تنظيم «حراس الدين» يشن أول هجوم على القوات الروسية في الرقة

النظام يواصل قصفه على جنوب إدلب وشمال غربي حماة

منظر من الجو لمخيم للنازحين السوريين في معرة مصرين بمحافظة إدلب يوم 26 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
منظر من الجو لمخيم للنازحين السوريين في معرة مصرين بمحافظة إدلب يوم 26 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

تنظيم «حراس الدين» يشن أول هجوم على القوات الروسية في الرقة

منظر من الجو لمخيم للنازحين السوريين في معرة مصرين بمحافظة إدلب يوم 26 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
منظر من الجو لمخيم للنازحين السوريين في معرة مصرين بمحافظة إدلب يوم 26 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

سقط عدد من الجنود الروس جرحى بانفجار سيارة مفخخة قرب قاعدة لهم في تل السمن، بالريف الشمالي لمحافظة الرقة (شمال شرقي سوريا)، في هجوم تبناه تنظيم «حراس الدين» المنشق عن «هيئة تحرير الشام» والمرتبط بتنظيم «القاعدة» الإرهابي.
ويعد هذا الهجوم الأول من نوعه مباشرة لفصيل متشدد ضد القوات الروسية في الرقة، كما أنه الأول أيضاً الذي ينفذه «حراس الدين» خارج منطقة تمركزه في إدلب، شمال غربي سوريا.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن سيارة «بيك آب» انفجرت بعد لحظات من ترجل شخصين منها وتركها قرب أحد سواتر قاعدة للقوات الروسية في منطقة تل السمن، بريف الرقة الشمالي، ليل الخميس– الجمعة؛ مشيراً إلى إصابة عدد من الجنود الروس بشظايا نتيجة الانفجار.
ويقاتل تنظيم «حراس الدين» الذي تبنى الهجوم في بيان عبر موقعه على الإنترنت، في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة والجماعات المتشددة في شمال غربي سوريا؛ حيث توجد على نصف مساحة إدلب ومناطق محدودة محاذية من محافظات حماة، وحلب، واللاذقية. ولم يسبق له تنفيذ عمليات خارج هذه المنطقة.
وسبق أن رفض التنظيم اتفاق مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا الموقع بين تركيا وروسيا في سوتشي عام 2018.
وأكد مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، سقوط جرحى من الجنود الروس، دون تأكيد عددهم، موضحاً أن المنطقة تخضع لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة أميركياً، وتوجد فيها قوات النظام السوري وجنود روس.
وتقدم روسيا التي بدأت تدخلها العسكري في سوريا في نهاية عام 2015، الدعم الجوي لقوات النظام في عملياتها العسكرية، وآخرها في إدلب، وتستهدف الجماعات المسيطرة على المنطقة. كما تنشر قواتها في مناطق عدة في شمال وشرق سوريا في إطار اتفاقات تهدئة مع تركيا الداعمة لفصائل المعارضة المسلحة.
وكانت القوات الروسية قد استقدمت تعزيزات عسكرية إلى قاعدتها في منطقة تل السمن في الريف الشمالي لمحافظة الرقة، الشهر الماضي، شملت آليات محملة بالعتاد العسكري والجنود، في الوقت الذي تصاعدت فيه هجمات القوات التركية والفصائل الموالية لها على بلدة عين عيسى الاستراتيجية في شمال الرقة، وأنشأت قاعدة عسكرية جديدة لها هناك، إلى جانب عدد من النقاط المشتركة مع قوات النظام باتفاق مع تركيا، في مسعى لمنعها من شن عملية عسكرية موسعة على عين عيسى.
وتسعى تركيا للسيطرة على عين عيسى التي تتحكم في مفاصل المواصلات على طريق حلب – اللاذقية الدولي (إم 4) والتي تعد نقطة الصلة والربط بين مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» في شرق نهر الفرات وغربه.
وفي وقت لاحق، ذكر «المرصد السوري» أن القوات التركية قصفت عصر الجمعة مناطق في قرية معلق، الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، بريف عين عيسى شمال الرقة، ما أدى إلى مقتل أحد عناصرها، بعد مقتل اثنين آخرين الخميس بقصف تركي على قرية فاطسة بريف عين عيسى الشرقي. وأشار «المرصد» إلى أن الأتراك قصفوا قرى المشيرفة واستراحة صقر ومحيط مخيم عين عيسى شمال الرقة لنحو ساعة بشكل متواصل يوم الخميس، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.
على صعيد آخر، نفذت قوات النظام، بعد منتصف ليل الخميس– الجمعة، قصفاً صاروخياً على مناطق في الزيارة والسرمانية بسهل الغاب شمال غربي حماة، والفطيرة وسفوهن وكنصفرة بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي.
وأفاد معارضون سوريون بأن عنصراً من قوات النظام قُتل، أول من أمس، جراء سقوط قذائف صاروخية أطلقتها الفصائل على قرية البركة الخاضعة لسيطرتها في سهل الغاب شمال غربي حماة؛ لكن وكالة الأنباء السورية الرسمية ذكرت أن القتيل مدني سقط جراء قذائف أطلقتها «جبهة النصرة» على القرية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.