في ظل توتر متصاعد، حذر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترمب من الوقوع في «فخ» إسرائيلي مزعوم لإشعال حرب، بالتخطيط لشن هجمات على القوات الأميركية في العراق، في حين لوَّح قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي، بالرد على «أي خطوة» تستهدف إيران. وهدد الجنرال رحيم صفوي كبير المستشارين العسكريين لـ«المرشد» بإغراق حاملات الطائرات الأميركية.
وتفقد القائد سلامي، أمس، جاهزية قوات عسكرية في جزيرة أبو موسى الاستراتيجية التي تحتلها إيران في الخليج العربي، في وقت واصلت فيه قواته إقامة برامج الذكرى الأولى لمقتل قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» بغارة أميركية في العراق في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020.
وقال سلامي: «نحن هنا اليوم لنجري تقييماً، ونكون متأكدين من قدراتنا القوية في البحر، وضد الأعداء الذين يفاخرون أحياناً (...) ويهددون»، وأضاف: «سنرد بضربة متكافئة، حاسمة، وقوية، على أي خطوة قد يقدم عليها العدو ضدنا» بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتفقد سلامي برفقة قائد القوات البحرية للحرس، الأميرال علي رضا تنكسيري، وحدات من القوات البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» في جزيرة أبو موسى الواقعة غرب مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خمس إنتاج النفط في العالم. وتلي هذه الزيارة أخرى قام بها تنكسيري إلى جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى في 25 ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث شدد على أهمية «الجاهزية القتالية والتيقظ» للقوات العسكرية، وفق ما أفادت وكالة «إيسنا» الحكومية.
وجزيرة أبو موسى تقع في جنوب طنب الكبرى وطنب الصغرى، وهي أكبر الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة.
في وقت لاحق، وجَّه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أصابع الاتهام إلى إسرائيل، بالسعي لإشعال حرب، بالتخطيط لشن هجمات على القوات الأميركية في العراق. وقال على «تويتر»: «تشير معلومات مخابراتية جديدة من العراق إلى أن عناصر إسرائيلية محرضة تخطط لشن هجمات على الأميركيين، لتضع (الرئيس دونالد) ترمب المنتهية ولايته في مأزق أمام سبب زائف للحرب (عمل يبرر الحرب)». وأضاف: «احذر الفخ يا دونالد ترمب. أي ألعاب نارية ستأتي بنتائج عكسية خطيرة».
وكان ظريف قد اتهم ترمب الأسبوع الماضي، بالسعي إلى اختلاق «ذريعة» لشن «حرب» على بلاده، وناشدت طهران الأمم المتحدة بأنها لا تسعى إلى التوتر، وذلك بعدما وجهت الولايات المتحدة رسالة «ردع إلى تهديدات إيران» بتحليق قاذفات استراتيجية من طراز «بي-52» فوق الخليج للمرة الثانية في الآونة الأخيرة.
وتوجه إسماعيل قاآني خليفة سليماني في «فيلق القدس» الأربعاء، إلى مقر البرلمان، وقدم تقريراً عن تأهب وجاهزية الميليشيات المتعددة الجنسيات التي يرعاها «فيلق القدس» في العراق وعدة مناطق إقليمية. وقال لنواب البرلمان إن «زوال القوات الأميركية بات وشيكاً، بسبب الإجراءات التي على أجندة قوات المقاومة».
وعلى دفعتين، تحدث قاآني، بثقة عالية عن قدرة قواته على القيام بعمليات «ثأرية» في الأراضي الأميركية، واستهداف مسؤولين كبار في الإدارة الحالية، ضمن 48 تصنفهم طهران بين المطلوبين لديها لـ«الثأر» و«معاقبة قضائية» في اغتيال سليماني.
ومع اقتراب ذكرى سليماني الذي قتل بضربة جوية محسوبة نالت موافقة الرئيس دونالد ترمب، قبل عام تحديداً، استعرضت الولايات المتحدة وإيران القوة العسكرية، على خلفية تبادل اتهامات وتحذيرات خلال الأيام الأخيرة. وتصاعد منسوب التوترات بين الجانبين، بعد تعرض السفارة الأميركية لهجوم بصواريخ «الكاتيوشا»، صاحب مقتل أعلى رتبة عسكرية في إيران، وتهديدات إيرانية بعمليات ثأرية رداً على مقتله، بضربة أمر بها الرئيس الأميركي. وزار وفد مسؤول عراقي وآخر أفغاني طهران، لبحث التطورات الأمنية في المنطقة.
وقال رحيم صفوي، مستشار «المرشد» الإيراني في الشؤون العسكرية، أمس، إن إيران «بإمكانها تحويل حاملة الطائرات الأميركية إلى غواصة في غضون ساعات». وأعرب عن اعتقاده بأن التحرك العسكري الأميركي في العراق، خلال الأيام القليلة الماضية «موقف دفاعي»؛ لكنه حذر: «بالطبع يجب ألا نحتقر الأعداء».
بدوره، هدد قائد الوحدة الصاروخية، في «الحرس الثوري»، أمير علي حاجي زاده، باستهداف دول عربية تستضيف قواعد أميركية على أراضيها. وحذر حاجي زاده، في مقابلة مع وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، أمس، من أن بلاده «لن تميز بين القواعد الأميركية ومستضيفها» في حال نشوب حرب مع إيران، وأضاف: «بطبيعة الحال أن هذه الدول العربية في المنطقة ستكون أكثر المتضررين».
ولمح حاجي زاده إلى إمكانية تخطي مدى ألفي كيلومتر في إنتاج الصواريخ الباليستية، قائلاً إنه «لا يوجد أحد أجبرنا على تقييد مدى صواريخنا بألفي كيلومتر». كما تفاخر القيادي الإيراني بتزويد حركة «حماس» في قطاع غزة و«حزب الله» اللبناني بتقنية صاروخية.
والخميس، أرجع حسين دهقان، مرشح الرئاسة في مطلع يونيو (حزيران)، ومستشار عسكري لخامنئي، التأهب أميركي وإرسال قاذفتي «بي-52» إلى «مخاوف من الانتقام من مقتل سليماني»، وتابع: «كل قواعدهم العسكرية في المنطقة في مدى صواريخنا».
- تحذيرات من سوء تقدير التوتر
صرح مسؤول أميركي، الجمعة، على دراية بآخر المستجدات الاستخبارية لشبكة «سي إن إن» بأن بعض القوات البحرية الإيرانية في الخليج العربي قد أقدمت على تعزيز مستويات التأهب لديها في غضون الـ48 ساعة الأخيرة. وقال: «الولايات المتحدة لا تعتقد بأن التحركات البحرية الإيرانية ذات طبيعة تدريبية تقليدية في مياه الخليج العربي»، مضيفاً أنه ليس من الواضح تماماً ما إذا كانت تلك التحركات دفاعية أم أنها تعد إشارة على هجوم وشيك ضد المصالح الأميركية في المنطقة.
وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن محللي الاستخبارات الأميركية خلال الأيام الأخيرة، قولهم إنهم قد رصدوا الدفاعات الجوية، والقوات البحرية الإيرانية، وعدداً من الوحدات العسكرية الأخرى في حالة تأهب قصوى. كما قالوا إن إيران قامت بنقل مزيد من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، وعدد من الطائرات الحربية المسيرة إلى العراق.
ولكن كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية يقرون بأنهم لا يستطيعون معرفة ما إذا كانت الحكومة الإيرانية والميليشيات الشيعية في العراق على استعداد مباشر لشن الهجمات ضد القوات الأميركية، أو أنهم يستعدون راهناً لاتخاذ إجراءات دفاعية، في حالة ما إذا أمر الرئيس ترمب بشن هجمة استباقية ضدهم، حسب «نيويورك تايمز».
وقال بريت ماكغورك، وهو مبعوث الرئيس ترمب الخاص الأسبق إلى التحالف لهزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي، للصحيفة، إن «ما لدينا هنا عبارة عن معضلة أمنية تقليدية؛ حيث يمكن لمناورات الجانبين أن تُفسر على نحو خاطئ، وتزيد من مخاطر سوء تقدير الأمور».
ويرى المسؤول الأسبق في مجلس الأمن القومي، ومحلل شبكة «سي إن إن»، الخبير سام فينوغراد، إن إيران باتت «تشكل تهديداً حقيقياً للأمن القومي في الولايات المتحدة الأميركية، لا سيما في تلك الفترة الراهنة التي تزداد فيها المخاطر، بسبب الذكرى السنوية المقبلة لحادثة اغتيال قاسم سليماني». وأضاف: «أعتقد أن إيران سوف تعمل على تقدير أي هجوم يتصل بذكرى اغتيال الجنرال سليماني؛ نظراً لأن الحكومة الإيرانية لا ترغب في مزيد من العزلة الدولية قبيل وصول الرئيس جوزيف بايدن إلى البيت الأبيض، والاستئناف المتوقع للمفاوضات النووية مع إيران التي من شأنها أن تسفر عن رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران».
- انقسام حول سحب «نيميتز»
وقبل أسبوعين، حذر الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب، من أنه «سيحمِّل إيران المسؤولية»، في حال حدوث هجوم يستهدف أميركيين في العراق، ووجَّه نصيحة ودية للإيرانيين بشأن الرد الذي يترتب على أي هجوم. عسكرياً، حذر قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال فرانك ماكينزي، من أن بلاده «مستعدة للرد» في حال شنت إيران هجوماً في ذكرى سليماني.
وتناقلت تقارير أميركية أوامر صدرت من وزير الدفاع الأميركي بالإنابة كريستو ميلر، بإعادة حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس نيميتز» وقطع بحرية مرتبطة بها من مياه الخليج. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الخطوة كانت بمثابة إشارة «خفض تصعيد» حيال طهران، بعد الخشية المتنامية من وقوع مواجهة بين الطرفين في الأيام المتبقية لترمب في البيت الأبيض.
وقال مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية إنهم أرسلوا عدداً من المقاتلات والطائرات الهجومية الأرضية الأخرى إلى المنطقة، بالإضافة إلى طائرات التزود بالوقود في الجو، إلى المملكة العربية السعودية، وبلدان الخليج العربي الأخرى، لتعويض فقدان القوة النيرانية الضاربة لحاملة الطائرات «نيميتز».
ومن غير الواضح ما إذا كان ترمب على علم بأمر استدعاء ميلر لحاملة الطائرات «نيميتز»؛ لكن «نيويورك تايمز» أشارت إلى إلغاء ميلر طلباً سابقاً من قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال ماكينزي بتمديد فترة انتشار «نيميتز» في المنطقة، وإبقاء قوتها الهائلة من الطائرات المقاتلة على أهبة الاستعداد هناك.
ونقلت الصحيفة عن مايكل مولروي، وهو كبير مسؤولي سياسات الشرق الأوسط السابق في وزارة الدفاع الأميركية: «إذا كانت حاملة الطائرات قد غادرت المنطقة، فذلك بسبب أن وزارة الدفاع تعتقد في جدوى تهدئة التهديدات والتوترات إلى درجة ما».
ومن جهته، قال ماثيو سبينس، المسؤول السياسي الأسبق لسياسات الشرق الأوسط في وزارة الدفاع: «يبعث هذا القرار في أفضل أحواله بإشارة مختلطة إلى إيران، ويقلل كثيراً من نطاق الخيارات الأميركية في الوقت الخاطئ على وجه التحديد. وهو قرار يدعو إلى التساؤل الجاد بشأن الاستراتيجية الحقيقية المعتمدة لدى الإدارة الحالية».
طهران تحذّر ترمب من «فخ إسرائيلي» لإشعال حرب
قائد «الحرس الثوري» يتفقد قواته في جزيرة أبو موسى... ومستشار خامنئي يهدد بإغراق حاملة طائرات
طهران تحذّر ترمب من «فخ إسرائيلي» لإشعال حرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة