مجلس النواب الليبي يحذّر من اندلاع حرب جديدة

صالح يدعو لـ«إنهاء الانقسام»... وتشكيل «حكومة وطنية»

المشير خليفة حفتر (رويترز)
المشير خليفة حفتر (رويترز)
TT

مجلس النواب الليبي يحذّر من اندلاع حرب جديدة

المشير خليفة حفتر (رويترز)
المشير خليفة حفتر (رويترز)

التزم مجلس النواب الليبي، الذي حذر من اندلاع حرب جديدة في البلاد، الصمت حيال إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، عن اتصالات سرية لبلاده مع مبعوثين لعقيلة صالح، رئيس «المجلس» الموالي للمشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني».
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء عن جاويش أوغلو، في تصريحات صحافية مثيرة للجدل أمس، أن «تركيا تتواصل مع الجانب الشرقي في ليبيا»، وقال إن صالح كان ينوي إرسال نائبه في زيارة لم تتم إلى تركيا، التي زارها في المقابل ممثله الخاص.
ولم يصدر على الفور أي تعليق من حفتر أو صالح، كما امتنع عبد الله بليحق، الناطق باسم البرلمان الليبي، عن الرد على محاولات الاتصال به هاتفيا. لكن مسؤولا مقربا من صالح قال لـ«الشرق الأوسط» إنه زار بالفعل العاصمة التركية أنقرة، وأجرى محادثات مع مسؤولين أتراك، تتعلق بمساعي صالح للحصول على منصب الرئيس الجديد لمجلس الرئاسة في السلطة التنفيذية، التي سيتم إقرارها في ختام أعمال المحادثات السياسية، التي تشرف عليها البعثة الأممية.
ومع ذلك نفى المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، أن تكون للزيارة علاقة رسمية الطابع بصالح. لكنه أقر في المقابل بأنه كان على علم بها. وقال إن المحادثات كانت تستهدف إقناع تركيا بعدم عرقلة حلفائها في ليبيا رئاسة صالح للمجلس الرئاسي للحكومة الجديدة المرتقبة، نافيا صلة المحادثات في الوقت نفسه بمساعي صالح لإحباط رغبة عدد من أعضاء البرلمان الليبي في إقصائه عن رئاسته، وترشيح شخصية أخرى بدلا منه.
ومن شأن صحة هذه المعلومات، بحسب مراقبين، أن تؤثر بالسلب على علاقات صالح مع حليفه حفتر، الذي سبق أن توعد الأتراك بالهزيمة، ودعا قواته لمواجهة من وصفه بـ«المحتل التركي»، الذي خيره ما بين الانسحاب أو الحرب.
وقال صالح في بيان له مساء أمس إنه «حان الوقت لإدراك أن إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، وإنهاء الانقسام السياسي والمؤسساتي، وإجراء الإصلاح المالي والاقتصادي، وتوفير جميع متطلبات تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في الموعد المقرر، تستوجب بناء قيادة سياسية موحدة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت». معتبرا أن «المسافة المتبقية للوصول إلى تسوية سياسية شاملة أقصر بكثير، وأقل تكلفة من تلك التي قطعناها. وقد حان الوقت للوقوف صفا واحدا، وتغليب المصلحة الوطنية على مصلحة الأفراد والجماعات»، وحذر من «أن ما هو متاح اليوم قد يكون مستحيلا في الغد».
في سياق ذلك، أشار صالح إلى أن المجلس الرئاسي الجديد «مطالب بالعمل على إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، ووقف التدخلات الخارجية السلبية، ودعم ومساندة حكومة الوحدة الوطنية للقيام بدورها الأساسي في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، والرفع من مستوى الخدمات الطبية والتعليمية، وتهيئة المواطن للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية العام المقبل». موضحا في هذا السياق أن «المرحلة التمهيدية، التي تبدأ من تاريخ مباشرة المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية لعملها من مدينة سرت كمقر مؤقت، ليست مرحلة صراع على السلطة، بل مرحلة العمل على توفير جميع الضمانات لتنفيذ بنود الاتفاق السياسي على الأرض». داعيا الليبيين لإدراك المخاطر التي تحيط بالبلاد، ومؤكدا أيضا على «ضرورة الانخراط في مسيرة الحل السياسي بنية صادقة، ورغبة حقيقية، باعتبارها الطريق الوحيد لتجنب عودة نزف الدم».
كما دعا صالح المجتمع الدولي، ممثلا في بعثة الدعم التابعة للأمم المتحدة في ليبيا، والدول الداعمة للحل السياسي، إلى الالتزام بمخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة والتصدي لمحاولات عرقلة مسارات التسوية السياسية الشاملة، ومساعدة الليبيين على بناء دولتهم المنشودة.
من جهة ثانية، استأنف «ملتقى الحوار السياسي الليبي»، الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، أعماله أمس لمناقشة آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة في البلاد، علما بأن الجولة الأولى من الملتقى، الذي استضافته تونس الشهر الماضي، انتهت بالإعلان عن إجراء الانتخابات العامة قبل نهاية العام المقبل.
إلى ذلك، قال العميد عبدالهادي دراه، الناطق باسم قوات «الوفاق» في غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة، أمس، إنه سيتم فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها «عندما يتم تنفيذ بنود اتفاق (5+5)، وعلى رأسها سحب (المرتزقة) الروس والجنجويد، وجميع الأسلحة وإزالة الألغام»، موضحا أن فتح الطريق أمام المواطنين «سيتم عقب تحقيق هذه الشروط حفاظا على سلامتهم».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.