إدارة أوباما تعيد قطريا اتهم بأنه {مقاتل عدو} إلى بلاده

إطلاق سراحه من سجن شديد الحراسة

إدارة أوباما تعيد قطريا اتهم  بأنه {مقاتل عدو} إلى بلاده
TT

إدارة أوباما تعيد قطريا اتهم بأنه {مقاتل عدو} إلى بلاده

إدارة أوباما تعيد قطريا اتهم  بأنه {مقاتل عدو} إلى بلاده

أعادت إدارة الرئيس الأميركي أوباما مواطنا قطريا كان معتقلا لعلاقات تربطه بتنظيم القاعدة إلى بلاده، على نحو ما أفاد به المسؤولون الأميركيون، مما يضع حدا لـ13 عاما من إحدى الملاحم القانونية لأحد 3 مشتبه بهم في جرائم الإرهاب وكانوا يحملون صفة المقاتلين الأعداء على التراب الأميركي.
وكان علي صالح محمد المري (49 عاما) قد أطلق سراحه، الجمعة، من أحد السجون شديدة الحراسة في فلورانس بولاية كولورادو، بحسب مسؤولين أميركيين في إدارة الهجرة والجمارك. وبعد عدة ساعات، استقل المذكور طائرة مدنية تجارية من مطار دنفر الدولي، برفقة ضباط من إدارة الهجرة والجمارك، حيث بدأ رحلة العودة إلى العاصمة القطرية، الدوحة.
ويأتي إطلاق سراح المري، الذي جرى في هدوء تام من دون أي ضجة إعلامية تذكر، كعلامة فارقة بالنسبة لإدارة أوباما من حيث سعيها إلى فك الارتباط في شبكة الاعتقالات العسكرية والقضايا القانونية الأميركية الناجمة عن هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001 على الولايات المتحدة.
كما تأتي حادثة إطلاق السراح في الوقت الذي يكثف فيه الرئيس الأميركي من جهوده لإغلاق المعتقل العسكري بخليج غوانتانامو الكوبي، الذي احتجز فيه مئات المعتقلين الإسلاميين منذ 2001 من دون محاكمة. ورغم اعتبار معتقلي غوانتانامو من قبيل المقاتلين المعادين، فإن حفنة فقط من المعتقلين على التراب الأميركي هم من حملوا تلك الصفة.
حمل ذات الصفة، المقاتل المعادي على التراب الأميركي، كل من خوسيه باديللا، وهو من مواليد ولاية نيويورك الأميركية، وكان قد اعتقل إثر اتهامه بالتخطيط لشن هجمات باستخدام «قنبلة قذرة»، وكذلك ياسر عصام حمدي، المولود في ولاية لويزيانا، وقد ألقي القبض عليه مع القوات الموالية لحركة طالبان في أفغانستان. وأدين باديللا في وقت لاحق أمام إحدى المحاكم الفيدرالية الأميركية، أما حمدي فقد أرسل إلى السعودية في 2004.
كان المري، قد وصل إلى الولايات المتحدة وفقا لتأشيرة دراسية ولم يمض عليه وقت طويل حتى اعتقله مكتب التحقيقات الفيدرالية بمنزله في بيوريا بولاية ألينوي في ديسمبر (كانون الأول) 2001. وكان المسؤولون الأميركيون على قناعة من ارتباطات المري ببعض كبار القادة في تنظيم القاعدة، ومن بينهم خالد شيخ محمد، العقل المدبر، لهجمات الـ11 من سبتمبر، وكان المري قد أجرى بعض البحوث حول الأسلحة الكيماوية.
تغير مسار قضيته على نحو مفاجئ في يونيو (حزيران) 2003. حينما وصمته إدارة الرئيس الأميركي وقتها جورج دبليو بوش بوضعية «المقاتل المعادي» وأبقته رهن الاعتقال العسكري. ولما يربو على الـ5 سنوات، ظل المري معتقلا في سجن البحرية الأميركية في مدينة تشارلستون بولاية شمال كارولينا. وتعرض المري خلالها، على حد وصف محاميه، لمعاملة قاسية وصلت أحيانا إلى حد حرمانه من ضوء النهار والملابس أو الفراش الكافي.
يقول جوناثان هافيتز، أستاذ القانون والمحامي الذي يمثل المري «عند هذه النقطة، تحول الأمر من الملاحقة القضائية المجردة إلى قضية كبرى تتعلق بآثار الحريات المدنية. كانت إدارة الرئيس بوش تقول إنه من صلاحيات الرئيس إعلان أي شخص بأنه من المقاتلين المعادين للولايات المتحدة وبالتالي حرمانه من أبسط حقوقه الأساسية من حيث المحاكمة العادلة استنادا إلى مزاعم الاتهام بالإرهاب».
واتخذت قضية المري تحولا جديدا في 2009 حينما أمر الرئيس أوباما، الذي كان قد تعهد بإنهاء نظام الاعتقال العسكري في خليج غوانتانامو، بمراجعة اعتقال المري. ومن ثم انتقل المري مجددا إلى نظام السجون المدنية، وفي 2009 اعترف بأنه مذنب في تهمة تتعلق بالتآمر الجنائي.
في وقت لاحق من نفس العام، حكم أحد القضاة الفيدراليين على المري بقضاء 100 شهر في السجن. وقال المكتب الفيدرالي للسجون إنه نفذ معظم فترة محكوميته. يقول أندرو سافاج، وهو أحد المحامين الممثلين للمري، إن الحكومة الأميركية لم تربط المري مطلقا بأي هجوم إرهابي محدد.
وأضاف سافاج أن المري، الذي ليس قيد الاعتقال الحكومي في قطر، قد عاد إلى أسرته هناك. واستطرد «كان المري سعيدا سعادة غامرة لإطلاق سراحه عقب السنوات التي قضاها في الحبس الانفرادي».

* خدمة «نيويورك تايمز»



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.