يمنيون غاضبون: دفع الرواتب أهم من قاسم سليماني

«السفير» الإيراني لدى حضوره احتفالاً حوثياً (أ.ف.ب)
«السفير» الإيراني لدى حضوره احتفالاً حوثياً (أ.ف.ب)
TT

يمنيون غاضبون: دفع الرواتب أهم من قاسم سليماني

«السفير» الإيراني لدى حضوره احتفالاً حوثياً (أ.ف.ب)
«السفير» الإيراني لدى حضوره احتفالاً حوثياً (أ.ف.ب)

وسط غياب لرواتب القطاع العام في مناطق سيطرتهم، أثارت حفاوة الميليشيات الحوثية في صنعاء بالذكرى الأولى لمقتل القيادي في «الحرس الثوري» الإيراني قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني سخطاً واسعاً وغضباً في الشارع اليمني على المستوى الرسمي والشعبي، إذ عده سياسيون تكريساً من قبل الجماعة لهيمنة إيران على اليمن، وتعزيزاً لتبعية الميليشيات لنظام طهران الإرهابي، فيما طالب آخرون الجماعة بدفع الرواتب، بدلاً من إغداق الأموال على مناسبات لا تنتمي لليمنيين.
وكانت الجماعة الموالية لإيران قد أغرقت (السبت) شوارع صنعاء بصور قاسم سليماني الذي قامت واشنطن بتصفيته العام الماضي، مع القائد في «الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس، في عملية في مطار بغداد. كما حشدت الجماعة، في سياق إحياء المناسبة، المئات من قادتها وعناصرها إلى ساحة أكبر مساجد صنعاء، بحضور «السفير» الإيراني الذي يسميه يمنيون «الحاكم العسكري الإيراني في صنعاء»، حسن إيرلو.
وقال ناشطون يمنيون إن رواتب الشعب اليمني أكثر أهمية من قاسم سليماني وحسن إيرلو.
وفي مسعى من إيرلو لتأكيد تبعية الجماعة الحوثية لنظام بلاده، امتدح إرهابها الموجه ضد اليمنيين وجيرانهم، زاعماً في كلمة نقلتها وسائل إعلام الجماعة أن الحوثيين هم «القلب النابض في جبهة المقاومة، واليد العليا في محور المقاومة، وهم الأمل للعالم».
وحرض إيرلو الجماعة الانقلابية على ارتكاب مزيد من الأعمال الإرهابية، زاعماً أن أبعاد ذلك ستكون «أكثر تأثيراً على مستوى الجغرافيا السياسية في المنطقة»، لتصبح الجماعة «قوة إقليمية كبرى»، بحسب زعمه.
ولم يفوت زعيم الجماعة الانقلابية عبد الملك الحوثي -من جهته- المناسبة دون أن يخوض فيها، إذ بعث تعزية إلى أسرة سليماني، حملت في مضامينها أفكاره الطائفية، واستدعاء الصراعات التاريخية بين الفرق الإسلامية.
وفي غضون ذلك، هاجم وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، هذه الحفاوة من قبل الميليشيات بذكرى مقتل سليماني، وقال في تصريحات رسمية: «إن إقامة ميليشيا الحوثي الإرهابية فعالية لإحياء ذكرى الهالك قاسم سليماني، قائد ما يسمى (فيلق القدس) الإرهابي، بحضور الحاكم العسكري لصنعاء المدعو حسن إيرلو، تأكيد جديد على التبعية والانقياد الحوثي الكامل لنظام الملالي في إيران، ولمساعي طهران تحويل الأراضي اليمنية إلى مقاطعة فارسية».
وأوضح الوزير اليمني أن «ميليشيا الحوثي الإرهابية تنفق مئات الملايين للاحتفاء برموز الإرهاب الإيراني ممن تلطخت أياديهم بالدماء في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ولرفع صور الهالك قاسم سليماني في شوارع العاصمة صنعاء، فيما الملايين من المواطنين في مناطق سيطرتها يتضورون جوعاً وفقراً في أكبر مأساة إنسانية»، بحسب تعبيره.
‏وقال الإرياني: «هذه الممارسات تؤكد أن المدعو إيرلو هو الحاكم الفعلي لمناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، لتنفيذ مخطط (فرسنة) اليمن، والعبث بالنسيج الاجتماعي، ومسخ الهوية اليمنية، وتحويل اليمن إلى منطلق لاستهداف دول الجوار، ونشر الفوضى والإرهاب في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة والمصالح الدولية».
وفي السياق نفسه، علق الكاتب السياسي الصحافي اليمني وضاح الجليل على الواقعة التي استفزت الشارع اليمني، وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أصبحنا ندرك تماماً أن الحوثيين هم الأداة الميليشياوية لإيران في اليمن؛ وحرصهم على إحياء ذكرى مقتل سليماني هو تأكيد على حضور إيران في المشهد اليمني، ومحاولة تأصيل آيديولوجية لنهج سليماني في ذاكرة أنصارهم، وحتى في ذاكرة اليمنيين جميعاً، وإجبارهم على التعاطي مع هذا الحضور الإيراني بصفته أمراً واقعاً لا يمكن تجاوزه أو رفضه».
وأضاف الجليل: «هذا الحرص من الجماعة على الاحتفاء بسليماني ليس فقط قراراً حوثياً، بل هو تقليد إيراني، ونهج يتبعه (الحرس الثوري) الذي يتعامل مع الدول التي تسيطر عليها الميليشيات التابعة له بصفته بلداناً محتلة، حيث يتم تزييف هويتها، وقسر ثقافتها لتصبح إيرانية الطابع، وإلغاء شخصية مجتمعاتها لصالح النفوذ الإيراني».
إلى ذلك، كان زعيم الجماعة الانقلابية قد ألقى (الأحد) واحدة من خطبه في ختام الأسبوع السنوي الذي تحتفل فيه ميليشياته بقتلاها، ودعا أتباعه إلى تقديم مزيد من القتلى لكي ينالوا الشهادة في سبيل الله، كما يزعم.
وامتدح الحوثي النظام الإيراني، داعياً إلى عده نموذجاً في المنطقة الإسلامية، في الوقت الذي هاجم فيه السعودية والبحرين والإمارات وأميركا وإسرائيل، كما حض أتباعه على إجبار اليمنيين في مناطق سيطرتهم على التبرع بالأموال وحشد المجندين، والابتعاد عن تأجيج الخلافات الداخلية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».