الذكاء الصناعي لتحديد الجينات المسببة للسرطان

علماء «كاوست» يضعون نهجاً تنبئياً يساعد على تخصيص علاجات للمرضى

يكشف نظام ذكاء صناعي طوره علماء «كاوست» عن جينات تحفز نمو الورم
يكشف نظام ذكاء صناعي طوره علماء «كاوست» عن جينات تحفز نمو الورم
TT

الذكاء الصناعي لتحديد الجينات المسببة للسرطان

يكشف نظام ذكاء صناعي طوره علماء «كاوست» عن جينات تحفز نمو الورم
يكشف نظام ذكاء صناعي طوره علماء «كاوست» عن جينات تحفز نمو الورم

يمكن الاستفادة من خوارزميات تعلم الآلة لتحسين إحدى طرق العثور على الجينات التي تحفز نمو الأورام؛ وذلك لغربلة الكميات الهائلة من البيانات الجزيئية التي جُمعت من دراسات سلالات الخلايا السرطانية ونماذج الفئران والمرضى من البشر.
وأظهر فريق يقوده الدكتور روبرت هوهندورف -من مركز العلوم البيولوجية الحاسوبية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)- أنه يمكن تحديد الجينات المعروفة بأنها تؤدي دوراً رئيسياً في الإصابة بمرض السرطان، وانتقاء العشرات من الجينات الجديدة التي يُفترض أن لها دوراً في الإصابة بعشرين نوعاً مختلفاً من الأورام السرطانية، وذلك بواسطة نظام الذكاء الصناعي الذي يمكن تغذيته ببيانات تربط بعض طفرات الحمض النووي بالأداء الوظيفي المتغير.
هذا النهج التنبئي -المتوافر المتاح مجاناً عبر الإنترنت- قد يساعد الأطباء السريريين في تصميم عقاقير مُخَصصة للأنواع الفرعية الجزيئية للمرضى. ويُمكِن كذلك أن تستخدمه شركات الأدوية في البحث عن أهداف علاجية جديدة.
تقول سارة الثبيتي، المؤلفة الرئيسية للدراسة طالبة الدكتوراه في مُختَبَر هوهندورف: «يُمكن استخدام طريقتنا إطاراً للتنبؤ بالجينات المُسببة للسرطان، وإثبات دورها في أي قاعدة بيانات أو عينة سكانية حقيقية».
وقد جرى العُرْف على الطريقة التقليدية التي ينتهجها العلماء للبحث عن الجينات التي لها دور سببي في الإصابة بالسرطان، عن طريق البدء ببيانات تسلسل الحمض النووي. ومن خلال الفهرسة واسعة النطاق لطفرات الورم المشتركة بين المرضى المصابين بنوع شائع من السرطان، وَثَّق المجتمع البحثي مئات الجينات التي تتسبب في ظهور الورم، ثم تجري الاستعانة بالمتابعة التجريبية لربط هذه الجينات وظيفياً بسمات السرطان.
وعن الإضافة التي قدمها الفريق في هذا الإطار، توضح الثبيتي قائلة: «إن طريقتنا تقلب النهج المتعارف عليه في البحث عن الجينات رأساً على عقب، إذ تعتمد بالأساس على المعرفة، فتستعين ببيانات تسلسل الورم وسيلة للتحقق. وهذا على عكس معظم المناهج التي تقوم على البيانات، بالتضافر مع تفسير النتائج، فيما يتصل بالمعرفة الراهنة».
وكان معدل اكتشاف الجينات الجديدة المُسببة للسرطان آخذ في الانخفاض سريعاً على مدار السنوات الأخيرة، الأمر الذي دفع الفريق للبحث عن استراتيجية حاسوبية جديدة. فبدلاً من الاعتماد على بيانات التسلسل، تولى كل من الثبيتي وهوهندورف بناء نموذج لتعلم الآلة يضع في الحسبان كثيراً من السمات البيولوجية للجينات والمسارات المشاركة في تكوين الورم.
جدير بالذكر أنه يستخدم تعلم الآلة أمثلة عن المدخلات والمخرجات المتوقعة، وذلك من أجل التحسين المستمر، واتخاذ قرارات دون أن تكون الآلة مبرمجة للقيام بذلك عبر سلسلة تعليمات في خطوات. وقد صمم الباحثون الخوارزمية التي تجري تغذية نظام الذكاء الصناعي بها للتعرف على الأنماط الوظيفية والظاهرية التي تهيئ أحد الجينات لأداء دور في دفع تطور الورم. والخوارزمية هي مجموعة من العمليات الحاسوبية التي تأخذ عدداً من المدخلات، وتنتج قيمة أو مجموعة من القيم التي تحول المدخلات إلى مخرجات. وقد تحقق الباحثون من فاعلية النموذج بالاستعانة بقاعدة بيانات متاحة للجمهور تضم نحو 27 ألف نوع مختلف من الأورام، فضلاً عن البيانات الوظيفية وبيانات التسلسل، ما يوضح أن الخوارزمية تصنف بدقة الجينات المعروفة المُسببة للسرطان، وتكتشف أكثر من 100 جين آخر محتمل، كثير منها له أدوار محددة في أنواع معينة من الأورام.
ثم أجرى الباحثون اختباراً آخر لأداء الخوارزمية على البيانات الجزيئية التي جُمعت من مجموعتين من مرضى السرطان: المجموعة الأولى كانت من مستشفى جامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية، وتألفت من 26 عينة ورم جرى سحبها من أفراد يُعانون من نوع نادر من سرطان الرأس والعنق، يُسمى سرطان البلعوم الأنفي.
أما المجموعة الأخرى، فقد تألفت من 114 عينة من سرطان القولون والمستقيم، جرى سحبها من مرضى عولجوا في مستشفى جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة. وفي كلتا مجموعتي المرضى، انتقى النموذج الجينات المُسببة المُرشحة التي كانت في كثير من الأحيان متطفرة، وتشترك في سمات مرضية مع جيناتٍ أخرى مسببة للسرطان.
ويؤكد هوهندورف أهمية جهد الفريق المعني، قائلاً: «هذا العمل مثال جيد على التعاون العلمي داخل المملكة العربية السعودية، لكنه يبين أيضاً الحاجة إلى التعاون متعدد التخصصات بين علماء الكومبيوتر والباحثين السريريين وعلماء الأحياء».



لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»