق بسمك 3.90 مم، استغرق صنعها يدويا ثلاثة أشهر، و«جيجير لوكولتر» التي قدمت أول ساعة توربيون بسمك رفيع، 7.9مم. كذلك «بياجيه» التي قدمت أكثر الساعات رقة، كما صرح رئيسها فيليب ليوبولد ميتزجر، قائلا: «نحن الآن نقدم أرق ساعة في السوق العالمية، لكن هذا لا يعني أن غيرنا لن يتمكن من تحطيم هذا الرقم القياسي غدا».
بالفعل، فالمنافسة بين هذه الشركات على أشدها، حتى من خارج المعرض، مثل «باتيك فيليب» و«غراف» اللذين يعملان على تحطيم الرقم القياسي لـ«بياجيه». وحتى لا تضع هذه الأخيرة كل ثقلها على هذه الساعة، فإنها استبقت الأحداث وركزت على الساعات المرصعة، وكأنها كانت تعرف أن توجه المعرض سيكون نحو الأحجار الكريمة، إضافة إلى تفكيك الساعات المعقدة من بعض الحركات التي لا تحتاجها، حتى تكتسب شكلا خفيفا على العين وعلى المعصم من دون أن تتنازل عن الوظائف الأساسية، ومن هنا كان تركيزها على المجوهرات والساعات المرصعة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الترصيع لم يقتصر على الساعات النسائية بل شمل الساعات الرجالية أيضا، وإن كان للمرأة نصيب كبير من الاهتمام هذا العام، ليس فقط فيما يتعلق بالتصميم والترصيع فحسب، بل أيضا التعقيدات، وعلى رأسها ساعات التوربيون والساعات الميكانيكية وغيرها.
لكن المنافسة التي تواجهها «بياجيه» ليست من خارج المعرض، أي ليست من «غراف» أو حتى من «باتيك فيليب»، بل من داخله. فـ«كارتييه»، التي لا تزال تحتفل بنجاح معرضها في «لوغران باليه» بباريس، الذي تحتفل فيه بقرن من الأناقة والتاريخ، قررت أن يشع بريق هذا التاريخ في جناحها الضخم، الذي صمم على شكل معرض مصغر نفشت فيه الدار الفرنسية ريشها، أو بالأحرى قدراتها الفنية والتقنية من دون تواضع.
فقد تفوقت على نفسها على كل المستويات، وتؤكد في كل عام بأنها لا تقبل أن تبقى مجرد دار مجوهرات دخلت القصور والبلاطات، بل أيضا شركة ساعات متخصصة تستهوي الخبراء والهواة، ولا بأس من تطعيمها أحيانا بخبرتها في مجال الترصيع والرسم على الميناء وغيرها تتكلم لغة يفهمها كل من الرجل والمرأة. لهذه الأخيرة قدمت نماذج تستحضر الـ«آرت ديكو»، وتاريخها المجيد مع النجمات والأميرات، وللرجل نموذجا جديدا هو «كارتييه دايفر» المضاد للمياه حتى عمق 300 متر، يعد حلا وسطا بين متطلبات ساعات الغوص ومواصفات ساعات كارتييه التقليدية.
بيد أن المعرض لم يركز هذا العام فقط على الساعات الفخمة وعلى الزبائن المقتدرين فحسب، بل كانت هناك عملية دمقرطة واضحة تستهدف استقطاب زبون من الطبقات الوسطى يحلم باقتناء ساعة بتوقيع دار سويسرية عريقة، ولم يكن يجد لها سبيلا في السابق. لتحقيق هذا، طرحت بعض الشركات ساعات بأسعار معقولة استعملت فيها خامات أرخص، بالطبع، مثل الفولاذ المقاوم للصدأ، أو حتى الذهب الأبيض أو البلاتين من دون أحجار. من هؤلاء «مونبلان»، التي قررت أن تنتهج استراتيجية جديدة تتمحور حول طرح ساعات ميكانيكية بحركات معقدة لكن بأسعار تنافسية، نذكر منها مجموعة «مسترستك هيريتيج» التي تتضمن «perpetual calendar» بعلبة من الفولاذ المقاوم للصدأ بسعر 10 آلاف يورو وساعة كرونوغراف من الذهب بـ27 ألف يورو. وهذه أسعار زهيدة بالنظر إلى تقنياتها ووظائفها ومقارنة بأسعار ساعات أخرى يمكن أن تصل إلى المليون دولار. تفسير «مون بلان» لهذا التوجه يعود إلى رغبتها في استعادة زبائن قدامى وجدوا أنفسهم خارج اللعبة بعد ارتفاع الأسعار الصاروخي الذي شهدته السنوات العشر الأخيرة. وقد استغرق تصور هذه المجموعة وتنفيذها نحو ستة أشهر فقط، الأمر الذي يعد إنجازا قياسيا، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أي مجموعة تتضمن تعقيدات تستغرق في العادة نحو عامين.
في عام 2013 وعلى الرغم من تراجع مبيعات بعض المنتجات، فإن تلك المصنوعة من الذهب انتعشت وشهدت مبيعاتها ارتفاعا بنسبة 20 في المائة، حتى في الأسواق الغربية التي كان زبائنها في الأمس القريب يميلون إلى التصاميم غير اللافتة والبراقة لإيمانهم بالذوق الخاص والهادئ. فهم الآن مثل زبائن الأسواق الآسيوية، يعتمدون عليه للزينة وكخزينة، أي للاستثمار. ويطمئن صناع الساعات والمجوهرات الفاخرة هؤلاء بأن تراجع أسعار الذهب لا يعني تراجع أسعار هذه المنتجات، بل العكس. في مجال الساعات، سينصب التركيز على التعقيدات والوظائف المتطورة، حتى تحافظ على مكانتها في السوق. وهذا أمر مهم للحفاظ على اسم الدار المنتجة أيضا، لأن أي تراجع سيؤثر على ثقة الزبون الذي يتوخى أن تكون استثمارا مضمونا وليس قطعة موضة، يمكن أن تشكل خسارة كلما تزعزع السوق. من هذه الناحية، فإن التقنيات التي تدخل في أي ساعة سويسرية، بأهمية خاماتها والمواد التي تصنع منها أو أكثر. وللمزيد من إثبات هذه الحقيقة، فإن كثيرا من هذه الشركات انتهجت سياسة استعمال الأحجار الكريمة بسخاء، خصوصا الماس، للحفاظ على السعر أو رفعه. فهذه الأحجار لا تفقد قيمتها بدليل أن «سوذبيز» باعت ماسة وردية في شهر نوفمبر من عام 2013 بـ83 مليون دولار أميركي، وهو مبلغ قياسي.
لهذا فإن التركيز في هذا العام، كما أكدت معظم الشركات العارضة في جنيف، كان على الماس الملون، مثل الوردي والأزرق والأصفر، إضافة إلى الزمرد والزفير والياقوت.
ومن الواضح أن هذه الاستراتيجية مدروسة، إذ أخذنا بعين الاعتبار أن سوق المجوهرات لم تتأثر في السنوات الأخيرة، بل على العكس تشهد ارتفاعا مطردا جعل مجموعات مثل «إل في آم آش» و«ريتشموند» يخصصون الكثير من الموارد لتوسيع وتطوير ماركات المجوهرات التي تنضوي تحت رايتهم. الرئيس التنفيذي لـ«بياجيه» فيليب ليوبولد ميتزجر، أكد هذه الاستراتيجية وأن سوق المجوهرات تنمو بوتيرة أسرع من الساعات. «بياجيه» مثلا تطرح ساعات مرصعة بأسعار خيالية قد تصل إلى أكثر من مليون دولار أميركي، وفي هذه السنة قررت أن تعرض مجوهراتها في حفل خاص بعيدا عن المعرض، الذي خصص للساعات فقط، مما جعل البعض يخمن بأنها ستولي هذا الجانب أهمية أكبر من الساعات.

* لا تزال «كارتييه» تعيش وهج معرضها في «لوغران باليه» بباريس الذي تحتفل فيه بقرن من الأناقة والتاريخ.. لهذا قررت أن تحضر بعضا من بريق هذا التاريخ إلى جناحها الضخم.. من بين الإصدارات الكثيرة التي أتحفتنا بها هذه الساعة التي يجلس فوق علبتها تمساح مرصع بالماس يمكن أن يستعمل وحده كبروش وساعة أخرى بالتقنية نفسها تقريبا تمثل طائر اللقلق أو نمرا وغيرها من الإبداعات التي أظهرت مهارة الدار في التصميم الأنيق والتقنيات العالية التي باتت تستهوي الخبراء والهواة.. للرجل قدمت الدار أيضا نموذجا جديدا هو «كارتييه دايفر» المضاد للمياه حتى عمق 300 متر

* 2014 هي سنة القطاف لدار «بياجيه» إذ تحتفل الدار بعيدها السنوي الـ140 وتؤكد على هذه المناسبة بطرح ساعتها البالغة الرقة: Altiplano 38 mm 900P.. ومع أنها تتجه بوضوح نحو التطور والابتكار فإنها تعبر أيضا عن إيماءة للتاريخ كونها قد حصلت على جزء من اسمها (900P) من عيار 9P.. وكانت أول حركة رقيقة جدا تدور يدويا صنعتها «بياجيه» عام 1957.. السر الحقيقي في هذه الرقة الفائقة يكمن في دمج الحركة والعلبة معا لاحتضان الأجزاء الميكانيكية.. وترمي هذه الهندسة العالية التطور إلى بناء حركة تتحرك في الاتجاه المعاكس لكي تتناسب على أفضل وجه مع الجسور الموجودة على جهة الميناء - وهو أسلوب يتميز بتأثير جمالي أيضا من خلال إبقائها ظاهرة للعيان.. وتوفيرا لبضعة ملليمترات ثمينة أخرى وضعت الآلية الكاملة ونظام التدوير اليدوي ضمن سماكة ميزان العجلة نفسه فأدى ذلك إلى عرض مجانب للساعات والدقائق

* تتمتع ساعة «Tonda Métrographe» من «بارميجياني» بجانبين مزدوجين اعتمادا على الطريقة التي ينظر بها إليها.. شكلها من الجانب الأيسر هو وجهها التقليدي: موضعي التثبيت على شكل قطرة مخروطية بينما إطلالتها من الجانب الأيمن في المعصم هي الوجه الأجمل.. أجمل ما في هذه الساعة أنها تضم كرونوغرافا يمكن إيقافه بالضغط على المكبس السفلي ليتوقف الزمن ثلاث ساعات 27 دقيقة و35 ثانية.. ويلاحظ أن عدادَي الدقائق والساعات المتميزين بدائرة ملونة يشكلان الرقم ثمانية بشكل منحنٍ على مينا الساعة..
قم بضغطة صغيرة على الزر يجرِ الحصول على بداية جديدة من الصفر

* بعد ست سنوات على إطلاق ساعة «لايدي أربلز جور نوي» ady Arples Jour Nuit، أطلقت دار «فان كليف أند أربلز» ساعة «ميدنايت بلانيتاريوم بويتيك كومبليكايشن التي تحتفل هي الأخرى بالأفلاك السماوية.. تنتمي الساعة إلى مجموعة «بويتيك كومبليكايشن» وتمثل تجسيدا مصغرا لحركة ستة كواكب تدور حول الشمس.. الأرض عطارد الزهرة المريخ المشتري زحل.. وكلها مرئية انطلاقا من الأرض بالعين المجردة وتتحرك بفضل حركة ميكانيكية.. تترافق كل الوظائف بدعوة شاعرية للاحتفال بيوم السعد لكل شخص من خلال وضع مثلث أحمر في مقابل روزنامة متدرجة.. في هذا التاريخ تتحرك الأرض إلى موقع مباشر تحت النجمة المحفورة على قطعة كريستال من الصفير

* ساعة «أكواتايمر» الجديدة من «آي دبليو سي شافهاوزن» تتميز بمواصفات تقنية عالية مع حركات من صنع الدار.. ولأول مرة تظهر وظيفة متطورة في شكل التقويم الدائم مع عرض لبيانات التاريخ بحجم كبير في هذا الخط من الساعات.. وتنتمي هذه الساعة إلى فئة الساعات الرياضية المحترفة بديناميكيتها وتصميمها وخاماتها.. وقد جرى إطلاق هذه المجموعة على خلفية جزيرة غالاباغوس المعروفة بتنوعها الطبيعي الرائع ما يجعلها الرفيق المثالي للرحلات الاستكشافية الصعبة سواء كانت على سطع الماء أو في أعماق المحيطات حيث تتحمل الضغوط العالية بشكل استثنائي.. علبتها مصنوعة من التيتانيوم والذهب الوردي وتصميمها غير معقد يجعلها تخاطب كل الأذواق

* في ساعة «ميتييه دار ميكانيك أجوريه» métiers d Art mecaniques تنسج «فاشرون كونستانتين» روابط دقيقة بين عالمين: الهندسة المعمارية وصناعة الساعات.. مترجمة تقنية النقش لتشبه تقنية النحت بكشفها عن تأثيرات ضوئية منقولة عبر هندسة ثلاثية الأبعاد تعززها حرفة طلاء المينا.. بتصميمها الخفيف بدقة تجسد هذه الساعة أيضا فن التخريم وصور محطات القطار الأوروبية الضخمة خلال العصر الذهبي للثورة الصناعية.. التي شهدت أيضا ثورة في صناعة ساعات الجيب التي بدأت عمليات التقليص من حجمها لإكسابها رقة أكبر.. هذه المحاولات أدت إلى ظهور أولى الساعات المخرمة في القرن الـ19 التي جرى تجويفها قدر الإمكان لتخفيض وزنها وجعل الضوء يخترقها



الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.