الجزائر: توجه نحو تبرئة المتهمين في قضية «التآمر على الدولة»

تبون يوقع المرسوم الخاص بتعديل الدستور

اللواء خالد نزار (الشرق الأوسط)
اللواء خالد نزار (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: توجه نحو تبرئة المتهمين في قضية «التآمر على الدولة»

اللواء خالد نزار (الشرق الأوسط)
اللواء خالد نزار (الشرق الأوسط)

تعود اليوم «قضية التآمر على الجيش والدولة»، الشهيرة في الجزائر، إلى محكمة الاستئناف العسكرية، بعد أن نقضت المحكمة العليا الأحكام الثقيلة التي صدرت بحق السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، ومديري الاستخبارات سابقاً: الفريق محمد الأمين مدين، واللواء عثمان طرطاق (15 سجناً لكل واحد منهم)، زيادة على زعيمة «حزب العمال» لويزة حنون، الوحيدة التي استنفدت العقوبة وغادرت السجن.
وأكد المحامي مقران آيت العربي لـ«الشرق الأوسط»، أن موكلته حنون استأنفت حكماً بتسعة أشهر بالسجن ضدها، رغم استعادة حريتها في فبراير (شباط) الماضي. ومن جهته، ذكر المحامي فاروق قسنطيني في اتصال هاتفي أنه ليس على علم بتاريخ إعادة المحاكمة التي ستجري اليوم، وهو يدافع عن مدين، الشهير بـ«الجنرال توفيق».
وبدا أن الجهات العسكرية والأمنية تكتمت على هذا الحدث الكبير، تفادياً على الأرجح لإثارة اهتمام وسائل الإعلام به. وبحسب ما توفر من معلومات، فقد جرى اختيار مجموعة صغيرة من الصحافيين لتغطية المحاكمة، علماً بأن الإعلام أقصي من تغطيتها في درجة التقاضي الأولى والثانية العام الماضي.
ويرجح غياب «توفيق» عن جلسة اليوم، لوجوده بمصحة عسكرية للعلاج، بعد أن أجرى عملية جراحية منذ أشهر. وأثار خبر مغادرته السجن العسكري بغرض التطبيب جدلاً كبيراً، إذ تم التعامل معه على أنه «إطلاق سراح». وفي نظر قطاع من المراقبين، لا يزال الجنرال الذي ترأس المخابرات لمدة 25 سنة يملك نفوذاً قوياً في السلطة.
وتعود الوقائع إلى مارس (آذار) 2019، عندما عقد السعيد بوتفليقة اجتماعات مع طرطاق ومدين، لبحث مخرج للرئيس بوتفليقة من الانتفاضة الشعبية التي ثارت ضده في 22 من فبراير، بعد أن أعلن ترشحه لولاية خامسة وهو مريض منذ 2013. وحضر الاجتماعات حنون، ودعي لها الرئيس الأسبق اليمين زروال الذي اقترح عليه السعيد قيادة البلاد لـ«مرحلة انتقالية»، تنتهي بتنظيم انتخابات رئاسية لاختيار خليفة لبوتفليقة؛ لكنه رفض العرض. كما تم الحديث عن إبعاد رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، خشية أن يستولي على الحكم. وكانت المخابرات التابعة لأركان الجيش على علم بهذه الاجتماعات التي جرت في منتجع سياحي بالضاحية الغربية للعاصمة. وقد أبلغ زروال الفريق صالح بتفاصيلها بعد نهايتها؛ خصوصاً ما تعلق بالتخطيط لعزله، فاستشاط غضباً وأمر باعتقال الجميع إلا زروال، وأعطى تعليمات للنيابة العسكرية بتكييف ما دار في الاجتماعات على أنه «تآمر على رئيس تشكيلة عسكرية»، و«تآمر على سلطة الدولة»، وهو ما كان، وتمت إدانتهم على هذا الأساس.
وقال المحامي قسنطيني أن التهمتين «لا يقابلهما أي دليل في الوقائع». وتتوفر مؤشرات تدعو إلى الاعتقاد بأن «محاكمة المتهمين بالتآمر» ستفضي إلى براءتهم على أساس أن التهمة سياسية، دافعها شخصي. بمعنى أن قائد الجيش وظَّف نفوذه الكبير في السلطة للانتقام من أشخاص، فقط لأنهم أرادوا إزاحته من منصبيه كرئيس لأركان الجيش وكنائب لوزير الدفاع. ومن الواضح أن وفاة قايد صالح رفعت عن قيادة الجيش ضغطاً كبيراً. كما يوحي نقض الأحكام من طرف أعلى هيئة في القضاء بأن السلطة تبحث عن التخلص من «آثار صالح». واتضح ذلك بشكل لافت مع عودة وزير الدفاع الأسبق، اللواء خالد نزار، من مكان إقامته بإسبانيا، والذي اتهمه القضاء العسكري بـ«إهانة هيئة نظامية»، ودانه غيابياً بالسجن 20 سنة سجناً، بسبب سلسلة تغريدات بـ«تويتر»، هاجم فيها قائد الجيش، ودعا الضباط إلى إزاحته. وقد غادر البلاد بعد أن بلغه صدور أمر عسكري باعتقاله؛ لكن تم إلغاء التهم والمتابعة القضائية والأمر الدولي بالقبض بحقه، وعاد إلى بيته بالعاصمة منذ أكثر من أسبوعين، وعد ذلك إرادة من جانب الجيش لـ«استدراك أخطاء قايد صالح».
من جهة ثانية، وقع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس، المرسوم الرئاسي الخاص بتعديل الدستور، وذلك بعد عودته الثلاثاء من ألمانيا حيث تلقى على مدى شهرين العلاج إثر إصابته بكوفيد - 19.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن بيان لرئاسة الجمهورية أنه بعد التوقيع على المرسوم الرئاسي الخاص بهذا التعديل، سيصدر النص الجديد في الجريدة الرسمية. وجاء في البيان الرئاسي أن الخطوة تشكل «لبنة أساسية لبناء جزائر جديدة، تناسب وتتسع للجميع ولا تقصي أحدا».
وخلص الاستفتاء، الذي كانت نسبة المشاركة فيه الأدنى في تاريخ البلاد (23.84 في المائة) إلى موافقة على تعديل الدستور، علما بأنه أجري بغياب رئيس الدولة الذي كان يتلقى العلاج في ألمانيا. ونال النص الذي قدم على أنه استجابة لمطالب الحراك تأييد أقل من 15 في المائة من الناخبين المسجلين.
وكان مؤيدو الحراك قد دعوا لمقاطعة الاستفتاء.
ويتضمن النص الذي طرح على الاستفتاء تضمين الدستور مجموعة من الحقوق والحريات الإضافية، من دون المساس بأساسيات النظام «الرئاسي المعزز».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.