الأسواق الناشئة... مكاسب من أنياب الأسد

«إم إس سي آي» يقفز لأعلى مستوياته

تمكنت الأسواق الناشئة من اقتناص مكاسب واسعة نسبياً في 2020 (رويترز)
تمكنت الأسواق الناشئة من اقتناص مكاسب واسعة نسبياً في 2020 (رويترز)
TT

الأسواق الناشئة... مكاسب من أنياب الأسد

تمكنت الأسواق الناشئة من اقتناص مكاسب واسعة نسبياً في 2020 (رويترز)
تمكنت الأسواق الناشئة من اقتناص مكاسب واسعة نسبياً في 2020 (رويترز)

خلال تعاملات يوم الخميس، المتمم لعام 2020، صعد مؤشر «إم إس سي آي» لأسهم الأسواق الناشئة، مضيفاً 3.84 نقطة جديدة في الساعة 14:55 بتوقيت غرينتش، ليبلغ أعلى مستوياته على الإطلاق؛ موسعاً مكاسبه في مجمل العام الماضي إلى 16 في المائة، مع إقبال المستثمرين على الأصول العالية المخاطر بفعل إجراءات تحفيزية قياسية، وتفاؤل بشأن لقاحات للوقاية من مرض «كوفيد- 19».
واستعاد مؤشر «إم إس سي آي» لعملات الأسواق الناشئة ذروته التي سجلها في أبريل (نيسان) 2018، مستفيداً من ضعف أوسع في العملة الأميركية، بعد أن وقَّع الرئيس دونالد ترمب مشروع قانون مساعدات فيروس «كورونا» يوم الأحد.
وفيما يخص عملات الأسواق الناشئة، وخلال التعاملات الأخيرة في 2020، استقر الروبل الروسي مع ارتفاع أسعار النفط، أكبر صادرات البلاد، على تفاؤل اللقاح يقابل المخاوف بشأن عقوبات جديدة محتملة وتصاعد فيروس «كورونا» المحلي الالتهابات. ولم تتغير معظم عملات وسط أوروبا إلا قليلاً.
ومن بين 9 عملات رئيسية بالأسواق الناشئة تم رصد تحركاتها خلال عام 2020، كان الجنيه المصري الوحيد الذي نجح في مواجهة الدولار، ليغرد منفرداً بمكاسب بلغت نسبتها 2.25 في المائة منذ بداية العام، في حين منيت عملات الأسواق الناشئة الأخرى بخسائر تراوحت بين 2 و30 في المائة أمام الدولار، بحسب تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية.
وبنهاية عام 2020؛ بلغ متوسط سعر صرف الدولار الأميركي بالسوق المصرية 15.66 جنيه للشراء و15.76 جنيه للبيع، مقابل 15.99 جنيه للشراء و16.09 جنيه للبيع في 2019، مرتفعاً بنحو 10 قروش عن أدنى مستوياته التي سجلها في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، وأقل بنحو 60 قرشاً عن أعلى مستوياته التي سجلها نهاية مايو (أيار) 2020 عندما بلغ 16.21 جنيه للشراء و16.31 للبيع.
وساهم في دعم الثقة بالجنيه المصري توقيع اتفاقين للتسهيلات الائتمانية مع صندوق النقد الدولي بقيمة بلغت نحو 8.5 مليار دولار، بجانب إجراءات عديدة أخرى اتخذها «المركزي» دعمت من وضع الاقتصاد، مع ظهور أزمة «كورونا». وقال صندوق النقد الدولي في وقت سابق: «حقق الاقتصاد المصري أداء أفضل من المتوقع رغم جائحة «كورونا»، وتابع بأن «مصر تحقق أكبر تراجع سنوي في معدل التضخم في الأسواق الناشئة عام 2020 مقارنة بعام 2019، بانخفاض بلغ نحو 8.2 نقطة مئوية؛ حيث سجلت تضخماً بمعدل 5.7 في المائة عام 2019- 2020، مقارنة بـ13.9 في المائة عام 2018- 2019».
وبحسب الإحصاءات، فقد سجلت جميع عملات الأسواق الناشئة الثماني خلال 2020 تراجعات ملحوظة، من بينها البيزو الأرجنتيني الذي خسر من قيمته أكثر من 28 في المائة أمام الدولار، وتفاقمت خسائر الليرة التركية لنحو 24.9 في المائة، كما هوى الريال البرازيلي بنسبة 23 في المائة.
وكانت الخسائر أقل حدة على صعيد الراند الجنوب أفريقي الذي فقد 3.85 في المائة من قيمته أمام الدولار خلال 2020، بينما خسرت الروبية الإندونيسية 2 في المائة، والروبية الهندية نحو 3.2 في المائة، ونظيرتها الباكستانية 3.26 في المائة.
وحسب وكالة «بلومبرغ»، تراجعت الليرة التركية بنسبة 25 في المائة خلال عام 2020، ما تسبب في قلق بالأوساط الاقتصادية، من أن يصبح عام 2021 هو التاسع على التوالي الذي تشهد فيه العملة تراجعاً جديداً.
وكانت العملة التركية قد تعرضت لمراحل متتابعة من الانهيار، بسبب السياسات المثيرة للجدل التي اتبعها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ومنها إقالة رئيس البنك المركزي التركي، ثم استقالة صهره من منصب وزير المالية.
ولدعم العملة التي تعاني من الغرق، على حد وصف «بلومبرغ»، اتبعت المؤسسات الاقتصادية التركية سياسات إنقاذ فاشلة أدت إلى بيع البنوك التركية 100 مليار دولار في عام 2020 دون طائل، وفقاً لـ«غولدمان ساكس».
ومن جهة أخرى، أظهر تقرير حديث لشركة «كامكو إنفيست» أن حكومات وشركات الأسواق الناشئة أصدرت معدلات قياسية من السندات في عام 2020، وصلت قيمتها إلى حوالي 510 مليارات دولار. وقال التقرير إن قيمة الإصدارات الحكومية بلغت نحو 250 مليار دولار، بينما كان 260 مليار دولار من نصيب السندات الصادرة عن الشركات.
وأشار البيان إلى أن هذه الإصدارات جاءت بالعملة الصعبة بصفة عامة، في حين بلغت الإصدارات بالعملات المحلية للحكومات حوالي 30 مليار دولار. وأوضح أن الطلب على سندات الأسواق الناشئة ظل مرتفعاً بفضل الارتفاع النسبي للعائدات، فضلاً عن تمكن عديد من الدول من إبقاء أوضاعها المالية تحت السيطرة على الرغم من الجائحة.
وأوضحت «كامكو» أن الضغط على أوضاع المالية العامة الناجم عن تراجع النشاط الاقتصادي وانخفاض العائدات النفطية، إلى زيادة إصدارات أدوات الدين في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الجاري، ويتسق ذلك التوجه مع إصدارات الدول الأخرى في كافة أنحاء العالم. واستهدفت إصدارات السندات توسيع نطاق كل من أنشطة الأعمال من خلال الإصدارات الجديدة، وكذلك تغطية متطلبات إعادة التمويل.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
TT

تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

ارتفع الدولار الأميركي يوم الثلاثاء بعد أن أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن خطط لفرض تعريفات جمركية على المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا والصين، مما أثار مخاوف من سياسات قد تؤدي إلى حرب تجارية.

وفي رد فعل سريع على تصريحات ترمب، قفز الدولار أكثر من 2 في المائة مقابل البيزو المكسيكي، وسجل أعلى مستوى له في أربع سنوات ونصف مقابل نظيره الكندي. كما ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له منذ 30 يوليو (تموز) مقابل اليوان الصيني. في حين هبطت عملات أخرى مقابل الدولار، لكنها قلصت خسائرها بحلول منتصف الجلسة في آسيا، وفق «رويترز».

وكان الدولار قد شهد تراجعاً طفيفاً في الأيام الأخيرة، بعد أن رحبت سوق سندات الخزانة الأميركية بترشيح ترمب لمدير صندوق التحوط سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة. ورغم أن المتداولين يعتبرون بيسنت من قدامى «وول ستريت» ومن مؤيدي السياسة المالية المحافظة، فإنه كان داعماً للدولار القوي وفرض التعريفات الجمركية. وقال المحللون إن رد فعل السوق تجاه هذا الاختيار من المحتمل أن يكون مؤقتاً.

وفي تعليق على تصريحات ترمب، قال كبير الاستراتيجيين في السوق، جيسون وونغ من بنك «بي إن زي»: «سوف تكون السوق متقلبة» بشأن تصريحات ترمب، وأضاف: «يمكنك التوصل إلى استنتاجات سريعة، ولكنني لا أستعجل ذلك الآن، لذا فإن السوق تحتاج فقط إلى الاستقرار».

وأكد ترمب أنه في اليوم الأول من توليه منصبه، سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا. وبخصوص الصين، قال الرئيس المنتخب إن بكين لا تتخذ إجراءات كافية لوقف تصدير المواد المستخدمة في تصنيع المخدرات غير المشروعة.

وأضاف: «حتى يتوقفوا عن ذلك، سنفرض على الصين تعريفة إضافية بنسبة 10 في المائة، بالإضافة إلى أي تعريفات أخرى على جميع منتجاتهم القادمة إلى الولايات المتحدة».

من جهتها، نفت الصين هذه الاتهامات، وقالت السفارة الصينية في واشنطن بعد تصريحات ترمب إن «كلاً من الولايات المتحدة والصين لن تستفيدا من حرب تجارية».

في هذه الأثناء، هبط الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر عند 0.64335 دولار في الساعات الأولى من التداول في آسيا، وكان آخر تداول له بانخفاض 0.21 في المائة عند 0.6478 دولار. ويُباع الدولار الأسترالي في كثير من الأحيان بوصفه بديلاً سائلاً لليوان الصيني؛ نظراً لأن الصين هي أكبر شريك تجاري لأستراليا.

أما الدولار النيوزيلندي فقد وصل إلى أدنى مستوى له في عام عند 0.5797 دولار، لكنه محا معظم خسائره ليعود للتداول بالقرب من 0.58415 دولار.

وأوضح استراتيجي الاستثمار لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة «ليغال آند جنرال لإدارة الاستثمارات»، بن بينيت، أن المستثمرين قد ركزوا حتى الآن على السياسات الاقتصادية الإيجابية التي أعلنها ترمب مثل خفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، لكن من المحتمل أن تكون سياساته الأكثر تحدياً مثل فرض التعريفات الجمركية أسهل في التنفيذ. وأضاف: «هذا الإعلان بمثابة تنبيه للمستثمرين».

وأشار إلى أن «التعريفات الجمركية ستكون مفيدة للدولار الأميركي وستضر بالعملات التي ستتعرض لهذه التعريفات مع تغير ميزان التجارة، ولكنني لست متأكداً من أن حكومة ترمب ستسمح بتسارع هذا الاتجاه».

وتوقع بعض المحللين أن تهديدات التعريفات الجمركية قد تكون مجرد تكتيك تفاوضي. وقالت كبيرة الاقتصاديين في منطقة الصين الكبرى في «آي إن جي»، لين سونغ: «الجانب المشرق من هذا هو أنه بدلاً من سيناريو التعريفات الجمركية المدفوع آيديولوجياً حيث لا يمكن فعل أي شيء لتجنب حرب تجارية شاملة، طالما كان هناك مجال للتفاوض، فهناك إمكانية لنتيجة أقل ضرراً».

وكان مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة الدولار الأميركي مقابل ست عملات رئيسية، عند 107.04. كما تراجع اليورو بنسبة 0.18 في المائة ليصل إلى 1.04785 دولار، في حين بلغ الجنيه الإسترليني 1.25525 دولار، منخفضاً بنسبة 0.14 في المائة على مدار اليوم.

وتلقى اليورو ضربة يوم الجمعة الماضي بعد أن أظهرت مسوحات التصنيع الأوروبية ضعفاً واسعاً، في حين فاجأت المسوحات الأميركية التوقعات بارتفاعها.

في المقابل، سجل الين الياباني زيادة بنسبة 0.4 في المائة ليصل إلى 153.55 ين مقابل الدولار.

أما بالنسبة للعملات الرقمية، تم تداول «البتكوين» عند 94.375 دولار، وهو أدنى بكثير من أعلى مستوى قياسي بلغ 99.830 دولار الذي سجله الأسبوع الماضي.

وشهدت «البتكوين» جني أرباح قبل الوصول إلى الحاجز الرمزي 100.000 دولار، بعد أن ارتفعت بأكثر من 40 في المائة منذ الانتخابات الأميركية وسط توقعات بأن يسمح ترمب بتخفيف البيئة التنظيمية للعملات المشفرة.